تحقيقات وتقارير

بعد مضي ثلاثة أسابيع على تعيينه فيصل حسن إبراهيم.. كشف (حساب أولي)

التعديل الذي أجراه (الحزب الحاكم) المؤتمر الوطني الأيام الفائتة على مستوي قيادة الحزب التنظيمية جاء بمثابة جراحة عاجلة لعلها تسهم في تدارك وتصحيح بعض التشوهات التي ظهرت في جسد الحزب التنظيمي، وجعلت من الصراعات فيه أمراً واقعياً. فكان اختيار وزير الحكم اللامركزي السابق د. فيصل حسن إبراهيم ومساعد الرئيس البشير حالياً بمثابة الجراحة الدقيقة التي أجراها الوطني الذي يعول على (فيصل) في تضميد تلك الجراح، خاصة وأن الحزب يواجه في مقبل الأيام عدة قضايا وتحديات سياسية كـ(تعهدات تنفيذ الحوار الوطني) واقتصادية كـ (ارتفاع تكاليف المعيشة بالبلاد).

خطوات الرجل

ثلاثة أسابيع مضت منذ تعيين د. فيصل مساعداً لرئيس الجمهورية ونائباً لرئيس الحزب، وهي مساحة زمنية قد لا يجد لخطوات الرجل (مقياسًا) دقيقاً لتتبعها، إلا أن الشواهد والمعطيات تشير إلى أن الـ(20) يوماً كانت مفعمة بحركة الرجل وزياراته وتصريحاته وحواراته الصحافية التي أفردت لها الصحافة اليومية حيزاً من النقاش والتداول.

وطبقاً لما سبق فقد قام فيصل بتسجيل زيارات لقيادات سابقين في الحزب الحاكم بمنازلهم منهم د. نافع علي نافع – الزبير أحمد الحسن – علي عثمان محمد طه، كما زار سلفه في الموقع المهندس إبراهيم محمود حامد، بغرض التشاور حول تداعيات وتحديات المرحلة والاستعانة بمشورة هؤلاء الأشخاص بناء لما لهم من قدرات وإمكانيات سياسية وتنظيمية وعدم التحرك بمعزل عن جماعة الحزب التي تعرف لدى (الوطني ) بالقابضة أحياناً.

تغييرات مرتقبة

ولم يتوان مساعد الرئيس البشير المعين حديثاً، في تأكيد التغييرات المرتقبة التي تنتظرها الساحة السياسية السودانية على مستوى حكومة الوفاق الوطني بدءاً من تغيير بعض الحقائب الوزارية لحصة المؤتمر الوطني في الجهاز التنفيذي، حيث شغلت هذه التصريحات وما تزال ما بين الترقب والتكهن بظهور أسماء جديدة ربما لم يسمع عنها من قبل قادمين من الصفوف الخلفية للحزب . فضلاً عن الدخول في مشاورات مكثفة مع رئاسة المؤتمر الوطني لإجراء إحلال وإبدال في قطاعات وأمانات التنظيم، وهي مؤكد تلك التي تلعب أدواراً حساسة منها القطاع السياسي والاقتصادي والتنظيم الفئوي، والذي يضم ” المرأة – الشباب- الطلاب”. ومن الملاحظ أن د. فيصل حسن إبراهيم قد فتح باب منزله على مصراعيه لاستقبال كل مهني ومستفسر عن قضايا الساحة السياسية الراهنة، وكان أبرز هذه الشخصيات والفئات رؤساء الصحف وكتاب الرأي الذين التفوا حول “فيصل” بحثاً عن غنيمة صحفية علها تشبع فضول وتطلعات القارئ.

