تزعم الحكومة أنها تساند الصادرات الوطنية في حين يعلن المصدرون عن شلل شبه تام لأنشطتهم،هل لسياسات المركزي أثر في ذلك
(1)
بنبرة غلب عليها الحسرة، تحدث عدد من المصدرين عن توقف شبه نهائي لحركة الصادر، في تناقض كامل ما بين ما تنادي به الحكومة بتشجيع الصادرات السودانية وضرورة ولوجها إلى الاسواق العالمية في ظل متغيرات دولية تفرض الاهتمام بحركة الصادر تزامنا مع استمرار العمل في انضمام البلاد إلى منظمة التجارة العالمية وإزالة الحظر الاقتصادي عن كاهل البلاد بما يتيح ويسهل حركة البضائع السودانية، غير أن ما يجري حاليا يؤكد على أن الصادرات السودانية مكبلة بعدد كبير من المعيقات والمشاكل.
(2)
يسوق المصدرون عددا من الاتهامات في مواجهة البنك المركزي أبرزها ما يمارسه البنك حيال السعر التأشيري للدولار والذي أقره بداية العام الجاري كسعر تحفيزي يهدف إلى جذب مدخرات السودانيين العاملين بالخارج وحصائل الصادر وهو الأمر الذي ينفيه المصدرون لاسيما بعد لجوء المركزي إلى تخفيض السعر التأشيري وهو السعر الذي أقره المركزي بداية شهر فبراير الماضي بعد أن أصدر موجهات جديدة بخصوص النقد الأجنبي واحتسب سعرا تأشيريا جديدا للدولار برفعه من 18 جنيها إلى 30 جنيها وأعلن المركزي حينها عزمه منح عوائد مجزية للمصدرين ومراجعة ضوابط الاستيراد لترشيد استخدام النقد الأجنبي، مشدداً في الوقت نفسه على ضرورة قطع الطريق أمام تسرب موارد النقد الأجنبي لتغذية نشاط السوق الموازي.
(3)
في شهر نوفمبر الماضي وعندما قدمت وزارة التجارة بيانها أمام نواب البرلمان أعلن وزير الدولة بوزارة التجارة، الصادق محمد علي ارتفاع قيمة الصادرت إلى 2.15 مليار دولار خلال النصف الأول من العام الجاري مقابل 1.5 مليار دولار لذات الفترة من العام السابق، وقال في بيان أداء وزارته للنصف الأول إن “قيمة صادرات المنتجات التعدينية بلغت 833 مليون دولار مقارنة بـ”434.3 مليون دولار للعام السابق” وأضاف: “هناك ارتفاع في عائد المنتجات الزراعية من 375.1 مليون دولار إلى 498.2 مليون دولار بنسبة زيادة بلغت 27.8 %”. وأشار إلى زيادة عائدات صادرات منتجات الثروة الحيوانية (حية، لحوم) من 436.7 مليون دولار إلى 488.1 مليون دولار خلال النصف الأول من العام وأعلن عن ارتفاع قيمة صادرات المنتجات الصناعية من 65.7 مليون دولار إلى 93.3 مليون دولار لنفس الفترة من العام الحالي وتراجعت الصادرات السودانية في العام 2016 بنسبة انخفاض 3.3 % حيث بلغت 3.1 مليار دولار مقارنة بـ3.2 مليار دولار في العام 2015.
(4)
وعلى الرغم من التحسن الطفيف الذي طرأ على عائدات الصادر وهو ما تعول عليه الدولة في تكوين احتياطيات من النقد الأجنبي في المرحلة المقبلة حيث تأمل الخزانة العامة استقبال 6 مليارات دولار العام الجاري مقابل 3.2 مليار دولار العام الماضي وفقا لتقديرات وزارة المالية غير أن الرقم الذي تضعه وزارة المالية للعام الجاري يبدو من الصعوبة تحقيقه في ظل المعطيات الراهنة بالسياسات الخاصه بالصادر لاسيما في ما تسنه الدولة من سياسات تهدف إلى السيطرة على أسعار الصرف التي تمادت في الفترة الماضية بما استدعى اقرار إجراءات لكبح جماح أسعار الدولار أمام العملة الوطنية.
