زهير السراج

مزاعم التهديدات الخارجية !!


* لن يجدى نفعا ان يحاول النظام الفاسد ومنافقوه فى الداخل والخارج، اختلاق قصص وحكايات سخيفة عن وجود تهديدات خارجية للسودان لاستجداء عواطف الشعب، وإلهائه عن مقاومة الفساد والظلم والبغى الذى وصل الى قمته بإجازة ميزانية العام المالى الحالى (2018 ) بكل ما احتوت عليه بما لا مثيل له فى سرقة ونهب المال العام، وتسخيره لملذات وحماية النظام الفاسد، وتحميل العبء للشعب، وحرمانه من ممارسة حقه فى التعبير عن رأيه بممارسة أقسى وأبشع أنواع القهر والظلم عليه !!

* هذه الميزانية الفاسدة التى جاءت كاذبة فى كل أرقامها، وخلت من الإيرادات الضخمة لصادرات النفط والذهب ورسوم مرور بترول دولة جنوب السودان والضرائب على شركات الاتصالات، وهى ايرادات لا تقل فى مجملها عن (سبعة مليار دولار أمريكى) .. فضلا عن رفع سعر الدولار الجمركى الى (18 جنيه) بدلا عن (7 ج)، ما يعنى مضاعفة أسعار كل السلع بنفس النسبة، وعلى رأسها رغيف الخبز، فليس لدينا ما ننتجه بعد أن دمر النظام الفاسد عن عمد كل مشاريع ووسائل الانتاج الوطنى، بغرض إفراغ الدولة من مضمونها، ليصبح هو الدولة ويتصرف فى كل شئ كما يحلو له، حتى الأرض والمدن والموانئ والموارد الطبيعية وكل شئ، يبيع على كيفه، ويمنح بمزاجه ويضع العائد فى جيبه، وكأن السودان إرثه الخاص، وشعب السودان عبد له يتحكم فيه كما يريد، ويثخن جسمه بالضرب، ويسخره لخدمته وهو قانع بالذل والجوع والفقر والمرض، وخانع لأمر سيده ولو أدى ذلك الى موته!!

* ولم يكتفِ النظام بسرقة هذه الايرادات الضخمة التى خلت منها الميزانية، بل فرض على الشعب الانفاق على اجهزة امنه وحمايته من ايرادات الضرائب والرسوم الباهظة التى فرضها عليه، بدلا من إنفاقها على علاجه وتعليمه، فلقد جاءت الميزانية كالعادة، وهى تحمل الارقام الضخمة للانفاق على الاجهزة الامنية والعسكرية والشرطية، وليت هذا الانفاق الضخم لحماية الوطن والشعب، ولكنه لحماية النظام الفاسد، وقمع وقتل الشعب!!

* وكان من المضحك ان تتحدث الميزانية عن تخصيص مبلغ ضخم للجيش، بينما يعلم الجميع أنه لم يعد فى السودان وجود لما يعرف بالجيش الوطنى أو القوات المسلحة، بعد أن دمرها النظام الفاسد كما دمر كل شئ، واستعاض عنها بمجموعات مسلحة لحمايته، لا لحماية الوطن، ثم يأتى ليحدثنا عن تهديدات خارجية تستهدف الوطن، فى محاولة رخيصة وساذجة لخداعنا واستجداء عواطفنا، وإلهائنا عن قضيتنا الاساسية للتحرر والانعتاق ومقاومة الظلم!!

* والغريب أنه بينما يحاول إستجداء عواطفنا بالتهديد الاجنبى المزعوم، ويتوقعنا أن نتعاطف معه ونستجيب لمزاعمه الساذجة، فإنه يمارس ضدنا أقصى انواع البطش اذا حاولنا ان نبدى مجرد رأى فى الطريقة التى يتعامل بها معنا .. فما الداعى للإستجداء، إذا كان البطش كافياً لتسخيرنا لإرادته، وهل يُستجدى العبد؟!

* لقد قلت من قبل أن حالة من الرعب الشديدة تنتاب النظام الفاسد وتتجلى فى ظواهر عديدة، منها منع بائعات الشاى من ممارسة عملهن على الطرقات والشوارع الرئيسية وشاطئ النيل بقصد منع التجمعات فى المناطق الحيوية، ومصادرة الصحف وإزالة أكشاك الصحف من الشوارع المطلة على الأحياء السكنية للتعتيم على الرأى العام، وإرغام المشتركين فى خدمة الهاتف الجوال على إضافة الرقم الوطنى لحساباتهم الهاتفية لتيسيير مراقبة الهواتف، وعدم الاعلان عن الزيادات فى أسعار السلع الضرورية من خلال الميزانية العامة خوفا من إشتعال شرارة الغضب الشعبى، وفرض حالة الطوارئ فى بعض اقاليم البلاد وحملات جمع السلاح، وزيادة أعداد قوات الدعم السريع فى المدن الكبرى خاصة فى العاصمة، والتقلب بين الدول والاحلاف، وتقديم الطلبات العلنية لرؤساء الدول الكبرى بحثا عن الحماية، وأخيرا اطلاق المزاعم بوجود تهديدات خارجية، وليس غريبا افتعال بعض الاحداث لاستجداء العواطف وكبح جماح الغضبة الجماهيرية .. ولكن هيهات، فمهما ارتكب النظام من حماقات او مجازر، أو افتعل من احداث، أو استجدى العواطف فمصيره الى زوال، ولقد ذهب الكثير وبقى القليل!!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة