هل الحظر سيوفِّر لنا الدولار؟
أخيراً أصدر وزير التجارة الخارجية الأستاذ “حاتم السر” قراراً قضى بحظر تسع عشرة سلعة، معظمها ليس من السلع الأساسية التي يحتاج لها المواطن في حياته اليومية، أو هي سلع أصلاً متوفرة بالبلاد مثل: الأسماك التي يتم استيرادها من إحدى الدول الأفريقية، ولكن هل القرار الذي أصدره السيد الوزير؟ هل بالإمكان أن يوفِّر لنا عملة صعبة أو يساعد في خفض سعر الدولار الذي ظل في حالة تصاعد رغم رفع الحظر الاقتصادي؟، ولا ندري هل السيد الوزير درس القرار مع جهات فنية داخل الوزارة أو (طك حنك) ومن ثم صدر القرار؟، نحن لا نثبِّط همم الوزير وقراره الذي بالتأكيد سيساعد على الأقل في وقف سلع أصلاً ما محتاج لها المواطن، ولكن حتى لا يستغل التجار غياب السلع التي تم حظرها ويعملون على زيادة أسعار المواد الموجودة وتم حظرها، فشح المواد أو اختفائها بالتأكيد سيزيد من أسعارها. إن قرار ملاحقة تجار العملة وزيادة العقوبة عليهم لم توقف تصاعد سعر الدولار، لأن الشح سيجعل كل من له مبلغ ولو كان تافهاً سيتمنى فيه السعر الذي يرغب فيه، لذا فإن الحظر على التسع عشرة سلعة، وأن كان أغلبها ليس من الضروريات، ولكن لدى البعض تعد من الضروريات وإذا أراد أحد الشراء بالتأكيد ستكون هناك مزايدة في الأسعار أو مبالغة فيها، وحسناً أوقف السيد الوزير استيراد الأسماك والعصائر واللحوم والخضروات والثمار والشعيرية والسكسكانية والزهور الصناعية واللعب وغيرها من السلع التي طالها القرار، ولكن من المفترض أن تضاف إلى القائمة سلع أخرى لسنا في حاجة إليها وتشكِّل عبئاً على العملة المحلية فمثل هذه القرارات جيِّدة، ولكن لابد أن يقابلها إنتاج في مجالات أخرى، لأن الإنتاج هو الذي سينعش الاقتصاد وسيعمل على إنعاش العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، فالدولة محتاجة إلى جلوس أهل الشأن من أهل الاقتصاد مع الوزراء والمسؤولين للخروج بآراء تنير الطريق في المناطق المعتمة أو المظلمة وإلا فكل وزير سيعمل على إصدار قراراته، ولكن ثم ماذا بعد هذه القرارات فالشعب السوداني قاطبة كان يعيش على أمل رفع العقوبات الاقتصادية والكل كان ينتظرها زي هلال العيد، وكان يأمل أن تعود الحياة الرغدة وتنتعش العملة ويعود الجنيه على الأقل كما كان خلال فترة ما قبل الانفصال، ففترة ما قبل الانفصال عاش المواطن في بحبوحة من العيش وحتى السلع التي حظرها السيد الوزير الآن كانت بتراب الفلوس، فالبترول جعل للجنيه السوداني قيمة حتى تترِّيق الإخوة المصريين وقتها علينا، وجاءت العمالة المصرية بكثافة في كل المجالات، وأصبح الجنيه السوداني يساوي اثنين جنيه مصري، والعامل المصري الذي يتقاضى مائة جنيه، يحوِّلها إلى مصر لتصبح مائتي جنيه، وظللنا في حالة الانتعاش، هذا ولم نتوقع أن نفيق منه هذا الحلم الجميل لتعود سليمة إلى قديمة، بل أسوأ ما كنا عليه ففجأة تصاد الدولار من ثلاثة إلى خمسة إلى ستة إلى تسعة إلى أثني عشر، وهكذا ظل التصاعد إلى أن وجدنا أنفسنا بين ليلة وضحاها والدولار قارب أن يصل إلى الثلاثين لو تدخَّل السيد رئيس الجمهورية وصدرت القرارات الأخيرة التي جعلته يتأرجح ما بين العشرينات بعد زيدت عقوبة المتاجرين فيه، لذا فإن قرارات السيد وزير التجارة لو لم تقابلها عمليات إنتاج في مواقع أخرى فلا نحلم أن يكون عائدها له أثر على الاقتصاد قريباً.
صلاح حبيب – لنا راي
صحيفة المجهر السياسي