اقتصاد وأعمال

توطئة لوضع إستراتيجية دائمة خفض الفقر .. ثلاثة خطوط تمثل نقطة ارتكاز

اتفقت وزارة المالية وبنك التنمية الأفريقي في أكتوبر من العام 2013م على إجراء مسح قومي لميزانية الأسرة والفقر لاستخلاص البيانات الأساسية لإعداد الورقة الكلية لاستراتيجية خفض الفقر ما دعا الجهاز المركزي للإحصاء لإجراء المسح القومي للميزانية كجزء من تنفيذ ورقة استراتيجية خفض الفقر ويعتبر المسح الرابع من نوعه في السودان بعد مسوحات تمت في الأعوام 68-78- و2009م بهدف توفير الإحصاءات التي يمكن استخدامها في البرامج والسياسات الاقتصادية والاجتماعية.
واشتمل المسح على الإنفاق والاستهلاك للأسر والاستهلاك للسلع الغذائية والرفاه للأسر والفقر ومعايير تحديده في المجتمع. وبلغ حجم العينة 13800 أسرة ممثلة لولايات السودان الـ18 وكان عدد الأسر المستجيبة في الثلاث جولات مجتمعة 11953 بنسبة 87%. وأشارت نتائج الدراسة إلى أن متوسط الاستهلاك السنوي للفرد في السودان عام 2014م التي اعتمدت عليها الدراسة يعادل 6082 جنيهاً. ومتوسط الاستهلاك للفرد في الحضر أعلى من الريف ما بين 7149و5509 على التوالي وعلى مستوى الولايات فإن ولاية الخرطوم الأعلى تليها الولاية الشمالية، ثم نهر النيل. وكانت ولايات دارفور وكردفان الأقل في مستوى الاستهلاك. وبلغ معدل الاستهلاك الغذائي السنوي للفرد في عام 2014م حوالي 3636 جنيهاً ويمثل الغذاء العنصر الرئيس للإنفاق ويمثل 60% من الاستهلاك الكلي مع فرق جوهري بين الحضر والريف 53% و64%.
وكانت نتائج المسح القومي لميزانية الأسرة والفقر للعام 2014-2015م والذي أجراه الجهاز المركزي للإحصاء بالتعاون مع البنك الافريقي للتنمية والذي ساهم بمبلغ 3.2 مليون دولار لمقابلة تكاليفه، أشارت إلى أن نسبة الفقر في السودان تراجعت إلى 36.1%. وقالت ذات النتائج إن واحداً من أصل أربعة أشخاص يقع تحت خط الفقر المدقع 25%، وبلغت نسبة الفقر في الحضر وفقاً لنتائج الدراسة 37.3% وفي الريف 35.5%. واعتمدت نتائج الدراسة وفقاً لأسعار العام 2014م. وأوضحت النتائج أن الولاية الشمالية والجزيرة ونهر النيل هي الأقل فقرًا. أما جنوب كردفان والبحر الأحمر ووسط وغرب دارفور الأكثر فقراً.
وحسب نتائج الدراسة فإن الخرطوم حازت على نسبة 17.4% من السكان، تليها الجزيرة بـ11.5% ثم شمال كردفان 9.3% وجنوب دارفور 7.8% ثم شمال دارفور 6.9% تليها النيل الأبيض 5.9% ووفقاً لآخر إحصاء أجري في العام 2009م، فإن نسبة الفقر بلغت 46.5% ويقدر عدد سكان السودان بعد الانفصال بقرابة تسعة وثلاثين مليوناً ونصف المليون نسمة بناء على تقديرات العام 2016م.
وحددت نتائج المسح القومي لميزانية الأسرة والفقر ثلاثة خطوط للفقر منها خط الفقر الأعلى والأدنى والغذائي، وقالت الدراسة التي أجراها الجهاز المركزي للإحصاء والبنك الأفريقي للتنمية أن خط الفقر الأعلى يساوي خط الفقر الغذائي زائدًا الاستهلاك غير الغذائي للأسر التي استهلاكها الغذائي للفرد يساوي قيمة خط الفقر الغذائي ويمثل القيمة المالية التي تسمح للأسر بتغطية كامل احتياجاتها الغذائية وغير الغذائية دون الحاجة للتضحية بأي منها. أما الأدنى وهو خط الفقر الغذائي زائداً قيمة الاحتياجات غير الغذائية التي لا يمكن الاستغناء عنها والتي اضطرت الأسر إلى الاستغناء عن بعض احتياجاتها الغذائية للإنفاق على غير الغذائية. والغذائي هو قيمة سلة الغذاء التي تحقق الاحتياجات الأساسية للفرد من السعرات الحرارية والتي حددتها منظمة الزراعة والأغذية العالمية “الفاو” بمقدار 2110 سعراً حرارياً للفرد في اليوم واعتمدها البنك الأفريقي للتنمية لأغراض المسح.
