تحقيقات وتقارير

القضارف .. نيران الضرائب تنفر المزارعين

مدير عام الأقطان : “ الحكومة تقول كلام والولايات تنفذ كلام آخر”
مزارعون : لم يتم إعفاؤنا من أي ضريبة.. واذا استمر الحال سنهجر الزراعة

على الرغم من إعلان وزارة المالية الاتحادية القاضي بإعفاء مدخلات الإنتاج الزراعي من أي رسوم وضرائب تُفرَض على المزارعين، وتقوم وزارة المالية بتعويض تلك الولايات بدعم قومي بديلاً عن تلك الرسوم المتحصلة من المزارعين، إلا أن هناك ولايات ضربت بذلك القرار عُرض الحائط، ومازالت تثقل على المزارعين بالضرائب الباهظة لتزيد من معاناتهم فى ظل الظروف التى يعاني منها المزارعون المتمثلة في مشكلات الري، ونقص العمالة، وتدني الإنتاجية، في ظل كل هذه الظروف تقوم ولاية القضارف بالحصول على نصيب الأسد بفرضها ضرائب على المزارعين، وحصولها على الدعم القومي المقدم لها من وزارة المالية دون مراعاة لأوضاع المزارعين

ضرائب باهظة
وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي أعلنت إعفاء مدخلات الإنتاج الزراعي والصناعي وجزء من قطاعات الصحة والكهرباء من الرسوم الجمركية والضرائب، حيث أكد وزير الدولة بالمالية، عبدالرحمن ضرار، أن القطاع الزراعي معفي من الضرائب، فى حين لايزال يعاني عدد من المزارعين من الضرائب المفروضة، وأوضح عدد من المزارعين بأنهم مازالوا يدفعون ضرائب ولم يتم اعفاؤهم من أي ضريبة، وشبه أحد المزارعين فرض الضرائب وطريقة تحصيلها بعهد نابليون، لما يواجهونه من قوة في جمعها، وقال التاجر عبد المجيد شاع الدين إن الضرائب والرسوم المفروضة على جوال القطن تصل إلى (160) جنيه، اما البذرة فتصل إلى (300) جنيه للجوال، وأضاف هذا غير الرسوم الإدارية الأولية .
وقال إذا استمر الحال كماهو عليه فلن يستبعد أن يترك المزارع الزراعة، ويتجه إلى مجالات أخرى، وتفقد الولاية نصيبها في الزراعة، وفي ذات السياق ذهب المزارع عوض عبد الرحمن إلى أن معظم معاصر الزيوت توقفت بسبب الرسوم والضرائب المفروضة، وظلت البذرة مكدسة في محالج الرهد.
ونوه إلى أن أسواق القضارف بدأت تفقد الكثير من المشترين، نسبة للرسوم والضرائب التي ظلت تفرضها الولاية على المحاصيل، وأصبحت أسواق القضارف غير قادرة على منافسة أسواق الولايات الأخرى، وأضاف: “المزارع ظل يدفع رسوماً وضرائب لا توجد إلا في القضارف، فهناك ضرائب تؤخذ مباشرة من المزارعين، وأخرى من التجار، وهي رسوم تأتي خصماً من العملية الزراعية ككل .

رسوم لاتطاق
وبالمقابل قال مدير عام شركة الأقطان محيي الدين على أن الرسوم مازالت تفرض على المعدات الزراعية ومدخلات الإنتاج داخل ولاية القضارف، وتحجز الآله وتعطل يومين لثلاثة أيام، وأوضح أن توجيهات الحكومة الاتحادية لا تنفذ على أرض الواقع في الولايات، وزاد بقوله (الحكومة تقول كلام والولايات تنفذ كلام آخر) وأضاف الأسوأ من ذلك مايفرضه ديوان الزكاة على التجار من جبايات، فإذا قام المشترى بشراء القطن من المزارع بسعر (1250) جنيه فأن ديوان الزكاة يلزم المشترى بدفع 1600 جنيه، واستنكر محيي الدين أن يدفع المشترى ذلك المبلغ، ووصفها بأنها تؤخذ كجباية وليس زكاة، وقال تؤخذ تلك الرسوم مزدوجة من جوال القطن ومن نفس الجوال تؤخذ أيضاً رسوم على البذرة، وأوضح أن تلك الرسوم محبطة للمنتجين.
ووصف الأوضاع التى يعيش فيها المنتجون بأنها أصبحت جحيماً، وأضاف قائلاً: (أنا كمستثمر إذا وجدت طريقة لنقل استثماري من القضارف إلى الجزيرة فلن أتردد، لأن رسوم القضارف هي أسوأ رسوم وقاتلة ولا تطاق).

