تساؤلات خبراء ما اذا كانت الحكومة ستفسح مجالا للقطاع الخاص بتنفيذ خطته “الثلاثية” للنهوض بالبلاد
يشغل وضع الاقتصاد في البلاد كل القطاعات، بما فيها القطاع الخاص الذي يبدو حاليا أكثر الجهات نشاطا من أجل المساهمة في تلافي الآثار الاقتصادية السلبية على المواطنين، وفي هذا الصدد كشفت رموز بارزة في مجال النشاط الاقتصادي الخاص عن خطة طموحة تستمر لثلاث سنوات تشمل مشروعات ذات طابع تجاري ولكنها في الأساس تستهدف التنمية وزيادة الإنتاج والإنتاجية، بيد أن تحديات عديدة تواجه هذه الأفكار في مقدمتها ضرورة الدعم السياسي، وإزالة عقبات الاستثمار المزعجة، فضلا عن تراجع الحكومة عن مجالات تجارية لصالح القطاع الخاص.
(1)
تعد أبرز مشروعات الخطة الثلاثية، شراكة بين الحكومة والقطاع الخاص تهدف إلى رفع عائدات الصادرات الزراعية واللحوم إلى 10 مليارات دولار، بنهاية عام 2020، ويتوقع أن تبلغ إيرادات الصادرات الزراعية 2.5 مليار دولار، هذا العام، على أن ترتفع إلى 6.3 مليارات دولار في 2019، ثم إلى 10 مليارات دولار في 2020.
وتقدر التكلفة الكلية لتنفيذ الخطة بنحو 3 مليارات دولار، تلتزم الحكومة فيها بتوفير الضمانات المالية للقطاع الخاص، الذي يقع على عاتقه توفير تلك الكُلفة المالية.
ويؤمل الاقتصاديون أن تحدث الخطة نقلة نوعية في الزراعة، من إطارها التقليدي الحالي إلى أطر حديثة تزيد الإنتاج، وتحقق الاكتفاء الذاتي، ومن ثم التوجه بالفائض نحو السوق العالمي.
وتشمل الخطة زراعة حوالي 5.5 ملايين فدان، ومتوسط إنتاج يقدر بحوالي 100 كيلوغرام للفدان، مع إنشاء مسالخ حديثة ومحالج للقطن وبورصات للحوم ووسائل نقل وتبريد حديثة.
وبلغت إيرادات الصادرات السودانية خلال العام الماضي 2.5 مليار دولار، ارتفاعا من 1.8 مليار دولار في 2016.
(2)
يقول رئيس غرفة الصادرات في اتحاد أصحاب العمل، وجدي ميرغني، إن خطة القطاع الخاص مع الحكومة تهدف إلى زيادة إنتاج 13 محصولاً زراعياً، أبرزها القمح والذرة والصمغ العربي والحبوب الزيتية، إلى جانب إنتاج اللحوم.
ويؤكد وجدي التزام القطاع الخاص بتوفير تمويل الخطة بنحو 800 مليون دولار، في عامها الأول، ثم بأكثر من 900 مليون دولار، في العام الثاني، قبل أن يصرف لها مليار دولار في السنة الثالثة.
ويعول برنامج الاقتصاد الخماسي الذي تنتهجه الحكومة ويواجه بعراقيل عديدة، على على دور كبير للقطاع الخاص يتجاوز نسبة 89%. حسب الماحي خلف الله رئيس القطاع الاقتصادي بولاية الخرطوم في حزب المؤتمر الوطني.
ومن المخطط أن يشكل مجلس للتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص يتكون من 100 عضو، تمثل فيه الحكومة بـ 14 عضواً فقط، وتكون مهمته النظر في المعوقات التشريعية والإدارية التي تحد من انطلاق القطاع الخاص.
(3)
يقول سعود البرير، رئيس اتحاد أصحاب العمل، إن القطاع الخاص سيتولى توفير التمويل الخارجي بجانب تحمله تكلفة الدراسات وتقديمه للضمانات في حالة الحصول على مبالغ من الخارج. وتوقع أن يشهد السودان استقرارا اقتصاديا بعد تنفيذ الخطة، التي ستساهم في خفض العجز في الميزان التجاري.
ويرى البرير أن القطاع الخاص أصبح مؤهلا للحصول والتفاوض واستقطاب التمويلات الخارجية بعد رفع العقوبات الأميركية في أكتوبر الماضي، معلنا أنهم وضعوا خطة للترويج والتسويق للصادرات السودانية تم إعدادها بواسطة خبراء متخصصين في هذا المجال.
وتتطلع الموازنة الجديدة للسيطرة لزيادة الاستثمارات العامة بمعدل 17.6 في المائة، وإضافة 60 ألف وظيفة عبر الفرص التي قد توفرها مشروعات خطة القطاع الخاص.
(4)
رغم الآمال المعقودة على خطة القطاع الخاص، إلا أن تنفيذها على أرض الواقع يحتاج إزالة العديد من العقبات، إذ يرى اقتصاديون أن الإنتاج في البلاد يواجه بمشكلات كبيرة في توفير المدخلات على مستوى القطاعات الزراعية والصناعية والخدمية بسبب التحويلات المالية عبر المصارف، فضلا عن القرارات المرتبطة بتحريك الدولار الجمركي، إلى جانب تذبذب أسعار الصرف.
ويخشى الاقتصاديون من نزاع محتلم بين الحكومة والقطاع الخاص حول القيمة المضافة وضرائب أرباح الأعمال، كما أن هنالك بعض القوانين المجازة ولكنها غير مفعلة، تتطلب من الحكومة الجلوس لمعرفة خطورتها كتطبيق قانون منع الاحتكار وتنظيم المنافسة، باعتبارها مؤثرة على قدرة السلع الوطنية في المنافسة؛ خاصة أن البلاد تواجه انفتاح المعابر مع دول الجوار، وبالتالي أصحاب العمل يحتاجون لمعرفة الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لحماية المنتجين المحليين من المنافسة غير المتكافئة والسلع غير المطابقة للمواصفات القياسية السودانية.
ويضاف إلى هذه التحديات أن القطاعات المنتجة تعاني من مشكلات الإمداد الكهربائي في بعض مناطق الإنتاج، مما يتطلب إيجاد معالجة في الموازنة الجديدة، ثم هناك إشكالية في التمويل التنموي للسلع المحلية والأجنبية، كما يحتاج القطاع الخاص لمعرفة كيفية توظيف القروض السلعية المهمة لتحريك بعض القطاعات الإنتاجية.
بيد أن الاقتصاديين يعتقدون أن خطة القطاع الخاص هذه المرة تحظى بدعم سياسي واضح، إذ تحتاج الحكومة أيضا إلى مساعدة القطاع الخاص في تلافي الآثار السلبية المترتبة على تنفيذ موازنة السنة الجديدة، فضلا عن حاجة التنمية لمساهمة القطاع الخاص.
اليوم التالي.