زهير السراج

صبرا آل أحمد !!


* رفع عدد من المحامين مذكرة للنائب العام تطالب باطلاق سراح المعتقلين فى معتقلات وسجون النظام الفاشى الفاسد، وفيهم العديد من الفتيات والنساء، وطفل هو البطل (احمد عبالرحيم عبدالله) الذى لم يتجاوز السادسة عشرة من العمر فى ظاهرة جديدة، بل جريمة بشعة لم تحدث فى تاريخ السودان من قبل، ولا أظنها حدثت فى مكان آخر، باعتقال طفل يفرض القانون على كافة الأجهزة والأفراد التعامل معه بطريقة معينة، دعك من اعتقاله لفترة اقتربت حتى الآن من أسبوعين رغم انه يأتِ بأى تصرف يعاقب عليه القانون ولا يعلم أحد أين يوجد وما هى حاله، وكيف تجرى معاملته، ولماذا لا يُسمح لأهله ومحاميه بلقائه، وأسئلة أخرى كثيرة حائرة لا تُعرف لها إجابات، تدور فى ذهن كل سودانى حر، وأذهان أفراد أسرته الفاضلة الشجاعة التى صبرت وتحملت الأذى الشديد باعتقاله وعدم معرفة مصيره حتى الآن !!

* ومن المعتقلين نساء وفتيات كثيرات، لم نعتد فى السودان مهما ارتكبن من جرائم، التعامل معهن بالاعتقال فى اماكن مجهولة، وإخفاء المعلومات عن أسرهن، وعدم السماح بمقابلتهن والإطمئنان عليهن، وهى جريمة كبرى يخطئ من يظن أنها ستمر بلا حساب أو عقاب!!

* جاء مذكرة المحامين الأحرار الذين تقدموا بالعريضة للنائب العام، أن اثنتين من المعتقلات هما إسراء وشيماء إبراهيم الشيخ، اعتقلتا أثناء ممارستهما لحياتهما الطبيعية، ولم ترتكبا أى فعل يستوجب الاعتقال، فضلا عن أنهما مرضعتان، ويزعم البعض أن سبب الاعتقال هو أخذهما كرهائن لإرغام والدهما المناضل الكبير والرئيس السابق لحزب المؤتمر السودانى (ابراهيم الشيخ) على إظهار نفسه، وهو زعم ان صح، يعد السابقة الأولى فى تاريخ العمل السياسى فى السودان (إن لم أكن مخطئا) باعتقال الحرائر كرهائن، وللنظام الاخوانى الفاشى، كما يعلم الجميع، سابقة باعتقال الدكتور (احمد فضل) كرهينة لإرغام شقيقه الدكتور (على فضل) الذى اتهم بالمشاركة فى تدبير اضراب الاطباء الشهيرفى 26 نوفمبر 1989 على تسليم نفسه، وعندما اعتقل فى 30 مارس، 1990 أطلق سراح شقيقه، وما هى إلا ثلاثة اسابيع (وبالتحديد فى 21 ابريل، 1990) حتى أحضر الشهيد (على فضل) الى مستشفى السلاح الطبى بام درمان وهو جثة هامدة بسبب التعذيب الوحشى الذى تعرض له فى بيوت الأشباح !!

* حملت المذكرة أسماء 232 معتقلا ومعتقلة، بعضهم معروف وغالبيتهم مواطنون عاديون لم يفعلوا شيئا سوى ممارسة حقهم الدستورى فى التعبير عن رأيهم فى الأوضاع المعيشية الصعبة التى يعانى منها الشعب بسبب الفساد الحكومى والسياسات الخاطئة، بل إن كثيرين ألقى عليهم القبض لمجرد المرور بأماكن التجمعات السلمية الاحتجاجية، كما قبض على صحفيين كانوا يمارسون العمل الصحفى فى تغطية الأحداث، وقبض على سياسيين وقادة حزبيين من منازلهم قبل وقوع الاحداث، ولم توجه لأحد أية تهمة حتى الآن، مما يبرهن على الرعب الشديد الذى يعيشه النظام الإخوانى الفاشى، ويظن أنه بممارسة سياسة القمع والاعتقال يستطيع ان يرهب الناس، ولكن هيهات !!

* أحيى المحامين الأحرار الذين تقدموا بالمذكرة الضافية القوية الى النائب العام، مطالبين باطلاق سراح المعتقلين فى قائمة الشرف التى ألحقوها بالمذكرة، وأثبتوا بكلماتهم القوية وأسانيدهم القانونية جرأتهم وشجاعتهم وحنكتهم، ووقوفهم مع الحق لا يخشون فيه لومة لائم، والتحية للمعتقلين الابطال وأسرهم الصامدة الصابرة، وللشعب البطل، المارد الذى انطلق من قمقمه ليكتب مرة أخرى صفحة ناصعة من صفحات التاريخ الإنسانى المجيد .. وصبرا آل أحمد، إن موعدكم الحرية والخلاص من نظام الفساد والإفساد!!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة