انتهى زمن التسامح !!
* مثلما خرج بعض المعتقلين، يجب أن تخرج البقية، وأن يجد من اعتقلهم بلا ذنب أو تهمة او سبب، المحاسبة والعقاب !!
* لقد شبع الشعب من عبارة (المسامح كريم) التى أغرت الظالمين بالغلو فى الظلم، يرفعونه شعارا لهم ويرتكبون تحته كل انواع الجرائم، يسرقون، وينهبون، ويعتقلون، ويغتصبون، ويقتلون، ويريقون الدماء، ويشيعون الفساد فى الارض وهم فى قمة الطمأنينة وكامل الإطمئنان، بأنهم فى أمان، لا يستطيع أحد أن يحاسبهم أو حتى يعاتبهم دعك من أن يعاقبهم، فأدمنوا ظلم الناس، لا يستطيعون العيش بدونه !!
* لا يكفى ان يخرج بعض المعتقلين، فتحتفى وسائل التواصل الاجتماعى، وتنقل كاميرات التلفزة دموع المعتقلين وهتافات اسرهم، ويدبج المنافقون عبارات الشكر والامتنان للظالم، ثم نسامح، ونخاطب انفسنا وبعضنا البعض، بعاطفة جياشة وطيبة ساذجة، ان (المسامح كريم)، وننسى كل شئ، ولا نتذكر الألم والمعاناة الفظيعة التى عشناها، إلا عندما يعود الغول ليضرب ضربته مرة أخرى ويفتك ويفترس ويعتقل، ويختطف الصغار والكبار والنسوة والفتيات الى مغارات وخنادق لا نعرف عنها شيئا، أو ما يحدث فى داخلها، فنعود للصراخ فى دواخلنا، ونبكى فى صمت معاناتنا، ويتعاطف البعض معنا، وتطالب بعض السفارات باطلاق سراح اسرانا، وتوثق المنظمات الحقوقية أسماء ضحايانا، وتنشط الاسافير فى نقل الاخبار والشائعات والرسائل الصوتية والفيديوهات قديمها وحديثها، وتنتناثر الصور والكتابات واللعنات، وبين هذا وذاك يصدر الغول الكريم الحنين أمره باطلاق سراح المعتقلين، ويحشد للحدث أجهزة الاعلام .. وترتفع الزغاريد وتنهمر الدموع و تخرج فى خجل بعض الهتافات .. ثم نكتشف أن الكثيرين، ما زالوا فى الكهوف وتحت الانفاق، ولا نعرف من دخل، ومن خرج، وماذا حدث، ونظل سادرين فى عفونا، رافعين شعار(المسامح كريم)، بينما يضحك الغول على سذاجتنا وهو يضمر لنا الشر!!
* قبل ان تخرج جماهير الشعب فى مواكبها السلمية، بدأت أجهزة النظام فى اعتقال العديد من قادة الأحزاب والسياسيين والناشطين سياسيا، ومحاصرة دور أحزاب المعارضة والتضييق عليها، ثم استخدمت اقصى صنوف القوة ضد المواكب السلمية، وتعاملت بعنف مفرط مع المتظاهريين السلميين العزل، واعتقلت المئات واودعتهم المعتقلات بدون أن يعرف لهم مكان أو حال، ومنهم نساء وفتيات وأطفال، ورغم ان بعض المحامين الاحرار استطاعوا حصر اسماء 232 من المعتقلين والمعتقلات وقدموا مذكرة احتجاج وشكوى الى النائب العام بخصوصهم، إلا انه لا يمكن لأحد أن يجزم كم عددهم بالضبط، كما أن وصف (المعتقلين) الذى وصفوا به لاينطبق عليهم، وإنما ينطبق عليهم وصف (المختطفين)، فالذى تعرضوا له هو (الاختطاف)، وليس الاعتقال الذى له تعريف قانونى لا ينطبق بأى حال من الأحوال على الجرم الذى ارتكب ضدهم، ثم أن الذين أطلق سراحهم أقل بكثير من الذين وردت أسماؤهم فى الكشوفات، فأين الباقون، وماذا حدث لهم، وما الذى يحدث لهم، وما الذى حدث للذين إستعادوا حريتهم؟!
* لا يكفى أن يخرج البعض فنفرح لاطلاق سراحهم، ونذرف الدموع فى صمت أو نرفع اصواتنا بالزغاريد والهتافات، بدون أن نعرف لماذا اعتقلوا وماذا حدث لهم، ومن بقى فى الداخل، والسعى الدؤوب لتقديم من اعتقلهم أو (اختطفهم) وأخطأ فى حقهم بدون تهمة أو سبب، للحساب .. فلقد انتهى زمن التسامح !!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة