المصرفي طه حسين يوسف: منشورات البنك المركزي تخرج دون استشارة لذوي العلاقة
طباعة العملة تؤثر على الاقتصاد ولابد من تنسيق مع الجهات ذات الصلة
شركات مالية خارج رقابة البنك المركزي
التفكير في تعويم الجنيه حالياً سيكون صعباً
رأس مال أكبر بنك سوداني لا يتجاوز 200 مليون دولار
لا نحتاج إلى بنوك أجنبية تعمل وفقاً للقوانين للمحلية
سوق الأوراق المالية يحتاج إلى سلطة قانون ليكون فاعلاً
وجود البنوك الأجنبية يحتاج إلى استراتيجية من المركزي
الكتلة النقدية خارج القطاع المصرفي تقدر بـ64%
حوار: عاصم إسماعيل
قال إن دور البنك المركزى ينحصر بصورة أساسية في حل مشكلة الصرف والتضخم، إضافة إلى حماية المواطن بتوجيه التمويل للقطاعات المنتجة، وأكد أن منشورات البنك المركزي تصدر بلا استشارة تحدث ربكة في القطاع، وطالب بمراجعة بعض المنشورات لأن الاقتصاد السوداني غير ثابت، وأوضح أن الكتلة النقدية التي تتحرك خارج النظام المصرفي تعتبر من المشكلات الأساسية، كما أن طباعة العملة تؤثر مباشرة على الاقتصاد، ودعا إلى إيجاد صيغة تكاملية بين البنك المركزي والقطاعات الاقتصادية.
*لماذا أوجد البنك المركزي؟
– بنك السودان المركزي وجد ليس لرقابة المصارف التجارية، فحسب بل لحماية المواطن من خلال موجهات وسياسات باعتبار أنها قائمة بتراخيص منه وتتبع له بقانون تنظيم العمل المصرفي.
*يعني لا يسمح لأي نشاط مالي إلا عبر المركزي؟
– لا يحق لأي شخص أو مؤسسة ممارسة العمل المصرفي إلا بموافقة البنك لأنه يضع السياسات في محاورها المتعددة أهمها تقليل الضغط على المواطن، ووضع الاحتياطي القانوني وسعر الصرف وإدارة السيولة، وهذه تعتبر ضمن سياسات السوق المفتوحة، وكلها لحماية المواطن بجانب تقليل التضخم وفتح فرص الاستثمار الخارجى .
*وماذا عن التعاملات الخارجية؟
– في فترة من الفترات كان البنك المركزي يعاني من العقوبات الدولية التي جعلت كثيراً من التعاملات الخارجية بها صعوبة، ولكنها أكدت أنها مدرسة جيدة في كيفية إدارة السيولة في وقت الأزمات، وكيف استطاع المركزي إدارة شؤونه في ظل الضغوط.
* وأيضاً يمتلك دوراً نحو البنوك المحلية؟
– دوره مباشر مع المصارف التجارية في سعيه لحل مشكلة سعر الصرف والتضخم والاستفادة من الموارد الموجودة من خلال توجيه التمويل نحو القطاعات الزراعية والصناعية والصادر والتعدين.
*هل هذا كل ما يقوم به المركزي نحو المصارف؟
– بالإضافة إلى ذلك مثلاً الاحتياطي القانوني حيث منح البنوك في حال توجهها نحو القطاعات الإنتاجية بتخفيض في الاحتياطي القانوني إلى 13% من 18% ولمجاراة السوق الأسود وضع الحافز لجذب مدخرات المغتربين بل وجه أيضًا كل البنوك لتسليم الحصائل لأصحابها بالعملة الأجنبية وأن يحتفظ بحصائل الصادر التي رفعت من 15% إلى 25% والآن تنازل عنها لتجميع الصادرات.
*ولماذا إذاً تحدث المشاكل؟
– المشاكل تبدأ من منشورات البنك التي تخرج دون استشارة لذوي العلاقة فهنالك منشورات ألغيت بداية العام الجاري مع العلم أنها وجدت بنهاية العام المنصرم، وحتى الفقرة التي يشير فيها المنشور تجدها مبهمة وهذا الأمر يحتاج إلى مراجعة.
* ولكن المنشورات لتصحيح بعض الأوضاع؟
– بعض المنشورات لم تتم مراجعتها لأن الاقتصاد السوداني متحرك وكون المنشور يظل مستمرًا دون تقييم أمر غير مجدٍ فمثلاً منشور التمويل العقاري هذا المنشور أوقف تمويل السيارات والعقارات معاً لكن في اعتقادي التمويل العقاري مهم وحتى السيارات كان يجب رفع الجمارك وليس الإيقاف وسياسة المنع ليست في مصلحة المواطن.
