القصة ما رغيفة!!
قيل إن البرلمان طلب استدعاء وزير المالية، عشان شنو؟.. مش البرلمان هو الذي أجاز الميزانية التي قدمها وزير المالية، فوزير المالية ليس في يده عصا “موسى” حتى يحل مشكلة الاقتصاد السوداني، والزيادة التي طرأت على أسعار القمح وزيادة سعر الرغيفة من رغيفتين بجنيه، إلى رغيفة واحدة بجنيه منو الوافق على هذه الميزانية، ألم يكن نواب الشعب الذين انتخبهم هذا الشعب المسكين، أو الذين دخلوا القبة من أوسع أبوابها من خلال مؤتمر الحوار الوطني، ماذا عملتم للشعب؟.. ألم توافقوا على هذه الميزانية؟.. طيب إذا وافقتوا عليها لماذا استعداء الوزير أو الطاقم الاقتصادي الما عنده ذنب غير قدمها ليكم لتنظروا فيها وكان ردكم الموافقة عليها بالإجماع.
إن قصة الاقتصاد السوداني وما أصابه من شلل ليس في هذه الرغيفة التي يأكلها المواطن أو لا يأكلها، ولكن القصة في كل الذي نراه في الأسواق الآن من انفلات في كل الأسعار، فالرغيفة هينة ومقدور عليها ولكن كيف نقدر على أسعار اللبن الذي تضاعف سعره عشرات المرات وإلى الأجبان والسكر والزيوت وكل طعام يدخل بطن الإنسان ارتفع عشرات المرات، فالقصة ليست استدعاء الوزير ولا غيره، القصة أن تعيدوا سعر الدولار الجمركي إلى وضعه القديم وأن تراقب الأسواق من قبل الأجهزة المختصة، فلا يمكن أن تتصاعد الأسعار عشرات المرات والدولة في حالة صمت وكأنما الأمر لا يعنيها ولا هذا الشعب الذي أتى بها يهمها.
إذن الاستدعاءات لن تحل المشكلة طالما أن البرلمان الموقر قد اشترك مع وزير المالية في الخطأ، فكان على البرلمان أن يرفضها أو يطلب تعديلها ولكن يكون مشاركاً في هذا الخطأ ثم يأتي مرة أخرى ويطلب من السيد الوزير أن يقف أمامه عشان شنو والوزير حيكون تبريره شنو في ميزانية شارك فيها الجميع، المثل يقول “البرقص ما بغطي دقنه”، فطالما يا سادة يا برلمانيين أجزتم الميزانية، فلا يحق لكم من بعد ذلك استدعاء أي وزير عشان تسألوه، فالمفترض أن تسألوا أنفسكم أولاً قبل وزير المالية، فإذا رفضتم الميزانية هل سيجبركم الوزير على إجازتها؟
المشكلة أكبر من هذه الرغيفة التي عمت بسببها ضجة في كل الأوساط، فلينظر كل مواطن إلى بيته ويشوف كمية الرغيف المهدر قبل الزيادة، كم أرغفة جفت ولم تؤكل ووضعت في برميل القمامة؟.. هل الرغيف هو الوحيد الذي يعيش الناس عليه أم أن هناك أشياء أخرى مساعدة؟.. لماذا لا يضج الناس وسعر كيلو اللحم أكثر من مائة جنيه والفراخ أكثر من خمسين جنيهاً، وكل أنواع الفواكه والخضار أسعارها في العلالي، فالقصة ما رغيف، القصة العلاج الذي تطلب المستشفيات العامة والخاصة ملايين الجنيهات في ليلة واحدة، وفي التعليم الذي يطرد أبناء الفقراء بسبب عدم دفع المصاريف ولا الدولة تدخلت ولا الشارع مرق عشان تمت زيادة أسعار الدواء إلى مئات الجنيهات في لحظة واحدة، وإلى الإيجارات التي لا يقل مسكن بسيط من غرفة وحمام ومطبخ وهول إلى أكثر من اثنين أو ثلاثة ملايين والمرتبات هي هي، فمن أين يأتي المواطن الغلبان بالقروش ليشتري بتلك الأسعار الخرافية، فالقصة ليست رغيفة تمت زيادتها إلى خمسين قرشاً.. القصة أكبر منها ومن كل الطاقم الاقتصادي الذي عجز عن إيجاد بدائل لمعاش الناس، فالبرلمان إن أراد أن يستدعي، عليه أن يستدعي كل الدولة إلى قبته للنظر في إيجاد الحل المناسب لما نحن عليه، فلا وزير المالية عنده الحل، ولا أي اقتصادي، الحل عند الدولة وعليها أن تنظر ما هي فاعلة.
صلاح حبيب – لنا راي
صحيفة المجهر السياسي