الترابي .. بين (العلم والعمل).. أثر باق
ولد الشيخ الدكتور حسن عبد الله دفع الله الترابي في 25 رمضان 1350هـ الموافق الأول من فبراير في العام 1932 بمدينة كسلا شرق السودان حيث كان والده قاضياً شرعياً بالمدينة، وقد كان لوظيفة والده الأثر في تجوله أنحاء عديدة من السودان حيث عاش في طفولته وشبابه الأول في عدة مدن، كما أنَّ والده اهتم بتعليم أبنائه العلوم الشرعية من قرآنٍ وحديثٍ وعلوم اللغة العربية من أمهات الكتب. وعن ذلك يقول الشيخ الترابي أنه لما بلغ المدرسة الوسطى كان له راتبٌ شهري من مصادر العلوم الشرعية يتعين عليه الرجوع إليها حتى إذا عاد إلى منزل الأسرة خلال عطلات نهاية الأسبوع كان عليه مراجعة ما تحصله من معارف مع والده. ولكن أسرته كحال غالب أهل السودان تنحدر أصولها من مناطق مختلفة حتى استقرت وسط السودان جنوبي الخرطوم العاصمة الحالية.
الترابي والتعليم:
تلقى الشيخ الدكتور الترابي تعليمه النظامي في مدن مختلفة حيث درس المرحلة الوسطى بمدينة ود مدني والمدرسة الثانوية بمدرسة حنتوب الشهيرة شرقي ود مدني ثم التحق بدراسة القانون بجامعة الخرطوم بين الأعوام 1951-1955 ثم نال شهادة الماجستير من جامعة لندن في العام خلال عامي 1957-1959م، والدكتوراه من جامعة السوربون بفرنسا في العام 1964م. تمكنه المبكر من دراسة اللغة العربية واطلاعه الواسع على مصادرها الأساسية مكنه من إجادة اللغتين الإنجليزية والفرنسية بطلاقة شديدة ثم اللغة الألمانية في وقت لاحق.
حياة عملية
فور عودته من الدراسة العليا في أوائل العام 1964 انخرط استاذًا بكلية القانون بجامعة الخرطوم وتولى عمادتها لبعض الوقت، ولكنه ما لبث أن استقال وتفرغ لقيادة الحركة الإسلامية.
بعد المصالحة مع نظام مايو في العام 1977 تولى مناصب تنفيذية من بينها النائب العام ومستشار الرئيس للشؤون الخارجية. ثم تولى منصب وزير العدل والنائب العام، ثم وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء في الحكومة الإئتلافية برئاسة السيد الصادق المهدي والتي تشكلت في العام 1987.
وفي العام1996 تولى رئاسة البرلمان حتى العام 1999م.
الحياة السياسية
انضم الدكتور الترابي لتكوينات الحركة الإسلامية الحديثة في بدايات العقد الخامس في القرن العشرين، ثم ما لبث أن صعد إلى قيادتها عقب عودته من دراسة الدكتوراه في فرنسا، وكان له إسهام كبير في إشعال فتيل ثورة أكتوبر 1964 من خلال أطروحاته التي أعلنها في ندوة نظمها اتحاد طلاب الجامعة بشأن سياسة الحكومة حينها تجاه الأزمة في جنوب السودان، كما ساهم في تنظيم المسيرات الأخيرة والمفاوضات بين قيادة السلطة العسكرية والكيانات السياسية حينها والتي أفضت إلى صيغة للتوافق على تنازل الحكومة العسكرية عن السلطة وقيام سلطة انتقالية للتهيئة لانتخابات حرة.
وانتخب أميناً عاماً لجبهة الميثاق التي تم إنشاؤها بعد سقوط الحكومة العسكرية في أكتوبر 1964، وبهذه الصفة مثل الجبهة وبصفته القانونية الأكاديمية شارك في المفاوضات التي عرفت بمؤتمر المائدة المستديرة حول مستقبل علاقة جنوب السودان بالحكم المركزي وشكل الحكم الدستوري المناسب لحكم السودان. وانتخب الترابي نائباً بالبرلمان عن دوائر الخريجين ١٩٦٥.
اعتقالات مايو
وفور وقوع انقلاب مايو في 25 مايو 1969 تم اعتقاله لفترات تفاوتت وبلغت في مجملها سبع سنوات، وفي العام 1977 دخل في النظام السياسي لنظام مايو عضواً في المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي. ثم تم تعيينه نائباً عاماً ومستشاراً للرئيس للشؤون الخارجية حتى 10 مارس 1985 حيث اعتُقل من جديد مع عدد من قيادات الحركة الإسلامية حيث ظلوا في المعتقلات حتى وقوع الانتفاضة الشعبية الثانية ضد حكم العسكر في 6 أبريل 1985. وانتخب الترابي أميناً عاماً للجبهة الإسلامية القومية التي تأسست في يونيو 1985 وظل أمينها العام حتى وقوع انقلاب 30 يونيو 1989. واُعتقل صبيحة انقلاب 1989 مع قادة الأحزاب والقوى السياسية حتى أُخرج من المعتقل أواخر العام 1989.
اعتقالات الإنقاذ
في العام 1991 أسس الترابي مع نخبة من الإسلاميين والمفكرين العرب الموتمر الشعبي العربي والإسلامي وانتخب أميناً عاماً له. وانتخب الرجل رئيساً للمجلس الوطني في ١٩٩٦.
وفي العام 1998 انتخب أمينًا عاماً لحزب الموتمر الوطني الحاكم حتى وقوع المفاصلة في مايو 2000 حيث تأسس الموتمر الشعبي في يونيو 2000 واستمر أميناً عاماً له. و في فبراير 2001 اعتقل في أعقاب توقيع مذكرة التفاهم بين المؤتمر الشعبي والحركة الشعبية لتحرير السودان، ثم تجددت فترات اعتقاله حتى العام 2013 وبلغت في مجملها أكثر من ثماني سنوات.
الصيحة.