حكومة الوفاق الوطني.. دواعي الحل ومقومات البقاء
هل اكتملت أسباب تغييرها؟؟
الحديث عن وجود تيارات مختلفة في رؤيتها داخل الحزب الحاكم قد يكون أمراً عادياً يحدث نتيجة للاختلافات حول تقديرات سياسية سواءً أكانت تخص الشؤون الداخلية في البلد أو الخارجية، لكن المستغرب أن يكون هناك حديث عن حل حكومة الوفاق الوطني التي تكونت قبل أقل من عام أي في مايو من العام 2017 وفق مخرجات الحوار المتفق عليها، ويصدر هذا الحديث من داخل حزب المؤتمر الوطني نتيجة لاختلافات خفية داخله وفي مؤسسات الجهاز التنفيذي كما قيل.
ورغم نفي أمين القطاع السياسي دكتور “عبيد الله محمد عبيد الله” وجود أي اتجاه لحل حكومة الوفاق الوطني، إلا أن وزير الإعلام “أحمد بلال” لم يستبعد في تصريحات له أمس أن يكون هناك اتجاه لإحداث لتغيير حينما قال: (قد يحدث تغيير جزئي).
قد تكون هناك مستجدات دعت القائمين على أمر السلطة إلى التفكير في هذا الاتجاه على ضوء بروز تحديات جديدة على المستويين الداخلي والخارجي تتطلب وجوهاً جديدة، وقد يكون هذا كله ليس بعيداً عن ما تحدث عنه مصدر مسؤول لصحيفة (السوداني) عن أن استقالة “غندور” موجودة أمام الرئيس، وهناك من قال قبل هذا التصريح إن الرئيس وافق عليها، لكن شخصيات عليا بالدولة دعت “غندور” للتراجع.. لكن المحصلة النهائية تشير إلى وجود اختلافات حول الملفات الإقليمية التي تتقاطع فيها الرؤية الدبلوماسية مع الرؤية الأمنية، وهذا كان بائناً عندما تحدث الحزب على لسان نائب الرئيس للشؤون التنظيمية “إبراهيم محمود” عن وجود مهددات من قبل إريتريا ومصر في الناحية الشرقية من السودان، في حين تحدث “غندور” عن وجود مهددات أمنية دون أن يذكر اسم دولة.. كذلك سارعت الخارجية لنفي حديث نُسب لسفير السودان بالقاهرة “عبد المحمود عبد الحليم” تحدث عن أن السودان سيعمل على تصعيد المواقف مع مصر في المرحلة المقبلة، في حين تعاملت جهات أخرى مع الموضوع بصورة عادية.
بعض كُتّاب الأعمدة من جانبهم دعوا إلى حل حكومة الوفاق الوطني وتغيير الطاقم الاقتصادي لفشله في إدارة الاقتصاد وفقاً لتقديراتهم، فيما تداولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي والصحف خبراً من مصادر، قالوا إنها موثوقة، أشار إلى وجود ترتيبات تجري داخل المؤتمر الوطني لتسليم مذكرة تطالب قيادة الدولة والحزب بتنحية القطاع الاقتصادي والمسؤولين عن الاقتصاد داخل الحزب والبرلمان.
ونشطت قطاعات مهمة بالحزب في حملة توقيعات لمخاطبة النائب الأول للرئيس رئيس مجلس الوزراء فريق أول ركن “بكري حسن صالح” ورئيس البرلمان “إبراهيم أحمد عمر” ونائب رئيس الحزب “إبراهيم محمود” تدعو فيها إلى تبديل مسؤولي القطاع الاقتصادي في الحكومة والحزب لفشلهم في معالجة الأزمة الاقتصادية، ما يشير إلى أن أسباب حل الحكومة جزئياً أو كلياً إذا تحقق فإن التباين حول الملفات الاقتصادية سيكون العامل الأبرز في تغيير الحكومة، خاصة أن هذا الحديث تزامن مع موازنة 2018 التي تعرضت لانتقادات كبيرة من المختصين ووصفت بأنها ميزانية وهمية غير قائمة على أرقام حقيقية، ولهذا السبب قاطعها بعض نواب البرلمان وأجيزت بالأغلبية الميكانيكية التي يحظى بها حزب المؤتمر الوطني، كما تزامن كذلك مع تدهور العملة المحلية (الجنيه) أمام الدولار وارتفاع الأسعار، رغم أن الاقتصاد يعبر عن سياسة كلية للدولة وليس خاصاً بوزراء القطاع الاقتصادي، ما يشير كذلك إلى أن الحديث عن تغيير الحكومة مرتبط بالملف الاقتصادي، وأن الوضع الاقتصادي أصبح الشغل الشاغل لمؤسسة الرئاسة.. ففي الوقت الذي قال فيه النائب الأول للرئيس رئيس مجلس الوزراء الفريق “بكري حسن صالح” في أكتوبر إن الاقتصاد بحاجة إلى مدرسة جديدة.. وإن المدارس السابقة رغم اجتهادها لكن الحكاية واقفة، وأقر بفشل جهود الحكومة للسيطرة على تراجع الجنيه أمام الدولار، وأكد أن الجهود لم تفلح في وقف تراجع الجنيه مقابل الدولار، عقد الرئيس “البشير” اجتماعاً في نوفمبر 2017 عقب عودته من زيارة قام بها لولاية الجزيرة ضم نائبه الأول الفريق أول ركن “بكري حسن صالح” ووزير المالية “محمد عثمان الركابي” ومدير جهاز الأمن والمخابرات الوطني “محمد عطا” وأصدر قرارات عقابية تجاه من يعملون على إحداث مضاربات تزيد من قيمة الدولار أمام الجنيه السوداني.
رغم ذلك، هناك من يعتقد أن الحديث عن حل الحكومة أو تغييرها جزئياً لا أساس له من الصحة، وهناك من يرى أن الحديث عن حلها تطلقه مجموعات لها نفوذ داخل الحكومة وارتبطت مصالحها باستيراد الدقيق وسعر الدولار الجمركي، وعندما تم تغيير هذه السياسات أثرت عليها، لذلك تحاول مقاومة هذه السياسات من خلال الحديث عن حل الحكومة، بالتركيز على وزراء الاقتصاد، وتقود صراعاً خفياً، وهؤلاء يمكنهم التأثير على نافذين أو كما قالوا، لكن على ما يبدو أن فكرة إجراء تغيير داخل الحكومة موجودة ومطلوبة، كما يعتقد كثير من المحللين ومن بينهم الأستاذ والمحلل السياسي “أسامة بابكر” الذي أكد لـ(المجهر) وجود دواعٍ لأحداث تغيير جزئي أو حلها، ومن بين هذه الأسباب فشل الطاقم الاقتصادي في إدارة الأزمة الاقتصادية، الأمر الذي أدى إلى تفاقم سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني وارتفاع الأسعار بصورة كبيرة، مؤكداً عدم وجود رؤية أو أفق لحلول رغم أن الوضع ينذر بكارثة، مشيراً إلى أن تعثر تنفيذ مخرجات الحوار من بين الأسباب التي تدعو إلى التغيير في الحكومة بجانب الوضع الإقليمي المتأزم الذي ألقى بظلاله على السودان، وتمثل في المهددات الأمنية في ناحية الشرقية من البلاد التي أعلن عنها حزب المؤتمر الوطني ووزارة الخارجية.
وقال “أسامة”: (هذه الأسباب تتطلب الاتفاق بين المؤتمر الوطني والأحزاب المشاركة في الحكومة على حل الحكومة أو إجراء تغيير جزئي يواكب مشاكل المرحلة داخلياً وخارجياً).
المعطيات تشير إلى قرب حدوث تغيير جزئي في الحكومة لتجاوز الأزمة الاقتصادية والمشاكل الإقليمية، لكن يبقى السؤال: هل تنجح هذه الخطوة إذا وجِدت في تغيير الحال؟؟
المجهر.