لقاءات مكثفة

وعلى المستوى التنفيذي دخل مساعد البشير في لقاءات مكثفة مع ولاة الولايات بهدف التعرف على نشاطات الولايات من حيث مسار التنمية والاستقرار خاصة تلك الولايات التي تعيش ظروفاً وأوضاعاً استثنائية ” النيل الأزرق – دارفور – جنوب كردفان”، وأيضاً ولايات عرفت باحتدام الصراع فيها تنظيمياً بين أعضاء ومنسوبي حزب المؤتمر الوطني “الجزيرة – البحر الأحمر”. ولم يغفل فيصل دور الحوار الوطني ومخرجاته التي تقوم عليها حكومة الوفاق الوطني، إذ كان قد ابتدر لقاءه بالقصر الرئاسي بلقاء ضم مساعدي الرئيس البشير اللواء عبد الرحمن الصادق – إبراهيم السنوسي، وتمت من خلاله مناقشة قضية إنفاذ المخرجات ومحاربة الغلاء والفساد، سيما وأن “فيصل” تعهد بمحاربة الشلليات التي لطالما قعدت كثيراً بالمؤتمر الوطني، وجعلت من تعدد وجهات النظر فيه خلافاً وليس اختلافاً، مما ترتب عليها تحول نهج الشورى إلى مسمى دون أن يكون واقعاً ملموساً ومعاشاً، مثلما كان في السابق.

إحداث اختراق

يرى عضو الحزب وأمين التعبئة سابقاً حاج ماجد سوار أن ما حدث من تغيير بالمؤتمر الوطني على مستوى القيادة التنظيمية أمر طبيعي للغاية، حيث أنه حدث من قبل باعتبار تفعيل قواعد الحزب، ومن ثم القدرة على مواكبة القضايا وتوفير الحلول المثلى لها. ويضيف ما جد للصيحة أن بمقدور د. فيصل حسن إبراهيم إحداث اختراق مجمل التحديات التي قد يواجه بها متى ما استصحب معه فكرة العمل الجماعي والدفع بالمبادرات التي طالما غابت عن الحزب منذ وقت طويل، فالمؤتمر الوطني هو الآن في أمس الحاجة لمن يقوم بهذا الدور وبعث روح وإحساس الأمل من جديد..

صدمات وقضايا

بدوره، يوضح المحلل السياسي د. رمز الدين أبو النجا من جامعة المدائن لـ(الصيحة) بأن تكالب الصدمات والقضايا في الفترة الأخيرة قد أربكت الحزب الحاكم، ما ترتب وظهر جلياً في مجمل السياسات العامة للبلاد خاصة تلك الاقتصادية وأعني هنا عدم الوقوف بشكل جيد على تنفيذ برنامج إنقاذ الاقتصاد السوداني الإسعافي الذي قام المؤتمرالوطني بوضعه، كذلك غياب الرؤية الإصلاحية الحقيقية وتصحيح مسار العمل فيها، وذلك عندما تسربت روح الأنفة والكبرياء السياسي والاغترار ما جعل الإحساس عند بعض منسوبيه أنهم قد وصلوا قمة العمل العام سياسياً، بيد أن من السهل الوصول، ولكن تظل الصعوبة في المحافظة على النجاح، حيث إن على “فيصل” البدء في منهج وبرنامج جديد للخطاب السياسي والإعلامي بعيداً عن نبرة التعالي والامتنان وأن (الوطني) حزب صاحب القرار وما دونه لا شيء.

تحديات

من الأسباب التي جاءت بالرجل في هذا الموقع وفق ما هو مرجح “شخصيته” القوية في حسم الأمور والقضايا محط الخلاف، حيث إن أمام المؤتمر الوطني وهو يتهيأ لترتيب قيام المؤتمر العام في مطلع العام 2019 حسم النقاش والجدال حول ترشيح الرئيس البشير لدورة رئاسية قادمة لعام 2020 بعدما فشلت شورى الحزب الأخيرة في تمرير الجند وإجازته، ومن ثم التصويت عليه . ومن بين التحديات التي تواجه “فيصل” هي تحويل الحزب إلى أداة فاعلة وحقيقية وقادرة على المبادرة ومعالجة الأمور وقضايا المواطنين باعتبار تولي قدر كبير من زمام أمور البلاد سياسياً واقتصاديًا واجتماعياً، ويقف إنفاذ برنامج وثيقة الإصلاح الحزبية ووثيقة الحوار الوطني والوصول إلى اتفاق ينهي عقدة الحرب بولايات دارفور والمنطقتين على رأس تلك الأولويات.

الصيحة.