صلاح الدين عووضة

شيوعي يا (وله) ؟!


*هذا كان نص السؤال الموجه إلى (الوله)..

*و(الوله) هو كاتب هذه السطور… حين كان (ولداً) بقاعات الفلسفة..

*والسائل هو أستاذ الفلسفة الأوروبية…المعاصرة..

*وسبب السؤال أن (الوله) تفلسف حتى على الأستاذ في الفلسفة الماركسية..

*كان قد فرغ لتوه من كتابٍ عن هذه الفلسفة … من خارج المقرر..

*وحفظ – عن ظهر قلب – فلسفة (الديالكتيك الجدلي)..

*ولولا حادثة الموت الفجائي لصديقه الشيوعي لكان فيلسوفاً ماركسياً الآن..

*وهي الحادثة التي أشرت إليها في كلمة بعنوان (يعني إيه ؟)..

*فزميلي هذا – أيام بواكير الشباب – استخف بعبارة (إن شاء الله)… إلى حد الضحك..

*وذلك حين أوكل لنفسه مهمة إحضار شيءٍ ما لرحلة ترفيهية..

*وقال لمن ذكَّره بالمشيئة الإلهية (إن شئت أنا…لا هو…وسأفعل إن شاء أم أبى)..

*و(شاء الله) ألا يفعل صاحبنا أي شيء…بعد أن قبض روحه ليلاً..

*فذاب غرور التفلسف الماركسي بداخلي ذوبان الجليد مع أول شعاع شمس صيف..

*وذبت البارحة وسط مجموعة كان يُفترض أن أكون أحد قادتها..

*كان يُفترض ذلك لولا توجه الفلسفة بي – وتوجهي أنا بها – نحو آفاق أخرى..

*آفاق بعيدة عن ماركس…وجدله… وماديته…. و(قذارته)..

*نعم ؛ فكارل ماركس لم يكن يجرؤ حتى الخنزير على الاقتراب من غرفته..

*ثم (تعفنت) نظريته نفسها بعد ذلك… وقُبرت مع الشيوعية..

*ذبت إذن في خضم (رفاق) أظلَّهم – وإياي – صيوان عزاء رفيقة درب عركي..

*وصعب علي التمييز بين الحداثويين والتقليديين من الرفاق هؤلاء..

*بين المجددين… والحرس القديم….. من الشيوعيين..

*وبحثت تحديداً عن الشفيع خضر لأن به شيئاً من الفكر التجديدي لصديقي وراق..

*أو ربما كان وراق هو الذي به شيء من فكر الشفيع التجديدي..

*ثم زاد عليه – أي وراق – بمزاوجة مدهشة بين الحداثة الفكرية والأصالة الدينية..

*والآن صاحب هذه الزاوية يتمنى لو أنه أُوتي بعضاً من (إيمانه)..

*ولكن أمنيتي بمجالسة الشفيع تحققت بعد إذ سمعت صوته يناديني من وسط الزحام..

*فوجدت نفسي أجالسه – وآخرين – من أنصار مدرسته التجديدية..

*ووجدت نفسي أيضاً – ويا للمفارقة – أكثرهم (إسلاميةً)…أو هكذا رأوني..

*فقد علموا أن وصول جثمان الفقيدة يتطلب (شيئاً) شرعياً..

*وكنت لحظتها مثل الشعراوي في نظرهم…رغم إنني لا أدري ما هو هذا (الشيء)..

*وضحكت…وضحك الشفيع…وسمعت ضحكة أستاذ الفلسفة..

*فقد سألني أيام غروري الفلسفي الماركسي – بالجامعة – (إنت يا شيوعي وله؟)..

*والآن كأنني أسمعه يسأل (إنت إسلامي يا وله ؟!!).

صلاح الدين عووضة
صحيفة اليوم التالي