آمنة الفضل

تجارة خاسرة


* الحاجة زينب امرأة بلغت من الكبر عتيا ، يرافقها زوجها حاج أحمد على امتداد عمر يناهز السبعين عاما ، يحتويهما بيت غاية في الفخامة ، كل قطعة فيه تقدر بالكثير من الأوراق النقدية ، لا تسمع لهما صوتا إلا اذا جلست بقربهما، يضحكان بلا تحفظ ويجتران الذكريات القديمة ، لا يملان بعضهما البعض ، منسجمان حد الدهشة ، لا يشكيان من شيء سوى سطوة الكبر وصمت الجدران ، و هجرة ابنهما الوحيد …
* جميع الغرف مغلقة لا يتم فتحها إلا للنظافة مرة في الأسبوع ، ثم تغلق من جديد ،اجمل ما يمكن أن تقدمه لهما الولوج إلى منزلهما وتجاذب أطراف الحديث معهما ثم تغلق المدخل حينما تغادر ، شرط أن توعدهما بزيارة قريبة ، فينثران على خطواتك الكثير من الابتهال والثناء…
* أسأل نفسي أحيانا ما الذي سيجنيه ذلك الابن الوحيد، من هجرة يدفع ثمن مرارتها أبواه وهما في أشد الحاجة إليه، أشعر بالحزن كلما سألتها عن احفادها وهي تردد لم أراهمها منذ أعوام ، تعود ابني أن يأتي وحده في الاعوام الأخيرة ، فقط يحمل معه بعض الصور في هاتفه الذي لا استطيع التحديق فيه طويلا لضعف بصري ، فجأة تتزاحم على عيون حاجة زينب دموع حرقة واشتياق وقلة حيلة ، تأتي بعدها الفتاة التي تقوم على خدمتها بجلب القطرة التي تحبس بقايا تلك الدموع إلى أجل غير مسمى …

قصاصة أخيرة
بئس الأبناء وتباً لبريق الغربة.

قصاصات – آمنه الفضل
صحيفة الصحافة