* كيف وهنالك مصلحة عامة؟
– نعم، ولكن البلد لديها شركات تمتلك تراخيص عالمية تحتاج لتشجيع فمثلاً شركة جياد منتج وطني يزيد من دخل الدولة وحتى التمويل العقاري لم يجد حظه كما أنه في حال المغتربين لا يوجد شيء عمليء.
*منشورات المركزي أحياناً تشير إلى سياسات منع تمويل؟
– سياسات المنع تشتمل على نوع من الخلل، وهي ضارة للاستثمار الأجنبي وأنت تتحدث الآن عن جذب بنوك عالمية من روسيا وتركيا والصين وربما هذه السياسىة تنفر المستثمر ولن تحفز تنشيط الصادرات.
* ولكن منع تمويل التجارة الداخلية من المصلحة العامة؟
– حتى منشور منع التجارة المحلية لم يحدد كيف ذلك، وأنت تتخذ برنامجاً خماسياً كما أنه وفي إطار سياسات المنع هذه ظهرت شركات لا هوية لها بدون رقابة، لذلك فإن أي عمل مصرفي أو مالي يمارس داخل البلد لابد أن يكون بتصديق من بنك السودان.
*يمكن التوضيح أكثر؟
– بعض الشركات تتحصل على تصديق من مسجل الشركات دون وجود جهة رقابية رغم أن المركزي لديه إدارة للرقابة والتفتيش على الشركات فلابد من أخذ الحيطة والحذر لأنها غير معترف بها من المركزي، وهذه الشركات مسؤول عنها مسجل عام الشركات.
* هنالك تضارب في الأقوال فيما يخص الكتلة النقدية؟
– من المعضلات الأساسية الكتلة النقدية خارج القطاع المصرفي والتي تقدر حسب اتحاد المصارف بحوالي 64% وأزيد والمتبقي داخل القطاع لابد من إيجاد أدوات لدخولها عمل البنك المركزي.
*وما هو المطلوب لدخولها إلى القطاع المصرفي؟
– صحيح في العام 2016-2017م زادت الكتلة النقدية بحوالي 28% عقب إقرار النظام الإلكتروني وكل هذه الزيادات من قبل المؤسسات الحكومية ونتمنى أن يكون كل النظام للإحكام في الكتلة خارج النظام.
* أيضا رساميل البنوك غير معتبرة؟
– رأس مال أكبر بنك سوداني لا يتجاوز 200 مليون دولار والآن مع السعر التأشيري الجديد سيكون رأس المال بالدولار فقد قيمته وحصل تآكل له بالنقد الأجنبي وكل محاولات المركزي هي الوصول لحلول للغرض الأساسي وهو تقليل سعر الصرف.
*وما هو التأثير الجديد للسعر التأشيري؟
– كان البنك المركزي اعترف بالسوق الموازي الذي يأخذ مؤشره بسعر المركزي، ولذلك عادة ما تجد تجار العملة يحددون سعرهم بعد الساعة الثانية عشرة ظهراً.
*وما هي السياسة الصحيحة؟
-سياسة السعر التأشيري تعتبر صحيحة إذا امتلك البنك المركزي نقداً أجنبياً تعتبر ممتازة، ولكن إذا لو يوجد احتياطي فإن هذا السعر يشكل خللاً في السوق، وبشكل عام يجب التروِّي في اتخاذ مثل هذه القرارات، فقبل أيام حفزت المصدرين وألغيت نسبة الـ25%، ولكنك ألغيت فرحتهم بالسعر التأشيري الجديد.
*وماذا عن سياسة احتساب الاحتياطي القانوني؟
-سياسة احتساب الاحتياطي القانوني تقييمها بالجنيه تؤثر على أرباح ودائع الجمهور وتؤثر على حركة البنك، بالتالي الجمهور يرى الأرباح مقارنة بالتضخم، ولو أن البنك حاول توزيع أرباح غير حقيقية تنهار البنوك وتؤدي إلى عدم الثقة.
* ولكن أيضاً هنالك عبء على الاستيراد؟
– نعم، هنالك ضغط كبير، ولكن لو تحدثنا عن استيراد لسلع إنتاجية تساعد في زيادة الإنتاج يعد الأمر منطقياً والآن التوجه السليم أن يتوجه المستوردون لإدخال أدوات تساعد في الإنتاج فلابد من محفزات المصدرين زيادة على تنازل المركزي عن نسبة الـ25% من حصائل الصادر.
