زاهر بخيت الفكي

أنا طالع ..!!


موظف شليق جداً حاول جاهداً في أن يضبُط احتياجات منزله الصغير على راتبه ولم يستطع وما من سبيل لأن تُضبط العملية في الواقع مهما اجتهد حتى لو تضاعف الراتب والقصة فاقت المعقول والميزان مُختل جدا..
فجاءة صاح بأعلى صوته في زملاءه بالمكتب بأن لا سبيل للخروج من هذا المأزق إلّا بالطلوع للشارع وتغيير الوضع المُتأزم..
أنا عن نفسي طالع طالع..
دخل عليه رئيسه المُباشر الذي استمع لحديثه عن ثورة الغضب القادمة ومن سوء حظه أنّ مُديره مسنود من فوق والجميع يعمل له ألف حساب ويُمكنه إلغاء وظيفة صاحبكم بجرة قلم ..
سأله سؤال مُباشر طالع ماشي وين يا أخونا..؟
ردّ عليه صاحبنا وقد أذهلته المُفاجأة طالع بدري الليلة إن شاء الله ماشي الدروشاب لي مُناسبة والمناسبات الاجتماعية يا ريس عذبتنا..
ضحك الريس وضحك من بالمكتب على زميلهم المرعوب وزوغانه ..
ما من مكان إجتمع فيه نفرٌ من أهلنا إلّا وكان الغلاء هو محور حديثهم..
فجاءة توقفنا دون أن يُطلب منّا عن اجترار ما فعله قاسم بدري بطالباته وتوقّف الحديث عن مصر وتريقة اعلامهم بنا ونسينا حلايب وسواكن والرئيس التركي أردوغان وزيارته التاريخية لنا وتبعات الزيارة وما خلفته من عدم رضاء وخوف أصاب بعض جيراننا ونسينا الحُشود العسكرية على حدودنا الشرقية وشبح الحرب الماثل وكُل الأحداث التي كانت وانشغلنا بما هو أهم بعد أن تسيّد الغلاء الفاحش (جداً) نتيجة السياسات (الغلط) على ما سواه من أحداث..
انفجرت أحوال السوق بشكل مأساوي ودخلت قصة الغلاء في اللحم الحي والوجع الجوة يا أعزاء يُشغلنا في أنفسنا ويُنسينا ما حولنا ، وقائمة مُتطلباتنا تزداد مع كُل صباح وتوفير الضروريات (فقط) بات عصياً على كُل أصحاب الدخل المحدود أصحاب الحيل المهدود والصبر الممدود ، الأسافير والملمات تضج بما وصلت إليه حالنا وهُناك من تأخذه المُعارضة (الغير) راشدة إلى خانة الشماتة في شعب لا حول له ولا قوة ، من بات آمناً في مهجره البعيد وقابضاً على جواز دولته الجديدة التي توفر له كُل مُعينات الحياة لا يجب أن يشمت في إخوة له ظلمهم ساستهم أفقروهم وضيعوا مُكتسباتهم وحقوقهم..
الواقع يُحدثنا بوضوح أنّ سُلطان السوق لا تُهزمه قرارات السُلطان مهما بلغت قوتها ولا اجتماع اللجان ولا شائعات الودائع حتى لو صدقت ، هزيمة السوق لقرارات الدولة وسياساتها (الهشة) يجب عليها الإعتراف به والبحث عن أدوات أخرى قوية فاعلة تُمكِنها من مُحاربة سلاطين السوق الأقوياء ، والدليل الذي لا يقبل الجدل أنّ الدولار تجاوز سعره كثيراً أمام الجنيه السعر الذي اضطرت الدولة يوم أن وصل إليه أن تجمع كبار قادتها لاصدار قرارات يحسبونها كفيلة بوقف زحف الدولار الذي زاد من سخريته وسرعة إنطلاقه ولم يُبالي بما كان ولا ما سيكون..
والله المُستعان..

بلا أقنعة – زاهر بخيت الفكي
صحيفة الإنتباهة