تحقيقات وتقارير

موازنة 2018م.. تحديات التقشف والعجز


لم يتفاجأ كثير من المتابعين لما جاءت به موازنة العام 2018م من مؤشرات وأرقام تبين العجز فيها بأكثر من 28 مليار جنيه وذلك استناداً إلى عجز موازنة العام الجاري 19 مليار جنيه تمثل 2.8 مليار دولار بنسبة 2.11 % من الناتج المحلي الإجمالي.
وأرجع كثير من الخبراء توقعاتهم إلى نسبة التضخم الكبيرة التى شهدتها البلاد خلال العام الجاري وارتفاع غير مسبوق لأسعار السلع والأدوية، إلا أنهم طالبوا الحكومة بعدم اللجوء إلى طباعة النقد لسد العجز، والاتجاه نحو الاستدانة من الأوراق المالية “شهادات شهامة” والقروض والمنح وتجنب الصرف على المكشوف لأنه يتسبب في زيادة التضخم وتآكل الجنية وافقار المواطن.
ويرى بعضهم أن دواعي سد العجز هى الاستلاف من النظام المصرفي أو الجمهور أو القروض ما لم يكن هنالك اتجاه باجراءات خاصة لسعر الصرف. وفند آخرون الحديث عن التقشف قائلين بأنه يحتاج إلى قيادة إدارية فعالة ورشيدة، هذا لم يتوفر في “حكومة الحوار الوطني” بالتالي تفتقر إلى قدرة الحزم بل تسعى إلى ترضية أكبر قاعدة للتجمعات السياسية، بالتالي لا تستطيع أن تنفذ “التقشف”. وفي ظل الحديث عن تقليل الانفاق العام هنالك ترهل في الخدمة العامة يحتاج إلى إعادة هيكلة.
صحيح أن الموازنة لم تشمل رفع الدعم عن السلع والمحروقات نهائياً، بل تتدرج فيهما، كما لا توجد ضرائب جديدة، ولكن تتوسع في مظلتها وتسعى للعمل على زيادة حقيقية للإيردات دون تحميل أعباء على المواطنين، وتركز بالتوسع في المظلة الضريبية ومحاربة التهريب الضريبي والجمركي.
وبما أن توطين الصناعات الهندسية وتطوير قدرات الأجهزة الإعلامية وتفعيل دور الشباب والإرشاد والرياضة والثقافة وخفض عجز الموازنة للحدود الآمنة وبسط الأمن وتعميم السلام والعمل على إعادة تنظيم سوق النقد الأجنبي من بين أهداف الموازنة الكلية إلا أن خفض العجز في الميزان التجاري وخفض الفقر ومعالجة أسبابه، وتوسيع التغطية بنظام التأمين الاجتماعي وتطوير البنية التحتية في مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي، وتعزيز ثقافة العمل الطوعي واستخدام تطبيقات تقانة المعلومات لتحسين وجودة أداء الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين يظل يواجه بعقبات كبيرة.
خبراء اقتصاد قالوا إنها لا تخلو من سابقاتها لا جديد فيها، وأنه لو قدر لها حمل بشريات هي تنفيذ الاتفاقيات التي وقعت مع الشركات الروسية للتنقيب عن الذهب والنفط والغاز “أوقفت سبيرين الروسية أمس الأول” هذا كفيل بإعادة الثقة للاقتصاد الوطني وزيادة قيمة الجنيه والتقليل من تآكل العملة والتضخم” يمكن أن يحدث استقرار.
يقول الخبير الاقتصادي عبدالله الرمادي مازالت المشكلة قائمة والتصدي لها، أيضاً مازال الفقر منتشراً، والفساد والعجز والتشوهات في الاقتصاد السوداني. واعتبر الجدية غير موجودة لمعالجة أسباب العجز والترهل في الانفاق الحكومي في ظل محدودية الإيرادات. وقال ما لم يتم خفض الانفاق الحكومي تصبح المعالجات غير مجدية. إضافة إلى فتح باب الاستيراد لكل شخص، في وقت يذهب فيه سنوياً للعلاج بالخارج 600 ألف شخص. وقال “هذا وضع مخل”. ويرى أن التشوهات تحتاج لعلاج ولا يمكن معالجة قضايا المعيشة في ظل ارتفاع معدلات التضخم المعترف به رسمياً من قبل الدولة.
أما الخبير الاقتصادي الفاتح عثمان يرى أن ما حدث لموازنة العام 2017 من ارتفاع تضخم وأسعار سوف ينسحب على الموازنة المقبلة، وتسبب تآكل مداخيل المواطنين وزيادة نسبة الفقر بشكل عام إضافة إلى مشاكل الصحة والتعليم والمواصلات. وقال إن الحديث عن رغبة المواطنين يجب أن تكون خطاً أحمر وأن تسعى الحكومة لحل أزمات المواطنين بطريقة فعالة، وأن الاستثمار في المدن الكبرى يتوقف على أشياء محددة من ضمنها المواصلات، فإن لم تتوفر ستؤثر سلباً.. مؤكد أن المواطن ما عاد بإمكانه دفع فاتورة إضافية جديدة.
ولكن الميزانية لا يبدو أنها تحمل معالجات لهذه النقاط الثلاث، بل الحديث على عمومه لا يحمل معالجة لمشكلة المواصلات أو التعليم والصحة. وأضاف: “ستستمر أزمات المواطنين وتتناقص مداخليهم وترتفع وتيرة الفقر”. من الواضح لا توجد معالجات فعلية للحد من الفقر أو تحسن الظروف المعيشية.
واعتبر الفاتح العجز في الموازنة ليس بمشكلة، ولا توجد دولة بدون عجز، بل المطلوب هو الحفاظ عليه في نسب معقولة بألا يصل إلى ثلث الموازنة. فكلما كان قليلاً تسهل معالجته. وأهم شيء هو عدم اللجوء إلى طباعة النقود، بل يجب سد العجز من الاستدانة من الأوراق المالية “شهامة”، وتجنب الصرف على المكشوف الذي يزيد من التضخم.
ويرى بعدم فعالية برامج التقشف التي اتبعتها الحكومة نتيجة لغياب الإدارة الفعالة، بل إنها تسعى إلى إرضاء أكبر قاعدة للتجمعات الحزبية، ما يزيد من الترهل في الخدمة المدنية والعكسرية.
أما الاقتصادي هيثم فتحي يرى أن الحكومة لم تستطع زيادة الإنتاج خلال العام 2017م الذي أعلنت فيه حزمة من الاجراءات الاقتصادية خاصة تلك التي أوصت بخفض الانفاق العام. ويطالب بتفعيل الرقابة على الاستيراد، وضبط ومراقبة أسواق الصرافات، الاهتمام بمصادر الدولار الأساسية المتمثلة في زيادة الإنتاج ورفع مستوى الصادرات وجذب الاستثمارات الحقيقية التي تسهم بشكل فاعل في دعم الميزان التجاري للدولة.

الصيحة.