* وما هي الحلقة المفقودة حالياً؟
– نطالب بتكامل وتنسيق بين بنك السودان ووزارة التجارة والصناعة على أساس توطين الصناعات المستوردة توطئة لوضع برنامج لغزو أفريقيا بالصادر وليس أوروبا.
*بمعني التوجه أفريقيا؟
لابد من نشوء علاقات سودانية أفريقية لأنها تعتبر السوق العالمي الجديد وهو مقبول لنا ولكن السوق العالمي له معايير معينة خاصة وأن هنالك دولاً إفريقية كثيرة مغلقة تحتاج إلى السودان.
*وهذا الأمر مقرون بأشياء مهمة في البنية التحتية؟
– لابد من تسهيلات لوزارة النقل لتوفير بنية تحتية من أجل الاستثمار بالتالي علىينا بتوجيه السياسات التي تقابل المستثمرين في كثير من الإشكالات بدعم مصرفي من البنك المركزي لأنه أداة أساسية لنقل الإنتاج.
*والاستثمار من جهة أخرى؟
– أيضاً نحن في حاجة إلى تنسيق بين البنك المركزي ووزارة الاستثمار، ويجب الاتفاق على استبعاد رأس المال الضعيف على أن تبدأ من 500 مليون دولار فما فوق فهنالك اسستثمارات أراضي منحت لأجانب وحتى الآن لم تفعل يجب استبعادها.
*ولكن هنالك مستثمرون يشكون عقبة التحويلات؟
-خلال التنسيق بين المركزي ووزارة الاستثمار يجب التطرق لمسألة التحويلات ومقارنتها بالاقتصادات الأخرى لابد من تحويل نسبة محددة للجهة المالكة لرأس المال والبقية تذهب لإنشاء المحالج والتخزين والمساعدة في عملية التغليف.
*بنك السودان يواصل في طباعة العملة؟
– طباعة العملة تؤثر سلباً على مشاكل الاقتصاد مثل الحروب والمشاكل الأخرى في سعى البنك لإيجاد رصيد له ونتوقع أن يتوقف عن السياسة ويتعامل أفضل خلال الفترة القادمة.
*ولكنه أيضاً يصر على شراء الذهب واحتكاره؟
– شراء الذهب أيضاً أثرت سلباً، ولكن الأمر الإيجابي هو التمويل بالعجز إذا كان يتم التوظيف في إنتاج ولكن إذا كان استهلاكاً فهو أمر سلبي يزيد من التضخم.
*وكيف يحارب البنك مسألة التضخم؟
– التضخم الموجود مرتفع جداً وفي الواقع هو 50% فهو ملموس ومحسوس ولا توجد رقابة على الأسواق من قبل التجارة لأن قانون حماية المستهلك يحتاج إلى تفعيل كما أن الجشع في ظل هذا الوضع مبرر فلو تم تفعيل القانون وحماية التجار سيقل الجشع .
* تأثير العقوبات؟
-تأثير العقوبات سلبي، أفقد البنك موارد، ولكن أعتقد أننا حالياً نسير في الاتجاه الصحيح بعد عودة العلاقات المصرفية مع بريطانيا وقطر، ولكن تظل مشكلة عدم وجود نشاط فعلي.
* ولكن كيف تنظر لمسألة تعويم الجنيه؟
– هذه تحتاج إلى ضخ مبالغ بالعملة الصعبة وصادرات وسياسات قوية ولو فكر البنك المركزي حالياً في التعويم، فإن الأمر سيصبح صعباً لأن المتوفر من النقد الأجنبي قليل ولا يوجد صادر أيضاً.
*البنوك السودانية فقدت خاصية التخصص؟
– من ضمنها رأس المال والودائع، فالتخصصية اسمية فقط، ولكننا نحتاج إليها، ولابد من توجيه البنوك وكفانا بنوكاً تجارية، وبرغم ذلك فقد ساهمت البنوك في إنشاء الكباري والطرق وبناء المدن، ولكننا نتحدث عن معضلات اقتصاد كامل.
* ما هي مبررات البنك في احتكار شراء الذهب؟
-البنك يحتكر شراء الذهب لظرف محدد له مبرراته نتيجة للتهريب وحدودنا مفتوحة ونحتاج لضبط تلك الحدود، وطالما تم تحرير السوق فعليه أن يتنازل تدريجياً عن الشراء للذهب عبر التنسيق مع وزارة المعادن لأنها تروج لشركات عالمية لها اتفاقيات، وفي الواقع قرارات المركزى تؤثر عليهم فأي سياسة تختص بشراء الذهب يجب الرجوع فيها إلى الجهة المختصة.
