زاهر بخيت الفكي

الضعيف بقع والسمين بقع..!!


الضعيف بقع والسمين بقيف ، جُملة كُنا نُرددها في تناغم وفرح طفولي أثناء دوراننا السريع حول بعضنا إلى أن تدور الرؤوس ونبدأ في السقوط على الأرض الواحد تلو الأخر وتعلو الضحكات مع كُل سقوط وترتفع الأصوات بترديدها الضعيف بقع والسمين بقيف ، لعبة من ألعابنا ونحن صبية صغار أشقياء في زمان اللا كمبيوتر ولا نت ، من يصمُد هو القوي حتى ولو كان ضعيفاً ومن ينهار ويسقُط هو الضعيف حتى ولو كان سميناً بدينا ، وتفرقنا جميعنا ندور بعنف في فلك الحياة الجادة بلا ضحك وقع أكثرنا ولم يصمُد إلا القليل (السمين)..

هكذا كان قدرُنا أن نستمِر في اللف الدوران في كُل مراحل الحياة والضعيف البقع اليوم لا أمل له في أن ينهض من جديد لمعاودة الدُوران وما أكثر من وقعوا ، دوران السياسة ولفها المُهلِك للأجساد والمُدمِر للمُكتسبات غابت فيه الضحكة البريئة وحلت مكانها حالة من الحُزن والشفقة والحسرة على حاضر ضيعته السياسة ومُستقبل بلا أدوات تنقل الناس إليه وتُبشرهم بانفراج الحال فيه وتُوقِف حركة اللف والدوران التي نشهدها اليوم ، ولم يترُك اللهث المتواصل للناس مساحة للضحك والإنبساط واللعب لأجل الترويح والمُتعة..

في غفلةٍ من الزمان وجدنا أنفسنا في سفينة يعلو هُتاف أهلها بشعاراتهم على صوت ماكيناتها شعارات ظاهرها الرحمة والرفاه وباطنها حوى واقع الحال الغني عن السؤال ، حدثنا أهلها بعد أن هدأت هُتافاتهم قليلاً أنّ السفينة العملاقة هذه تحمل إسم الإنقاذ وتحمل من المميزات والمواصفات ما لم تحمله غيرها من السُفن من حيث الضخامة ونوع الماكينات ومزية أخرى مُهمة جداً في أنّها تمضي إلى حيثُ يُريد رُبانها لا تُبالي أبداً بالرياح مهما كانت قوتها وقسوتها ولا مجال لغرقها ، هنيئاً لكم يا من أسعدكم التاريخ وامتدت بكم الحياة حتى تكونوا ضمن رُكاب سفينتنا هذه ، رويداً رويداً وقفت الشعارات وتوقفت الماكينات ونضبت المعينات وعينك يا من ضمتك هذه السفينة ما تشوف إلّا النور..

شاخ من دخلها شاباً وشاب من دخلها طفلاً وما زالت في تأرجحها تتقاذفها أمواج الفساد العاتية وتتلاعب بها رياح الصراع العنيفة التي جعلتها تلف وتدور حول شيمة عداواتها والتي لم تهدأ حركة دورانها طيلة عقود المسيرة القاصدة وقد أفقدها الدوران في اللاشئ بوصلتها وضاعت عليها الإتجاهات شرّقت وغرّبت ولم يترُك رُبانها إتجاه إلّا وسلكوه في سبيل النجاة ، أصاب رُكابها الدوار لم يسلم من هُم فيها ضعيفهُم والسمين ولم يستثني الوقوع منهم إلّا من بيدهم مفاتح غُرف غذاءاتها المملوءة (كانت) بالأمتعة القريبة جداً الآن للنفاد ..
بدأ القفز والهُروب من تحمل المسؤوليات والبحث عن مخارج آمنة والكُل يهتف بأعلى صوته يا (نفسي) والله يستر من الوقوع الغير قابل للوقوف ثانية..
والله وحده المُستعان..

بلا أقنعة – زاهر بخيت الفكي
صحيفة الجريدة