تحقيقات وتقارير

ماذا يأمل ثوار 25 يناير من الرئاسيات المصرية؟

مع اقتراب إغلاق باب الترشح لانتخابات الرئاسة المصرية، وفي خضم البحث المتسارع عن مرشح منافس للرئيس عبد الفتاح السيسي، بعد زخم إعلان شخصيات ذات ثقل عزمها الترشح ثم استبعادها والتنكيل بها وبأنصارها، يتساءل البعض عما تبقى من أمل لدى قوى ثورة 25 يناير 2011؟

ويأتي تزامن هذه التفاعلات مع الذكرى السابعة لثورة 25 يناير في ظل تدهور مرصود من قبل مؤسسات دولية ومحلية للأوضاع السياسية والاقتصادية بمصر، ليزيد من حجم التحديات التي تواجهها قوى الثورة والعقبات المتجذرة أمام مساعيها لتحقيق أهدافها المعلنة بكسر هيمنة النظام الحالي، وإيقاف “النزيف المستمر للثورة”.

ويُغلق اليوم الاثنين بابُ تلقي طلبات الترشح للانتخابات الرئاسية، بعدما أغلقت المجالس الطبية أمس الأحد باب الكشف الطبي لراغبي الترشح.

ورغم التوقع المبكر “لهزلية وعدم جدية” هذه الانتخابات، واستبعاد تمخضها عن تغيير حقيقي يفيد مسار ثورة يناير وأنصارها، فإن ظهور مرشحين “جادين حقيقيين” (كما يراهم أنصارهم ومراقبون) فتح باب آمال وتطلعات أمام قوى وحركات ثورية لإحداث حراك في المشهد يساعد على زعزعة تسلط النظام وأجهزته الأمنية.

وسرعان ما اضمحلت تلك الآمال والتطلعات مع ما شهدته الأيام الأخيرة من إزاحة لتلك الشخصيات واستهدافها وأنصارها بأساليب مختلفة، إلا أن ذلك فتح أبوابا أخرى لمكاسب وطموحات ثورية بمنظور مختلف يرى في قتامة المشهد الانتخابي منطلقا ومصدرا لتحقيق تلك الطموحات والآمال.

موقف موحد
أبرز تلك الآمال والطموحات المتعقلة بانتخابات الرئاسة يراها محمد القصاص نائب رئيس حزب مصر القوية متمثلة في تزايد إمكانية اتخاذ موقف موحد من قبل قوى الثورة تجاه هذه الانتخابات والسلطة القائمة، وهو الأمر الذي كان صعبا ومتعذرا خلال الفترات الماضية.

ومع إقراره في حديثه للجزيرة نت بانعدام الأمل في تغيير مباشر ينبثق عن الانتخابات، فإنه يرى أن الإصرار على إخلاء الساحة من أي منافس حقيقي أمام السيسي يمكن أن يشكل فرصة لتغذية روح الثورة من جديد، وإيجاد أرضية شعبية للثورة بما يتعارض مع مقصد النظام من هذه الانتخابات.

ويعتبر القصاص ما يقوم به النظام المصري من “كبت” في سياق التهيئة للانتخابات المقبلة، والاستمرار في الضغط السياسي والاقتصادي والاجتماعي، يرسخ لدى الشارع المصري قناعة بأنه “نظام دكتاتوري غاشم لا يبحث إلا عن مصلحته”، وهو الأمر الذي سيساعد على تراجع شعبيته وتوليد انفجار حقيقي لا يمكن التكهن بعدُ بموعده.

وكانت 56 شخصية سياسية -بعضها كان مؤيدا للانقلاب العسكري- دعت في بيان لها الشعب المصري إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية “لتعرية نظام السيسي”، كما دعوا القوى والأحزاب والكيانات السياسية لإعلاء المصلحة العليا للبلاد ولملمة شتات المعارضة، والوقوف صفا في مواجهة النظام، والعودة إلى طريق يناير.

كما دعا خمسة مرشحين سابقين لمنصب رئيس الجمهورية ومنصب نائب الرئيس، إلى وقف الانتخابات واعتبارها “فقدت الحد الأدنى من شرعيتها”، ودعوا الشعب المصري إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية كليا وعدم الاعتراف بنتائجها. كما دعوا قوى المعارضة إلى “تشكيل جبهة تدرس الخيارات القادمة، وتستدعي الشراكة الشعبية فيها”.

الخسارة مكسب
في هذا السياق، أعلنت الحركة المدنية الديمقراطية عقدها مؤتمرا صحفيا غدا الثلاثاء ﻹعلان موقفها من “المهازل المتلاحقة لإخلاء ساحة الانتخابات قسريا للرئيس الحالي، وما يتعرض له المرشحون الجادون من داخل الحركة وخارجها ومؤيدوهم وأفراد حملاتهم من ضغوط وتنكيل”.

بدوره، يرى القيادي بجماعة الإخوان المسلمين أحمد رامي أن الآمال في مكاسب متعلقة بالانتخابات المقبلة مرتبطة بما يخسره معسكر النظام بتأثير النزاع الدائر بين مكوناته في سياق هذه الانتخابات.

ويشير رامي في حديثه للجزيرة نت إلى أن معسكر ثورة يناير لا يرى نفسه رقما في الانتخابات الرئاسية المقبلة، إلا أنه يأمل في مكاسب مترتبة عليها نتيجة ممارسات النظام القمعية وعنفه واستبداده في إجراءات هذه الانتخابات، التي ترفع حجم خسارته لحلفائه وهو ما يحقق مكسبا للثورة على المدى المستقبلي.

ورغم تأييده للنظام الحالي فإن رئيس حزب الجيل الديمقراطي ناجي الشهابي يرى أن ما تقوم به السلطات في إطار تمهيدها للانتخابات الرئاسية المقبلة، من شأنه أن “يزيد حالة الغضب والتذمر الشعبي التي لا تصب في مصلحة الوطن والرئيس السيسي”.

ويذهب الشهابي في حديثه للجزيرة نت إلى أن التطورات الأخيرة تبدد آمال الشارع المصري بشكل عام وليس قوى ثورة يناير فقط، لافتا إلى أن قوى الثورة الحقيقية لديها رغبة صادقة في أن تجرى الانتخابات بشكل صحيح وفاعل يساعد على استقرار الأوضاع وقطع الطريق أمام أي فوضى أو اضطراب.

المصدر : الجزيرة