*دعنا نتحدث عن سوق الأوراق المالية؟
-سوق وُلد في علام 1995م، وبعد سنتين فرض الحظر الاقتصادي فهو يحتاج إلى ربط مع العالم والآن هو عضو في صندوق النقد العربي واتحاد البورصات العربية فهو سوق إسلامي.
*ولكنه يستخدم أدوات بدائية؟
-الأدوات المستخدمة تحتاج إلى اهتمام من الدولة “قانون” فشركات المساهمة العامة تفتقر لمعلومات ولا يوجد قانون رادع لمعرفة المعلومات بل الأمر يعتمد فقط على شخصية المدير العام، ولو وجد قانون لإفصاح المعلومات يكون أفضل.
*وهل ترى القانون فاعلاً؟
-القانون هو سلطة رأس المال، ونتوقع أن تدخل منتجات جديدة بما أنه يعمل حالياً على تثقيف الجامعات وبدأ يتحرك، وهو من أكثر الأسواق العالمية ربحية.
*حديث كثير يدور حول شهامة؟
– ربحية شهامة الآن 17% غير عمليات التدوير في السوق، ونسبة المتعاملين في شهامة 150 ألف متعامل، ونحن نريد تشجيع الصناديق بعد الوعي المالي للبنوك بدأ المركزي يزيد من نسبة ربحية شهامة إلى 25%.
*وماذا عن الشركات الكبرى؟
– نحن نريد منها مثلاً إدراج وطرح نحو 25% من أسهمها في السوق وتعلن أرباح سنوية ولو ألزمنا بعض الشركات لإدراج أسهمها في السودان عبر السلطة بوضع لوائح وقوانين تكون مرتبطة بالدولة نفسها.
*مفهوم شهامة؟
– شهامة عبارة عن مكون تتنازل الدولة عن إيراداتها في شركة ومشروعات قائمة مقابل التمويل لتغطية المصروفات تبنى وفقاً لخطط مالية، والآن إجمالي شهامة بلغ 23 ملياراً، فالمشكلة هي أن مفهوم شهامة لم يكن راسخاً لدى الكثيرين.
*ولكن التأشيري يعمل على تناقص حجم شهامة بالدولار؟
– بالسعر الجديد يكون مكونها أقل من مليون دولار، ومثلاً بعض الدول تقوم على الصكوك والسندات الحكومية مقارنة بما لدينا تعادل 300% ونحن لو عملنا صندوقاً دولارياً في الوقت الراهن وفقاً للمؤشرات الدولية سوف ينجح .
*كيف يتم ذلك؟
– في السابق كان الحظر يقف عائقاً، والأن لا توجد عوائق، عن طريق التصكيك يمكننا تمويل بعض القطاعات والتصدير للعالم، ويمكن كذلك جذب مدخرات المغتربين، ومن ثم ندخلها في مشاريع ونعمل شراكات دولية ونزيد من خلالها ثقة المغترب.
* هنالك سعي لفتح بنوك خارجية؟
-أولاً البنوك الخارجية تزيد من معدل التنافسية والمحلية وفي الوقت الراهن لن تكون لها تنافسية إلى أن تفكر الدولة في حلول لزيادة رأس المال للبنوك المحلية، فوجود البنوك الأجنبية يحتاج منا إلى استراتيجية واضحة ولوائح لتنظيم العمل وتراخيص محددة.
*هل نحن في حاجة إلى بنوك أجنبية؟
– نحن لا نحتاج إلى بنوك تعمل وفقاً للمحلية، ولكننا نريد مؤسسية وأغلب البنوك التي جاءت لم نقم بقياس جدواها الاقتصادية ونسبة كل بنك في التنمية وزيادة الوعي المصرفي والشمول المالي والانتشار المصرفي، ولذلك لا توجد رؤية من البنك المركزي.
*كم عدد البنوك السودانية المحلية؟
– يجب السعي لإيجاد مؤشرات، فالبنوك المودجودة الآن هي 38 بنكاً، ولكن السياسات تحجم البنوك بل أصبحت في شكل صرافات تحتاج لزيادة الفعالية، كما أن تدخل البنك المركزي في أدوات عملها مشكلة يجب أن يتم تحديد الممنوعات من خلالها، ولكن المتاح عالمياً يجب السماح به، فلابد من تشجيع البنوك وتطمين المغتربين والمستثمرين، فالأمر يحتاج إلى شغل.
مصادر: صفحة الدكتور طه حسين يوسف
الصيحة.