الرماد كال حماد
أذكر في العام 1990 وهذا العهد الزاهي النضير في بداياته أن كتب أحد (القوم) مقالاً على إحدى الصحف اليومية عنوانه (أتينا لنعلمكم دينكم)، – أي والله – ولما كان عنوان المقال صادماً في حق شعب عرف بحسن إسلامه فقد تناولت قلمي وقتها ودبجت له رداً جعله يعض بنان الندم .
غني عن القول أن العنصر المادي عنصر هام لقيام ونجاح أي مشروع كان (لو عاوز تعمل كشك عصير) ، ولأن القوم قد استأثروا بالفلوس لأنفسهم فقد فشل مشروعهم فشلاً ذريعاً وبدلاً من أن يكون واقعا يمشي بين الناس فقد أصبح (واقع ما لاقي اليرفعو) وحتى ديننا الذي وجدونا عليه وتعاليمه السمحة قد أصابوها في مقتل من فرط الأمراض التي أفرزها الفقر والعوز والفاقة جراء (الشفط) بلا رحمة .
وإن كان الشباب نصف الحاضر وكل المستقبل كما يقولون فالقوم لحكمة يعلمونها جيداً لم يعطوا أهمية لهذا القطاع الهام ولم يصرفوا عليه من (خيرات هذه البلاد) ليصبح قادراً على قيادة أمته في مستقبل الأيام .. فلا أندية ثقافية ولا مكتبات ولا مسارح ولا صالات أو ملاعب ومسابح ، ولااااا (أبو النوم) !
ودونكم (في غياب ما ذكرناه) من مناشط لتفجيرهذه الطاقات ما أصاب المجتمع من تفسخ وتحلل (ما عايز ليهو دليل) ما عليك فقط إلا أن تفتح صفحة (الحوادث) بأي صحيفة يومية لترى العجب من جرائم يندى لها الجبين لم تكن معظمها معروفة قبل أن ياتي القوم ليعلموننا ديننا (كما قال) .
أحد القراء أرسل لي رابطاً على اليوتيوب ومعه تعليق يقول ( بالله شوف يا أستاذ وصلنا وين) ولم يزد على ذلك ، قمت بفتح الرابط على (اليوتيوب) لأشاهد (وليد ما قام من قعر الواطة) وهو يغني متغزلاً في (الخالات) – أي والله – ومن هم الخالات يا سادة (كما قال محامي سرحان عبدالبصير) إنهم يا سادة الأفاضل هن النساء اللواتي في مقام والدته !
صدمت تماماً وقمت بإعادة الأغنية مرات ومرات مكذباً أذني لكنني في كل مرة كنت أقول
لنفسي (برضو على طريقة سرحان) : أيوه أسد !!
ماذ جرى لنا يا قوم؟ وإلى أين نحن ذاهبون؟ إذا كان مثل هذا الفتى (يشاغل خالاتو) ويتغزل فيهن فماذا تبقى من الأخلاق التي جاء القوم ليعلمونا أياها (ومعاها دين) !
أمسكت بالهاتف وإتصلت على من أرسل لي (الرابط) ..
– شوفتا وصلنا وين يا أستاذ؟
– معقول البحصل ده؟
– يا أستاذ القصة بتاعت الخالات دي بقت ظاهرة ومنتشرة كتير في المجتمع في أغنية تانية بتقول :
– الخالة الما بتقول لا لا.. وواحده تالتة بتقول (البباري الخالات بركب ستة عربات ) ..
– عليهو العوض ومنو العوض !!
نعم .. إنتهت ظاهرة زواج (الشيوخ) الأثرياء مثنى وثلاث ورباع من الفتيات صغيرات السن وجاءت (عكس الظاهرة) لتملأ الفراغ لتسود (الهرجلة) ويختلط الحابل بالنابل والحصيلة مجتمع مشوه بلا قيم أو أخلاق أو ثوابت (يا حليل الثوابت) !
ولعلمي بأن الظواهر المجتمعية لا تأتي هكذا دون أسباب طفقت أتأمل حال الشباب اليوم فوجدت شباباً دون (أمل) أو (عمل) أجتهدت الدولة كثيراً في أن تقوم بتحطيمه شر تحطيم دون أن تقدم له أي معينات أساسية لتشكل شخصيته السوية وتضعه على أول طريق تحقيق الذات .
شباب أهمل التحصيل الجاد لأنه يعلم أنه لن يعدم القبول في أي من جامعات (الفكة) حتى وإن كانت نسبته فوق النصف بقليل، يدخل إلى الجامعة التي تفتقر إلى اي شيء ما عدا المخدرات التي (تجلب بالحاويات) ليبدأ رحلة العيش في واقع إفتراضي لا صلة له بالعالم الذي حوله، ثم إن كان مجتهداً وتخرج حفيت أقدامه من أجل الحصول على وظيفة ووجد أن كل (الخانات) قد إمتلأت بأبناء (القوم) وأقربائهم واصدقاء أصدقائهم فعاد إلى منزله محتلاً مكانه بين أقرانه في (ضل الضحى)!
وفي ظل هذه الحياة المأساة التي يحياها هؤلاء الشباب صار فيما يبدو حلم بعضهم العثور على سيدة مقتدرة (لا يهم السن) لترحمهم من رهق العطالة وحالة الفلس واللا هدف التي يعيشون فيها وهذا والله لبئس المآل …
من الواضح ونحن نعيش هذا التدني والتدهور اليومي في حياة الناس العامة فإن كثير من الظواهر الغريبة والعجيبة سوف تظهر إلى السطح (شدوا حيلكم) ، ظواهر تنهش في عافية وجسد الإنسان السوداني من المؤسف أن التخلص منها وإعادة (ضبط المصنع) سوف يكون مستحيلاً بل مستحيلاً جداً … !
كسرة :
هذا المقال يفترض أن هؤلاء الشباب يتحدثون (في الحلال) أما إذا كان (غير ذلك) فالرماد كال حماد .. (الفااااااااتحة)!!
• كسرة تصريح النائب العام: (لا حماية لفاسد ولا كبير على القانون)… في إنتظار ملف هيثرو (ليها شهر)!
كسرة جديدة لنج: أخبار كتب فيتنام شنو (و) يا وزير المالية ووزيرة التربية والتعليم شنو (و)… (ليها ستة شهور).
• كسرة ثابتة (قديمة): أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 94 واو – (ليها سبع سنوات وحداشر شهر)؟
• كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 53 واو (ليها أربعة سنوات وستة شهور).
ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة