ارتفاع الأسعار كحالة عدم يقين.. تصاعد الأسعار.. مطالبة بالتطبيب النفسي
قال وزير الدولة بوزارة الصناعة، عبده داؤود، في ندوة سياسية بالخرطوم أمس الثلاثاء “إن ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بالأسواق يعود إلى عدم اليقين في نفوس الشعب”.
ويأتي التصريح حذو الحافر بالحافر لتصريحات سابقة لوزير المالية الفريق د. محمد عثمان الركابي عقب إجازة موازنة العام 2018 من قبل البرلمان بأن ضعف اليقين والإيمان لدى السودانيين وراء ارتفاع أسعار السلع.
ولا تنتهي تصريحات قادة القطاع الاقتصادي عند هذا الحد، حيث سبق وأن صرح وزير المالية السابق، بدر الدين محمود بأن أسباب زيادة الدولار نفسية.
وعشية اندلاع مواجهات بين الشرطة وطلاب جامعة الخرطوم، خرج وزير الصحة بولاية الخرطوم بروفيسور مأمون حميدة بتصريح ورد في صدر الصحف السيارة ويتهم نسبة كبيرة من الطلاب بالإصابة بأمراض نفسية تؤدي إلى الاكتاب وسلوكيات غير مألوفة.
تساؤلات
هذه الأقاويل كانت محل استهجان وامتعاض عند غالبية السودانيين الذين يقولون إن الاقتصاد علم يقوم على الأرقام بعيداً عن أي مسائل إيمانية أو روحانية.
لكن عبده داؤود يؤكد بأن انعدام اليقين جعل من فوبيا الهلع تتسرب إلى نفوس السودانيين مخافة حدوث شح أو انعدام للسلع والمواد الاستهلاكية، وهو ما يؤدي إلى الإقبال على الشراء بصورة كبيرة.
مشدداً على أن جل السلع ما تزال موجودة ومتوفرة بالأسواق سواء كان مشتقات المحروقات أو السكر والزيوت والتي لم تطبق عليها أي زيادات قط، حيث عادت مصفاة الخرطوم إلى العمل عقب الفراغ من عمليات الصيانة محتفظة بمخزون احتياطي جيد لاستيفاء حوجة البلاد.
محافظة
تنوه الحكومة إلى أن الضرائب ظلت على حالها بدون زيادات في الموازنة الحالية. لكن داؤود أقر بتعرض أصحاب رؤوس الأموال والمشاريع إلى خسائر قد تؤدي إلى تآكل رأس المال بسبب ارتفاع التخضم الذي سوف ينعكس على الشرائح الضعيفة بالدولة حال مضت الموازنة في تطبيق ما هو وارد فيها.
مطالباً بعدم الحديث عن الآثار المترتبة لموازنة في الوقت الراهن والانتظار قليلاً حيث أن هذه الآثار لن تكون بصورة دائمة بل هي مؤقتة على حد تعبيره، مشدداً على ضرورة أن تقوم وزارة التجارة بدورها الأساسي في مراقبة الأسواق وضبط عملية انسياب السلع وتوفرها للمواطنين.
السوق الحر
يقول الخبير الاقتصادي والكاتب الصحفي أحمد إسماعيل لـ(الصيحة) إن مسألة الهلع الذي يمر به المجتمع السوداني الناتج من شظف العيش يرتكز بصورة أساسية على عدم وضوح سياسات وزارة المالية خاصة فيما يتعلق بالأسواق ومعيشة المواطن، كما أن عدم وجود الرقابة أيضاً يعتبر من الأسباب ما يجعل المواطن تنتابه هواجس وشكوك كثيراً ما تكون صادقة حينما يجد فروقاً كبيرة في الأسعار بالأسواق دون رقيب أو حتى محاسبة من المحليات أو الولايات أو حتى تشريع يمكن أن يحاسب المرابين والمضاربين.
شاكياً من إدارة التجارة بواسطة عقلية جديدة أفرزتها سياسة التحرير الاقتصادي وفيها من استخدام وسائل المنافسة ما لم يكن معروفاً عند السودانيين، موضحاً بأن ذلك يظهر جلياً في مسألة ارتفاع الدولار غير المبرر، ما يبين تباين السياسات الكلية والاقتصادية فيما يتعلق بمفهوم سياسة التحرير.
تفسير حالة
دعا النائب البرلماني عن جماعة الإخوان المسلمين حسن عبدالحميد لـ(الصيحة) في الأقوال الناحية إلى تفسير حالة ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية الأساسية بالأسواق لأسباب متصلة بضعف اليقين في نفوس الشعب، دعا إلى إمعان النظر من عدة زوايا حيث ربى الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته الكرام رضوان الله عليهم على القيم الرفيعة، وإن كانوا في حالة من شظف العيش. وقال إنه لا يستطيع عاقل أن يعزو ذلك إلى قلة الإيمان إلا كافر.
مضيفاً بأن بعض الكفار في هذه الدنيا يعيشون في رغد العيش ولا يمكن رد ذلك إلى انعدام إيمانهم أو يقينهم من شظف العيش أو نعيم هذه الدنيا، لأن في الأصل الدنيا للمسلمين دار ابتلاء، ودار النعيم الدائم في الآخرة عند دخول الجنه للمؤمنين، لذا فإن على الحكومات والإدارات موجهة لحل هذه المشكلات، فضلاً عن استخدام ما لديها من موارد وسلطات لحد من حالة الشظف التي يعيش فيها الناس والضرب على الفساد بيد من حديد ومعايشة مشاكل الناس مثلما كان يفعل الرسول الكريم والخلفاء الراشدون وقال: المسألة إدارية وعلينا مواجهتها.
رأي نفسي
يشير الطبيب النفسي د. علي بلدو في حديثه مع (الصيحة) إلى أنه لربما كان تسرب الهلع والخوف في نفوس الناس بطبيعة النفس البشرية سبب الإقدام على تصرفات وسلوكيات مختلفة، بمعنى تخزين السلع الاستهلاكية بناء على ما يتردد من أحاديث ومعلومات عن الأوضاع الاقتصادية بالبلاد والتأثر بالواقع الموجود.
مقللاً من فكرة أن يكون ضعف الإيمان واليقين في نفوس الشعب يؤدي إلى ارتفاع السلع تحسباً لانعدامها. قائلاً بأن اليقين محكوم بالتربية الأولية للإنسان وما يقوم عليه من سلوك حيث أن الشعائر والعبادات في الأصل هي جزء من عملية تنظيم الحياة البشرية.
الخرطوم: الهضيبي يس
صحيفة الصيحة