هجر الزراعة
من جانبه انتقد أمين أمانة الزراع والرعاة بالمؤتمر الوطني التجاني السفوري الرسوم التى تفرض على المزارعين، ووصف تلك الرسوم بأنها تمثل عائقاً أمام إنتاج محاصيل الصادر، وعائقاً للعملية الإنتاجية، وتؤدي إلى عزوف المستثمرين، وبالتالي إذا كسبت الولاية عشرة فإنها سوف تخسر ألفاً، وأضاف قائلاً: للأسف قانون الحكم الاتحادي أعطى الولايات الحق في إصدار الأحكام والتشريعات الولائية، ولتفادي فرض تلك الرسوم أُعطيت كل ولاية صندوق تعويض عن الرسوم الزراعية.
وأكد السفوري على أن أي رسم بغير قانون مرفوضة، وأي رسم فرض بقانون التزمت الدولة بتعويض الولاية عنه، وأشار إلى أن ميزانية العام 2018م مستهدفة زيادة الإنتاج والإنتاجية، والإنتاج من أجل الصادر في عدد من السلع التي حددها البرنامج الخماسي ومنها القطن ليتم تحقيق الأكتفاء الذاتي وسد الفجوة بين الصادر والوارد، وطالب السفوري الولاية بإعادة النظر في أمر الرسوم بأفق واسع، حتى تعم الفائدة، وأكد أنهم فى أمانة الزراع مع المزراعين وسيدافعون عن حقوق المزراعين، وتعهَّد بمناقشة الرسوم المفروضة مع الجهات المسوؤلة لاعاقتها عملية الإنتاج.
وأوضح مدير مشروع الرهد الزراعي عبد الله محمد أحمد أن هنالك قراراً صدر من المركز بإعفاء المشاريع القومية من دفع أى رسوم، واحتجت ولاية القضارف على ذلك القرار، وبعد تعهُّد المركز بدفع تعويض الضرائب التى يتحصلون عليها من المزارعين بأن تأتي كدعم قومي للولاية، وقال إن ولاية القضارف قامت بإعفاء الجزء الواقع من المشاريع في ولاية الجزيرة، بينما تتحصل من المشاريع التي تقع في ولاية القضارف.
وأوضح عبدالله أن إنتاجية هذا العام عالية ومبشرة، حيث بلغت (10) ألف قنطار في اللقطة ألاولى، وتوقع إنتاجية أكبر في اللقطتين القادمتين، ولكنه عاد وقال إن الرسوم العالية تجعل المزارع يبيع بربح أقل، ولم يستبعد عبد الله أن يهجر المزارعون الزراعة بسبب ما يفرض عليهم من رسوم وضرائب باهظة، وأشار إلى سعيهم لتقليل الرسوم حتى لا تقف عائقاً أمام المزراعين، وقال لدينا اتصالات مع وزارة المالية وعوض الجاز.

انتهاك حقوق
وأعتبر عضو المجلس التشريعي بولاية القضارف سابقاً عبد القيوم محمد أحمد الرسوم الباهظة التي تؤخذ من المزارعين بأنها محرمة، وذلك لأن المشروعات القومية المروية تأتي إليها المدخلات غالية وتدفع ضريبة ماء وأرض، وقال إن ولاية القضارف تفرض رسومها دون مراعاة لأوضاع المزارعين، ووصف فرض الرسوم والضرائب من قبل تشريعي القضارف انتهاكاً لحقوق المزارعين، مطالباً الحكومة الاتحادية بالانتباه لمثل تلك التفلتات .. وقال عند زيارة عوض الجاز للولاية وجه بعدم وضع رسوم على المشروعات المروية وتسهيل العمليات الزراعية، ومساعدة المزارع وتحفيزه علي الإنتاج، ولكن كل ذلك لم يحصل.
وبرر معتمد محلية الفاو محمد الطيب الرسوم التى تفرض بأنها قليلة وأقل من نصف في المائة، وقال هنالك بعض الزيادات سوف تُفرض، ولكنها زيادات بسيطة ولا تؤثر على الإنتاج ولا علي المزارع مؤكداً أن فرض الضرائب والرسوم يعتبر من أكبر معوقات الإنتاج وتحديداً الصادر، ورفض الطيب التحدث عن الدعم الذى يأتي للولاية بديلاً عن تلك الضرائب المفروضة على المزارعين.
ولم تستطع الصحيفة الوصول إلى رئيس المجلس التشريعي بولاية القضارف بحكم أنه الجهاز الرقابى، رغم الاتصالات المتكررة ووعده بالرجوع للصحيفة للرد على أسئلة المحررة.

فتوى دينية
ومن الناحية الدينية توجهنا بسؤالنا لهيئة علماء السودان: فقال الشيخ محمد أحمد الحسن إن زكاة القطن كمحصول زراعي تكون في المشروعات الكبري في المطرية العشر، والمروية نصف العشر .