صلاح حبيب

الحكومة ولا يهمها!!

هل الكلمة أصبحت غير مؤثرة؟ هل ما يكتبه الصحفيون يومياً عما يجري الآن من غلاء في الأسعار لا تلقي له الحكومة بالاً أم أن الأمر لا يهمها؟ إن الحالة التي نحن فيها الآن كانت أدت إلى إقالة عشرات الحكومات إذا كانت الحكومة فعلاً مهتمة بمعاش الناس وفي حكومات سابقة ارتفاع الكبريتة كانت سبباً في تغيير الأنظمة، ولكن هذا الشعب الطيب والمتسامح مد حبال الصبر حتى يجعل الله الفرج بدلاً أن تتحول البلاد إلى يمن أخرى أو ليبيا أو سوريا، كلها حالات من الصبر يتحلى بها المواطن السوداني، ولكن الحكومة لا تعيره أي التفاته أو تلقي له بالاً وكأنما تقول له أفعل ما شئت، فوزير الدولة بالمالية قال الحكومة لن تتراجع عن زيادة سعر الدولار الجمركي، والسيد الوزير لا يعلم أن زيادة الدولار الجمركي هو الذي ادى إلى هذه الكارثة التي نحن فيها الآن، فالسوق أصبح كأنك أشعلت عود ثقاب في كوم من القطن، فالآن كل شيء أصبح سعره متضاعف عشرات المرات، أمس كنت في سوق أم درمان فكل السلع تصاعدت أسعارها عشرات المرات، وأي سلعة تعتقد أن سعرها ثابت أو قد ارتفع بسعر معقول تجد الزيادة أكثر من ثلاثمائة في المية، ولم أصدق حتى الجلسرين فد وصل إلى هذا السعر الخرافي بعد أن كان سعره قبل أقل من أسبوعين عشرة جنيهات، فلن يتخيل أحد أن سعر قارورة الجلسرين في الكرستالة الصغيرة قد بلغ أربعين جنيهاً بزيادة أربعمائة في المية، أما بقية الأشياء فحدث ولا حرج، إن الحكومة لو لم تتدخل وبأسرع ما يمكن فإن الأمر سوف يتفاقم. فالمواطن كان يظن أن القصة كلها كانت في قطعة الخبز التي تمت زيادتها بنسبة مية في المية ولكن إذا قارنا المية في المية مع المية في المية مع بقية الأشياء الأخرى يصبح الأمر غير محتمل، والدولة التي تحاول أن تخدر المواطن بتشكيل لجنة لمراجعة الأجور فإن تلك اللجنة إذا انتهت من عملها قبل ستة أشهر تكون ما قصرت، وحتى لو انتهت كم الزيادات التي ستطرأ على مرتبات الموظفين؟ هل الزيادة ستكون مية في المية أو ثلاثمائة في المية؟ كما يحدث في زيادة الأسعار، إن الزيادة مهما بلغت فلن تجاري السوق، فبندين فقط يمكن أن تلتهما السوق وتصبح المشكلة كما هي، ولذلك على الدولة أن تعمل على خفض الأسعار بأي طريقة بدلاً من زيادة المرتبات.

إن الحياة تزداد كل يوم سوءاً والحال أصبح عصياً على التجار أنفسهم فما بالك بأصحاب الدخول الضعيفة وفي هذا الوضع السيء الذي نعيشه لن تسلم أي خزنة حكومة من التعدي من ضعاف النفوس أو الذين أجبرتهم الظروف على مد أيديهم لسرقة مال الدولة، وحتى لا يضطر أولئك إلى السرقة لا بد أن تقوم الدولة بوضع البدائل لحل المشكلة الاقتصادية، لأن الوضع الذي يعيش فيه الناس وفي ظل تصاعد الأسعار يومياً فلن يقوى أحد على الصمود، فاليد لا بد أن تمتد إلى الحرام والفقراء لن يستطيعوا أن يصبروا أكثر من ذلك، فإما أن يعود التوازن وإما أن تعم الفوضى.. فقبل أن تعم الفوضى على الدولة أن تفيق من نومها وأن تراجع نفسها بدلاً من تلك الصنة التي لا مبرر لها.

صلاح حبيب – لنا راي
صحيفة المجهر السياسي