تحقيقات وتقارير

الحزب الشيوعي… “يمشي وحده” بعيداً عن المشروع الوطني

درج الحزب الشيوعي السوداني على مر الحقب التى مر بها السودان على استغلال الأوضاع الإقتصادية والسياسية التى تطرأ على البلاد بهدف تأليب الشعب على الحكومة، ولم تكن الدعوات الأخيرة بتنظيم مظاهرات باطنها سلمية بغرض الإحتجاج على ارتفاع الأسعر ببعيدة عن حسبان الشعب السوداني الذي فطن ان الحزب الشيوعي لن يفوته ان يقوم بممارسة هوايته في إستغلال مثل هذه الأحداث.

وظلت مكونات الشعب السوداني بل والأحزاب المعارضة للحكومة تتابع عبر الأسافير دعوات الحزب الشيوعي لتنظيم مسيرات وتظاهرات اجتماعية دون المشاركة فيها وتأييده في مسعاه.

ويقول المحلل السياسي د. ياسر عمر عثمان ان الحزب الشيوعي ليست لديه اهداف واضحة أو برنامج سياسي يرتكز علي مبادئ واهداف من شأنها تطوير البلاد، إذ ظل في طرحه اقرب للافكار الخارجية والمبادئ المستوردة التى لا تمت للواقع السوداني من قريب أو بعيد، ودائما ما يركن الشيوعي لدعم وتأييد القضايا التى تثير الخلافات السياسية كما انه اكثر الاحزاب التى تتسم بوجود الخلافات السياسية حتى اصبحت سمة ملازمة لمسيرته، بل انه طوال فترة تاريخه السياسي ظل رافضاً لجميع المبادرات الوطنية، ويري د. عثمان انه على الرغم من مسيرة الحزب الشيوعي الطويلة في البلاد إلا انه لم يكن له تأثير يذكر في المجتمع لجهة انه يعتمد علي طبقه برجوازية مرتبطة بأفكار غربية واحزاب خارجية مبادئها وشرعها ونهجها يختلف تمام الاختلاف عن مبادئ وافكار الشعب السوداني، الأمر الذي افقده تأييد الشعب في جميع التظاهرات التى ظل يدعو لها خلال الفترة الأخيرة.

ظل الحزب الشيوعي معارضاً لمعظم الحكومات في السودان مما شكل قناعة راسخة لدي الشعب السوداني بأنه لا يمكن أن يدعم إي مشروع وطني لا يتفق مع مسيرته وتاريخه وتوجهاته، الأمر الذي افقده تأييد بعض الاحزاب المعارضة التى كانت على مسافة قريبه منه.

وليس ببعيد عن الذاكرة ارتفاع بعض الأصوات الحزبية من المعارضة التى ابدت ضجرها من مواقف الحزب الشيوعي وأصبحت تتحاشي وجوده ضمن تحالفاتها لجهة إنتقائيته في التعامل مع أحزاب المعارضة وأصراره على قياداتها وفق رؤيته.

ويوضح د. احمد الحسن عبد الله الباحث في شأن الأحزاب السودانية أن الحزب الشيوعي السوداني بالرغم من انه من الأحزاب القديمة التي اعتمدت علي العمل النقابي إلا أنه لم يستطع أن يمتلك قاعدة جماهيرية مؤثره كما أن قيادته عبارة عن رموز تقوم بترتيل قوانين الحزب الماركسي الذي يدعو في برنامجه الأساسي لتنفيذ أجندة لاتخدم السودان ويؤكد الحسن ان جميع البرامج التي ظل يطرحها الحزب الشيوعي علي مدي تاريخه الطويل لم يكن من ضمنها برنامج يخدم المواطن في معاشه لهذا فأنه لم يستطع أن ينال ثقه.

درج الشيوعي على تكرار الحديث عن استمرار المقاومة وتنظيم المظاهرات الشعبية من اجل إسقاط النظام على غرار ما حدث في أبريل 1985م، إلا أنه يدرك مثل غيره أن مثل هذه الأساليب لم تعد تصلح في العهد الحالي، لجهة ان الحكومة تقدمت على الاحزاب المعارضة بعدد من الخطوات تحقيقاً للإصلاح ولم يكن طرحها للحوار الوطني الا من هذا القبيل، وهي الخطوات التى ايدها المجتمع الدولى والإقليمي والذي ساهم في سبيل وقف الحرب في السودان وتحقيق المصالحة الشاملة، وبالمقابل أضحت الممارسات التي تقوم بها الاحزاب على شاكلة الشيوعي لا تجد القبول من جميع الوان الطيف السياسي بل أنها اصبحت محل إنتقاد من الموالين له قبل معارضيه.

smc.