وفيما يتعلق بخط الفقر للحضر والريف، فقد تم تحديد خط فقر للحضر وآخر للريف، وذلك نسبة للاختلاف في تكلفة المعيشة بين الريف والحضر، وبلغ حد الفقر الغذائي في عام 2014م حوالي 2966 جنيهاً في الحضر و2698 جنيهاً في الريف، كما بلغ خط الفقر حوالي 5110 جنيهاً للفرد في السنة في الحضر و4044 جنيهاً في الريف.
وأظهرت نتائج الدراسة أن البطالة تعتبر سبباً رئيسياً للفقر في السودان، وتظهر أن 50% من الأفراد الذين يعيشون في أسر معيشية ورب الأسرة فيها متعطل رغم أنهم يمثلون فقط 2.4% يعيشون تحت خط الفقر. وقالت الدراسة إنه كلما ارتفع المستوى التعليمي فإن احتمال الوقوع في الفقر ينخفض بشكل كبير، حيث وجدت إن اثنين من أصل ثلاثة من الفقراء في السودان ينتمون إلى أسر ورب الأسرة فيها أمي أما المجموعات السكانية التي رب الأسرة فيها جامعي فتظهر انتشارًا أقل نسبياً في الفقر.
وقال الدكتور كرم الله علي عبد الرحمن المدير العام لجهاز الإحصاء إن المسح يعد الأول من نوعه بعد انفصال دولة جنوب السودان حيث تم المسح في السودان في الأعوام 68-78- 2009م، مبيناً أنه تم بدعم من البنك الأفريقي للتنمية اشتمل على جمع وتحليل البيانات واتباع أفضل الأساليب في تعريفات الفقر ومؤشراته برغم الاختلاف على تلك التعريفات عالمياً مؤكداً أن القضاء على الفقر من ضمن أهداف التنمية المستدامة لأجل وضع سياسات فاعلة.
أما أحمد سعد عمر وزير رئاسة مجلس الوزراء فقال إن الحكومة تظل تسعى لتحسين نقاط الضعف وتعزيز القوة، مبيناً أن استراتيجية الدولة تعتمد على رؤية شاملة الأبعاد من خلال اعتمادها على بيانات تعكس الواقع من خلال مسح علمي دقيق متفق عليه لأجل الارتفاء بالمجتمع عبر طرق جمع البيانات والقدرة على التنبؤ بالمستقبل والتكيف مع الظروف الخارجية من الممولين.
وأكد سعد أن الحكومة ماضية في الارتكاز على نتائج الدراسات والأبحاث العلمية والنهوض بمستوى الأداء وزيادة الدخل القومي وتوسيع نطاق الخدمة وصولاً نحو مجتمع الكفاية والعدل وقال إن وزارته وضعت خطة استراتيجية لتطوير الخدمات الإحصائية كقاعدة للتخطيط وتم الاتفاق في موازنة العام الجاري على نسبة مقدرة لتأهيل الإحصاء، مشيراً إلى العمل على تطبيق دراسة الإحصاء وعمل تقييم شامل لما تم تقديمه خلال المرحلة الماضية واستشراف المرحلة المقبلة لزيادة الإنتاج والإنتاجية واستكشاف موارد جديدة.
محمد عثمان الركابي وزير المالية والتخطيط الاقتصادي قال إن محاربة الفقر ودعم الخدمات الأساسية من أهم أهداف الخطط والبرامج الاقتصادية لأنها تعتبر ركيزة للنهضة التنموية الشاملة، وقال إن الاستراتيجية المرحلية لخفض الفقر بدأت منذ العام 2012م وكان لها أثر في توجيه الصرف نحو مناصرة الفقراء عبر التدخلات لدعم قطاعات الصحة والتمويل الأصغر وتشغيل الخريجين والتدريب المهني وفرص العمل وزيادة الإنتاج والإنتاجية لصغار المزارعين وعملت أيضاً على زيادة دخل الحرفيين والمهنيين.
وقال الوزير إن المسح الحالي يعتبر الخطوة الأساسية نحو كتابة الاستراتيجية الدائمة لمحاربة الفقر حتى تكون من الأعمدة الأساسية لتوجه صرف الدولة، وأشار الوزير إلى أن بنك التنمية الأفريقي ساهم بمنحة 3.2 مليون دولار لمقابلة تكاليفه وكتابة استراتيجية لخفض الفقر مؤكداً أن الجهود مستمرة لكتابة استراتيجية دائمة لخفض الفقر في السودان .

الصيحة.