مُحَلِّلون لصحيفة (السوداني): سياسة تحجيم السُّيولة نجحت في خفض سعر الصرف
أكد خبراء اقتصاديون ومصرفيون نجاح سياسة امتصاص السيولة نسبياً في الحد من ارتفاع سعر صرف الدولار، إلا أنهم توقّعوا ارتفاع أسعاره خلال الفترة المقبلة حال عدم توفير مبالغ من النقد الأجنبي، لافتين لانعكاس امتصاص السيولة سلبياً على عدد من القطاعات وتعطل كثير من الأعمال للأفراد والشركات، إضافةً لبروز ظواهر سالبة أخرى في بيع النقد بسعرين للكاش وسعره في البنك.
وقال الخبير الاقتصادي وزير الدولة بالمالية الأسبق عز الدين إبراهيم، إنّ الإجراءات الحالية لامتصاص السيولة أفلحت في انخفاض أسعار الدولار نسبياً، غير أنه يزيد بمجرد حدوث استرخاء في السيولة، وحذّر من الاستدانة، وقال إنّ سحب السيولة أفضل منها، وأشار لانعكاس ذلك على البنوك وحفظ المُواطنين أموالهم بالمنازل، مُؤكِّداً أنه من الخطأ منع الأشخاص من استخدام وسحب أموالهم بحسب القانون، وقال إنّ الحكومة لديها مصادر داخلية وخارجية للتحكم في السيولة تتمثل في البنك المركزي والمصارف وتجارة الذهب، لافتاً إلى أنّ التّحكٌُّم في السُّيولة وراء تأجج المشكلة، وأشار الى أنّ أهمية السيولة تبرز في تحرك معدل التضخم، وشدد على ضرورة إعادة هيكلة الاقتصاد السوداني.
وقال وكيل أكاديمية السودان للعلوم المالية والمصرفية د. علي خالد الفويل، إنّ السَّياسات النقدية واحدة من السياسات التي تعالج الهيكل الاقتصادي في أية دولة، بجانب أنّها من الآليات لمُعالجة التضخم، مُشيراً الى أنها كسياسة لا مشكلة فيها، إلا أنّ تطبيقها يختلف من اقتصاد لآخر بحسب نوعه، وأضَافَ أنّ أكبر مُشكلات الاقتصاد بالبلاد حالياً وجود الكتلة النقدية خارج الجهاز المصرفي ممّا أفقد المصارف وظائف التمويل للقطاعات الإنتاجية.
وقال المُحلِّل الاقتصادي د. هيثم مُحمّد فتحي لـ (السُّوداني)، إنّ الدولة عَمَدَت في الآونة الأخيرة إلى تَقييد حَجمَ السُّيولة، وشدّد على وجود إصلاحات في السِّياسات والإجراءات النقدية والمصرفية بهدف ضبط السُّيولة وتحفيز وتعظيم عائد الصادرات، وترشيد فاتورة الاستيراد لتحقيق الاستقرار في سعر الصرف، وقال ان خفض مُعدّلات التضخم يتطلب زيادة الإنتاج والإنتاجية من أجل الصادر ودعم عمليات الصادر، مُشيراً إلى أنّ موازنة العام 2018 بها إجراءات إصلاحية قاسية، منها رفع سعر الدولار الجمركي مع أنها أول مُوازنة بعد رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية لكن صحبها ارتفاعٌ مُستمرٌ في الأسعار وانخفاضٌ حادٌ لقيمة الجنيه السوداني مُقابل العُملات الأجنبية مما أدى لتدخل رئاسة الجمهورية وإصدار سياسيات وقوانين مُصاحبة للمُوازنة، وأدّى تطبيق السياسة الجديدة لاستقرار سعر الصرف إلى حدٍّ ما لكنه أدّى إلى ارتفاع الأسعار وتوقُّف حركة الاستيراد وشُح في السيولة، ودعا إلى تشجيع القطاع الخاص المُنتج في الزراعة والصناعة وتوفير الشروط كَافّة التي تزيد من قُدرته التنافسية خَاصّةً إنتاج السلع التي تُلبِّي الاحتياجات الأساسية للمُواطن بتكلفة أقل، وشدّد على تنشيط إصدار الصكوك الحكومية والعمل على تمويل الميزانية العَامّة من التدفقات المالية وتقليل حجم السُّيولة، بجانب خففض الإنفاق الحكومي والحد من إجراءات التضخم وامتصاص السُّيولة من السوق، مُشيراً إلى أنّه على المدى الطويل أو قل المتوسط لسياسة امتصاص السيولة آثارٌ سلبيةٌ تتمثل في زيادة الانكماش وتقليل التوظيف وبالتالي انخفاض مُعدّلات النمو.
ولفت المدير التنفيذي لاتحاد الغرف الصناعية د. الفاتح القرشي في وقتٍ سابقٍ لـ (السُّوداني) إلى أن تحجيم السيولة انعكس سلبياً على وظائف النقد مما أثّر على القدرة الشرائية، إضافةً للانعكاسات الاقتصادية، وقال إنّ السيولة يفترض أن لا يتم امتصاصها بإجراءات إداريّة، وتابع: كلّما أدّى النقد وظائفه بشكلٍ صحيحٍ يكون موقف العُملة أفضل، مُؤكِّداً أنّ الإجراء سياسيٌّ أكثر من أنه اقتصاديٌّ، وأشار إلى أنّ عائداته الإيجابية حالياً ظواهر وقتية فقط، داعياً لتسريع دورة النقد عِوضاً عن الاستمرار في امتصاص السُّيولة، وأضَافَ أنّ هذا الأسلوب ليست له علاقة بالاقتصاد، مُتوقِّعاً أن تعود الأوضاع إلى ما كانت عليه إلاّ في حال زوال الأسباب الأساسية لاختلال الاقتصاد.
الخرطوم: الطيب علي
السوداني