القط والفأر والجنيه والدولار!!
أصدر محافظ بنك السودان حزمة من القرارات رفع بموجبها سعر الدولار إلى ثلاثين جنيهاً، وهي من القرارات التي تحتاج إلى توضيح أكثر من قبل البنك أو من الجهات الاقتصادية لأن حزمة الإجراءات هل ستوقف تصاعد الدولار في مقابل الجنيه أم سيكون عملية سك أشبه بقصة القط والفأر فكلما حاول القط أن يلتهم الفأر نجد الفأر قد هرب إلى مكان آخر.. والفأر بما لديه من سرعة في التنقل والقفز جعل القط في كثير من الأحيان محتاراً في كيفية إلتقاطه.. فالفأر يمكن أن يدخل الجحر ولكن القط لا يستطيع أن يدخل معه.. ولذلك حاول الجنيه السوداني أن يلحق بالدولار كل مرة أو يوقفه عند حده، ولكن دائماً محافظ بنك السودان يحاول أن يتخذ من القرارات التي تقلل أو توقف زحفه، إلا أننا نجده قفز إلى أعلى وهو أشبه بالفأر الذي يقفز من الدولاب إلى السرير وهكذا، ولذلك لابد أن يغلق الباب عليه تماماً حتى لا يخرج مرة أخرى حتى يسهل التهامه، فالسياسة التي اتخذها المحافظ ربما توقف زحف الدولار، ولكن لابد أن يعي تماماً للمخططات التي يمكن أن ينفذ منها التجار الذين كدسوا الدولار أو حاولوا تهريبه .. نحن في حاجة إلى اقتصاديين يحاولوا أن يشرحوا إلى الشعب تلك السياسات وإلى أي مدى يمكن أن تنهي أسطورة الدولار ووقف المضاربين به، وإلا ستكون الجراحة التي قام بها السيد المحافظ أحدثت نوعاً من التسكين ريثما يعاود الجرح من جديد فالعمليات التي تجرى ببنج كامل تمكن الطبيب أن يعرف كيف يستئصل المرض كاملاً بلا عودة.. ولكن البنج الموضعي لا يجعل الطبيب يمارس عمله بحرية كاملة، وهذا هو الذي يحتاجه اقتصادنا، فهو محتاج إلى طبيب ماهر يمكنه من إزالة الورم من جذوره حتى لا ينتشر في باقي الجسم فالأستاذ “حازم” محافظ بنك السودان يفترض أن يكون معه تيم متخصص في مثل تلك الجراحات التي تقضي على المرض نهائياً، فالسوق الآن بعد قرارات بنك السودان ربما يكون قد هدأ قليلاً خاصة وإن الإشاعات التي سرت من قبل الوسائط الإعلامية اليومين الماضيين جعلت الناس في حالة هلع شديد مما جعلهم يذهبون إلى البنوك بغرض سحب أموالهم وبالفعل اكتظت البنوك بالمواطنين الراغبين في سحب أموالهم خشية أن تضيع في ظل السياسات المتغيرة يومياً بسبب الدولار وتصاعده اليومي، إلا أن بعض مديري البنوك الذين التقينا بهم أكدوا أن ما حدث مجرد إشاعات قامت بها جهات حاولت أن تزرع الخوف في القلوب الضعيفة، ولكن كانت البنوك تمارس عملها كالمعتاد وكانت عمليات السحب والإيداع تسير بصورة طبيعية مما قلل من عملية الهلع التي أصابت الناس أمس الأول، والآن الإجراءات الجديدة لبنك السودان والتي تم تطبيقها تقريباً ربما تساعد في استقرار العُملة السودانية مقابل الدولار، وكل من يمتلك دولاراً أو يريد أن يشتري من السوق الموازي لإضافته إلى ما لديه من عُملة، فإن البنك لن يسمح له بذلك فإن نجحت هذه القرارات نكون قد أوقفنا النزيف إلى أن يشفى الجرح نهائياً وبذلك يتعافى الاقتصاد وتعود العُملة إلى وضعها الطبيعي.
صلاح حبيب – لنا رأي
صحيفة المجهر السياسي