ومن أهم السياسات المحفزة لقطاع الصادر هو ما سنه المركزي كسعر تأشيري وهو ذات الأمر الذي استهجنه المصدرون بعدما لجأ إلى تخفيضه بصورة متوالية تزامنا مع انخفاض أسعار الدولار في السوق الموازي واستقراره عند 31 جنيها مما حدا المركزي لتخفيضه إلى حدود الـ28 جنيها وهو ما اعترض عليه المصدرون حيث قالوا إن تخفيض البنك المركزي للأسعار التأشيرية خلف خسائر كبير للمصدرين تصل إلى 50 %، وأشاروا في حديث مع (اليوم التالي) إلى أن عددا كبيرا من المصدرين وضع حسابات الدولار قبل التصدير عند 30 جنيها السعر التأشيري السابق للبنك السودان فيما عمل الأخير على تخفيض السعر بواقع جنيهين الأمر الذي يربك حسابات المصدرين، وشدد هؤلاء على أهمية استقرار سعر الصرف حتى يستطيع المصدر وضع حسابات دقيقة على الأسعار، إضافة إلى أن كل الدول تعمل على وضع أسعار صرف مستقره لفترات معينة بهدف تنمية الصادرات وجذب الاستثمارات.
الأمين العام لمصدري الصمغ العربي، أحمد الطيب، وصف السعر التأشيري الذي سنه البنك المركزي بالخجول وبأنه لن يؤدي على المدى البعيد لضبط أسعار الصرف وأشار الطيب في حديث مع (اليوم التالي) إلى أن هنالك شروطا يجب أن تأخذها الدولة بعين الاعتبار حال رغبت في تحسين وضع الصادرات السودانية من أهمها بناء الثقة بين المصدر والسلطات وأن يسود حسن الظن بين واضعي السياسة والمصدرين والشرط الثاني أن من يريد أن يخطط لوطن لابد أن يتخلص من شخصية المؤسسة التي هو فيها، مبينا أنه في شعب المصدرين توجد اجتهادات علمية وواقعية ولكنها تصطدم بعقلية الأفندية.
ويؤكد مختص في هذا المجال أن تخفيض سعر الصرف التأشيري يعمل على تشجيع الاستهلاك ومحاربة الإنتاج، مبينا أن المعادلة الاقتصادية بسيطة وتتمثل في استقرار سعر الصرف حتى إذا كان مرتفعا أو منخفضا لجهة أن الحسابات التي يبني عليها المصدّر تتم حسب الأسعار التأشيرية المعلنة وفي حالة انخفاضها فإن ذلك يسبب خسائر فادحة للمصدرين ما يجعلهم يعزفون عن التصدير والإنتاج، وشدد في حديث مع (اليوم التالي) على أن الاستقرار هو سر نجاح البيئات الاقتصادية الخاصة بالصادر.
(5)
رؤية عدد كبير من المصدرين تقوم على أهمية أن تقوم الجهات الاقتصادية بمشورة المصدرين في السياسات الخاصة بالصادر قبل إقرارها لأن السياسات التي تتم بدون علمهم تعود بتأثيرات سلبية عليهم، وأكدوا أن الإجراءات الأخيرة والاتهامات التي تسوقها الدولة ضد المصدرين بعدم إعادة حصائل الصادر عملت على تشويه صورة المصدرين مع عملائهم بالخارج.
في وقت سابق، أكد وزير التجارة الخارجية حاتم السر أهمية التركيز على الإنتاج والتصدير والسماح للقطاع الخاص بلعب أكبر دون منافسة الحكومة، كاشفا عن بدء إجراءات لإيقاف الشركات الحكومية للسماح بالقطاع الخاص، وأن تتوسع في الأنشطة التجارية والاقتصادية.
فيما يشير يوسف أحمد يوسف رئيس اتحاد الغرف التجارية إلى تحديات تواجه القطاع التجاري معربا عن أمله في أن تقوم الدولة بتذليل إجراءات الصادر لزيادة العائدات، وأشار إلى أن كل الغرف لديها برامج وخطط محددة وتسعى إلى زيادة الصادرات وسد العجز في الميزان التجاري وتحقيق النمو المطلوب خاصة وان إنتاجية الموسم الحالي مبشرة، مشيرا إلى أهمية الوصول للأسواق الخارجية والاندماج باقتصادات العالم واللحاق بالدول المصدرة، معلنا استعدادهم للموسم بوضع السياسات والخطط مع شركات الصادر.
وطالب وجدي ميرغني رئيس غرفة المصدرين بتفعيل المجلس الأعلى للصادرات على أن يرأسه النائب الأول لرئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء القومي، ودعا إلى إيجاد التوصيات الاستجابة والتنفيذ الفوري لإدراك موسم الصادر في بداية نوفمبر القادم لإطلاق منهج الربط التصدير بدلا عن نهج التوقعات، وأعرب عن أمله في أن يكون العام هو عام التأسيس لنظام الربط التأسيسي للصادرات لجهة أن يمثل أكثر دقة وشفافية، وطالب وجدي بإنشاء هيئة معلوماتية إحصائية ترفد بالأرقام المخططين والعاملين في المجال باحصائيات الإنتاج والصادر والاستهلاك، وتعهد عن نفسه، بتوفير رصد لقطاع مدعوم بشهادات الصادر.
الخرطوم – نازك شمام
صحيفة اليوم التالي.