صلاح الدين عووضة

فرحانة !!


*قصصت حكاية ديوانية الأدب من قبل..

*فقد دُعينا إليها خلال وجودنا بالكويت… في سياق دعوات ديوانية أخرى..

*وكان من بين مستقبلينا أديبتان تحملان اسم ليلى..

*إحداهما ليلى العثمان التي قلت إنها كشفت عن ساقين… فانتبهت إليها الأعين..

*إلى ساقيها أولاً؛ ثم يديها… فعينيها… فرأسها… فأدبها (أخيراً)..

*والأخرى لم تنتبه عين واحدة إلى أي شيء فيها ؛ لا الساق… ولا الأدب..

*وحتى إن أرادت الأعين أن تفعل فما كانت تقدر على ذلك..

*فالساقان تسترهما العباءة… والأدب مستور بعباءة الجهل به..

*فشعرت بتعاطف معها لأنها – على الأقل – ذات (أدب) أخلاقي… وحياء..

*واستشعرت هي هذا التعاطف فأهدتني بعضاً من أدبها..

*وهمست وهي تخط الإهداء على الرواية (آبي تجتب أي شيء عنها بجريدتك)..

*ثم أعطتني رقم جوالها… وعنوان بريدها الإلكتروني..

*فقد انخدعت المسكينة بالبدلة… والكرفتة… والحذاء اللامع..

*وحسبتني كاتباً ذا شأن – لعلها – في الوطن العربي كله… لا وطني وحسب..

*ووعدتها ووفيت وكتبت الـ(أي شيء) ؛ ولم يكن شيئاً يُذكر..

*فإذا بها تهاتفني في اليوم التالي وهي تصيح (أنا فرحانة… فرحانة… فرحانة وايد)..

*والبارحة اكتشفت بالصدفة أديبة عربية أخرى فرحانة أيضاً..

*فرحانة هنا في بلادنا… حيث اُستضيفت إلى فعالية أدبية باسم (المقرن)..

*وهي ذات لهجة لبنانية… ولم أسمع بها من قبل..

*ولست معياراً بالتأكيد لشهرة الآخرين…. ولكني أقرأ كثيراً في الأدب..

*وهذا ما جعلني أعرف ليلى العثمان ، وأجهل ليلى الأخرى..

*وذلك قبل أن أشاهد من ليلى الأولى هذه – ذاك المساء – ما جعلني أكره (أدبها)..

*وانداحت اللبنانية كلاماً… وضحكاً…… وفرحاً..

*وطفقت تتحدث كثيراً عن نفسها… وبيئتها… وثقافتها… وأدواتها… وأدبها..

*وأخذت تسرد على الحاضرين جانباً من إحدى قصصها..

*وأثناء ذلكم كله أتساءل أنا : من هذه ؟… ومن هؤلاء ؟… ومن أتى بهم؟..

*فهي لم تكن وحدها ، وإنما معها آخرون يجلسون بجوارها..

*وكلٌّ منهم في انتظار دوره ليشرح لنا عبقرية أدبه… وفلسفته… وما ورائياته..

*ولكني لا ألوم هؤلاء الفرحانين بقدر ما ألوم (فرائحيتنا) نحن..

*فرائحية (رسمية) تتغذى من أحزان شعبنا فترفض عليه غناءً… وطرباً… ورقصاً..

*وتفرض عليه مهرجانات تنافس ليلى العثمان في (أدبها)..

*وتفرض عليه – عبر شاشات غير ذات حشمة – ما يشابه ساقي ليلى هذه..

*والغريبة أننا كنا قد فرغنا من فعالية أدبية قبل أيام… فقط..

*فعالية باسم أديبنا الطيب صالح خُتمت – كالعادة – بأفراح الرقص والغناء..

*وهذه التي أعقبتها (طوالي) خُتمت أيضاً بأفراح رقص وغناء..

*فلماذا لا تفرح لبنانية مغمورة باحتفاء يشابه احتفائي أنا بكويتية مجهولة؟!..

*ثم تصيح (أنا كتير فرحانة !!!).

صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة