اعتقال وإصابة العشرات في أمدرمان .. احتجاجات (الغلاء) تتواصل والمعارضة تعلن (خلاص الوطن)
فرقت الشرطة بالقوة أمس، لليوم الثاني توالياً تجمع سلمي دعت له قوى المعارضة في ميدان المدرسة الأهلية بأمدرمان، وطوق عناصر جهازالأمن منذ الصباح الباكر الميدان، بعد أن ملأته سلطات المحلية مساء الثلاثاء، بالمياه لمنع وصول المتظاهرين. واعتقل الأمن العشرات من القيادات السياسية و الناشطين المشاركين في التظاهرة، على رأسهم القيادي بحزب الامة ابراهيم الامين ونائب رئيس الحزب محمد عبد الله الدومة، و(2) من بنات الإمام الصادق المهدي، وعدد آخر من المتظاهرين لم يسنى التعرف عليهم.
وأستخدمت الشرطة القوة لتفريغ المحتجين، حيث اطلقت الغاز المسيل لدموع والرصاص المطاطي، ما تسبب في إصابة العشرات بحالات إغماء، كما اعتدى افراد بلباس مدني على المحتجين بالضرب وذلك بالقرب من منزل الزعيم الأزهري. وتجددت الإحتجاجات في منطقة الشهداء القريبة من الميدان، بعد ان تجمع المحتجين وهتفوا (لا لا للغلاء .. سلمية سلمية)، وجاب المحتجين شوراع سوق امدرمان وشارع الدكاترة. ورصدت (الجريدة) وقوع إصابات عديدة وسط المحتجين، بينهم الصحفي بصحيفة (اليوم التالي) بهرام عبد المنعم، بشق في يده إثر تعرضه للضرب بعصا كهربائية ما ادى لنقله للمستشفى لتلقي العلاج.
** خلاص الوطن ..
وفي السياق دشنت الأحزاب السياسية المعارضة، تحالفها الجديد، باسم (القوى المعارضة)، والذي اعلن في مؤتم صحفي بدار حزب الأمة بأمدرمان أمس، عن طرح وثيقة (إعلان خلاص الوطن).
وأكدت قوى المعارضة في إعلان خلاص الوطن، على شمولية نظام الحكم في السودان والذي قالت انه رفع شعارات حكم إسلامية افرغها من من قيمها وارتكب بإسم الدين الفساد والإستبداد، قسمت البلاد على أساس ديني، إضافة لإنتهاج سياسة التهميش الإقتصادي والخدمي وسياسات إقتصادية دمرت القطاعات المنتجة وتمكين محاسيبه وإقصاء سائر المواطنين.
واشار الإعلان إلى أن سياسات النظام المالية والنقدية قد اخلت بالتوازن المالي الداخلي والخارجي، وان سياسات قد ادت لتدمير التعليم وإهمال القطاع الصحي إضافة لإتباعه سياسة تخريب النقابات والإتحادات الطلابية، وسياسة خارجية متقلبة قفزاً من حاضن خارجي إلى حاضن آخر.
وأكد الإعلان أن قوى السودان السياسية المدنية والمسلحة والقوى المدنية المطلبية والنازحون واللاجئون والمفصولون تعسفياً وضحايا السدود والمنظمات الشبابية قد تنادوا في جبهة موحدة لإزالة النظام وبسط الحريات العامة وتكوين حكومة قومية إنتقالية تدير البلاد إلى حين إجراء إنتخابات عامة، تعمل على إبرام اتفاقية سلام عادل وشامل يزيل كافة اسباب النزاع، وتطبيق سياسات بديلة متفق عليها في كافة المجالات والإلتزام ببرنامج إصلاح إجتماعي شامل، إضافة للإلتزام بعقد مؤتمر قومي دستوري لكتابة دستور البلاد وتحديد وسيلة ديمقراطية لإجازته، واتباع سياسة توازن بين الإنتماء العربي والإفريقي والإسلامي والدولي.
وأشار الإعلان إلى ان العمل التعبوي يرجي ان يحظي بدعم كل القوى السياسية التي تؤمن بالسلام والديمقراطية.
** تصرف همجي ..
وفي المؤتمر الصحفي قال الإمام الصادق المهدي، إن النظام لم يلتزم بالدستور واعتدى على التظاهرات السلمية واعتقل عدداً من المواطنين بدون اي سبب غير وقوفهم مع الحقوق الدستورية السلمية، بينما طالب المحامين بالوقوف ضد تصرف الحكومة الذي وصفه بـ (الهمجي).
وأضاف (بعد ذلك ينبغي على كل مواطن أن يعبر في منطقته وبالوسائل السلمية عن رفضه للنظام ورغبته في إقامة نظام جديد، وعلى فروع القوى السياسية بالخارج تقديم مذكرات لحكومات الدول التي يقيمون فيها تؤكد فشل النظام في الإلتزام بالدستور).
وأشار المهدي إلى أن النظام قد قتل الحوار الذي دعا له ولم ينفذ توصياته، واسقط خارطة الطريق التي وقعوها معه، وتابع: (لكن نحن سوف ندفن الحوار).
وأوضح المهدي انهم قد اعدوا السياسات البديلة عقب إسقاط النظام، والتي تتمثل في برامج للإصلاح الإقتصادي والإجتماعي وهي أساس لبرنامج النظام الجديد.
وناشد المهدي حملة السلاح، بإعلان وقف إطلاق نار غير محدد الأجل، لإتاحة الفرصة للجبهة المدنية الشعبية ودعم الموقف السياسي الحالي، لتحقيق اهداف الشعب بالوسائل السلمية الخالية من العنف، واصدار بيانات واضحة في هذا الصدد.
كما طالب المهدي القوات النظامية بعدم الإعتداء على المواطنين وهم يدافعون عن الحق وقال (هؤلاء المواطنين يريدون التعبير عن حقوقهم المسلوبة ولايستخدمون العنف).
ولفت المهدي إلى أنهم لن يسمحوا لأي جهو ان تقودهم لحروب لايريدها أهل السودان، الذي قال انه يعول عليه كثيراً ليلعب دوراً لإقامة علاقات جيدة بين مختلف ارجاء القارة الإفريقية، إضافة لدوره في خلق علاقات تكاملية بين شقي البحر الأحمر، واضاف (ليس الدخول في محاور لاتسمن ولاتغني من جوع).
واشار المهدي إلى أن الحركات المسلحة كانت قد تخلت عن حق تقرير المصير واستخدام القوة لتغيير نظام الحكم في ميثاق الفجر الجديد، وتابع: (سوف نلتقي في باريس قريباً ونستمع إلى وجهة نظرهم مجدداً).
من جهة اخرى اعلن الامام الصادق المهدي عن مشاركة القوى السياسية المعارضة في احياء الذكرى السنوية للاستاذ محمود محمد طه، وذلك صباح اليوم، بمنزله بأم درمان.
** الباب مفتوح ..
فيما اشار المتحدث بإسم القوى السياسية والمطلبية علي الريح السنهوري، ظل النظام يمارس العنف منذ وصوله للسلطة ولن يتوانى في ممارسة القمع وان ماحدث امس ليس غريباً عليه، وأضاف (نحن مستعدون للمواجهة حتى الإستشهاد).
واوضح السنهوري أن النظام اصبح معزول من الشعب، وان التظاهرات مستمرة وما حدث الثلاثاء يتميز بمشاركة كافة القوى السياسية وتأكيدها على تقديم التضحيات.
وطالب السنهوري قيادات القوى السياسية بتقدم الصفوف والجماهير بالإنتظام في التظاهرات حتى اسقاط النظام وتصفية مرتكزاته. ولفت الى أن النظام قد افتعل معارك أخرى لتحقيق اهداف سياسية مرتبطة بالحركة الإسلامية وإمتداداتها.
وأضاف (الباب مفتوح لكل القوى والتنظيمات للمشاركة) ونوه الى ان كل القوى التي تلتزم هي ضمن القوى المعارضة، كما كشف عن تطوير برنامج البديل الديمقراطي وذلك خلال الفترة الانتقالية.
** مخاطبة سياسية ..
وفي المساء نظمت القوى السياسية مخاطبة تحدث فيها محمد ضياء الدين من حزب البعث العربي الإشتراكي، واسماء محمود محمد طه من الحزب الجمهوري، ومحمود إدريس من الحزب الناصري، ومشاركة خارجية من مني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان، والفاتح السيد من حزب المؤتمر السوداني، وفاتن علي من الحزب الشيوعي السوداني، حيث أكدوا على أن الوقت للفعل والخروج للشارع والإستمرار في الحراك الجماهيري، وأنه ليس للمخاطبات السياسية، واشاروا لإتفاق القوى السياسية على العمل مع الجماهير وأن السقف هو اسقاط النظام، واضافوا أن الوقفة التالية سوف تكون في منزل الأستاذ محمود محمد طه، وان القوى السياسية سوف تجتمع للتقييم ومعالجة القصور الذي حدث خلال الأيام الماضية، كما شددوا على سلمية الإحتجاجات خلال الأيام المقبلة.
صحيفة الجريدة