الأخ عبد الرحيم.. أرجوك افتح الكُوبري!
زفّت الصحف إلينا خبرًا مُفرحاً بأن جسر النيل الأزرق سيفتح (جزئياً) أمام حركة المرور قبل الخامس عشر من أبريل القادم أي بعد بعد حوالي أسبوعين .
إذا صحّ هذا الخبر- هذه المرة – خاصة وأن ذلك سيسبق حلول شهر رمضان المبارك، فإنني لن أتردد في أن أصفه بالنبأ العظيم، فقد عانى الناس كثيراً من إغلاق ذلك الجسر الحيوي مما أضاع من أعمارهم وقتاً ثميناً.
خبر (الصحافة) المنسوب إلى مدير عام هيئة الطرق والجسور ومصارف المياه المهندس الصافي أحمد آدم قال إن الرجل (وجه بزيادة عدد الفرق العاملة في الصيانة لإكمال أعمال الطلاء الحديدي تمهيداً للبدء في مرحلة الأسفلت المتوقع إكماله خلال هذا الأسبوع)، كما أكد أن العمل جارٍ في تحويل ممر المشاة إلى مسار للسيارات الأمر الذي سيُحدث نِقلة هائلة وتطويراً كبيراً للكوبري، وهذا مما يضاعف من فرحة مواطني العاصمة بل كل شعب السودان الذي نزح إلى عاصمته تاركاً بقية المساحة (فاضية)! ولكن بربكم ألم يستفزكم حديث الرجل عن (زيادة عدد الفرق العاملة في الصيانة)؟! لماذا تزيدها الآن وكان بمقدوركم أن تفعلوا ذلك من زمان حتى تنجزوا العمل في الأربعة أشهر التي مَنَّيتُم الناس بها وقطعتموها عهدًا فشلتم في الوفاء به؟!
كتبتُ قبل أيام أنه لا حل تقليدي لمشكلة ضائقة حركة المرور في العاصمة التي تُعتبر الضحية الأولى للنزوح ومشكلات الحروب وأزمات السياسة في بلادنا المأزومة وستجد الحكومة نفسها في نهاية المطاف مضطرة لإنشاء مترو الأنفاق، فلماذا لا تعجّل به استباقاً للكلفة التخطيطية الباهظة التي ستنتج عن تأخير ذلك المشروع؟!
أعلم من قديم ومن خلال تجارب شخصية مع الوالي عبد الرحيم أنه في خطوه وسيره يجري ولا يمشي، ويُجيد المتابعة، فهل أصابه الكبر يا ترى وأقعده عن الحركة؟
في سالف الأيام كان الرجل عندما (يتتتلح) أمرًا ما في طور الإنشاء يزوره بنفسه يومياً فهل يعود إلى عادته القديمة ليتابع هذا الكوبري الذي أرهق إغلاقه الناس وأتعبهم وأضاع من إعمارهم؟!
بعد فوات الأوان!
هل سمعتُم قرائي الكرام عن الكاتب العراقي الشهير كنعان مكية؟
كان هذا الرجل من أكبر معارضي الرئيس صدام حسين ومن أكبر الذين دعموا أمريكا قبل وبعد غزوها للعراق فقد ألف في عام 1989 كتاباً بعنوان: (جمهورية الخوف) وأصبح ذلك الكتاب بعدها دستور (مناضلي) الخارج، وتلاه بكتاب ثانٍ: (القسوة والصمت)، وأنتج فيلماً وثائقياً بالتعاون مع الـ”بي بي سي” سمّاه (الطريق إلى الجحيم) ونفخ في ذلك الفيلم ومُنح من الجوائز العالمية الكثير، بعدها احتل (مكية) مكاناً علياً لدى أمريكا التي قرّبته نجياً ونال منها من التبجيل والتعظيم والأموال والعطايا ما يحتاج إلى كتب توثيقية بدأت بمنحة مالية ضخمة من مؤسسة (برادلي) المشبوهة عام 1993 ثم انهالت عليه المنح والجوائز، وتواصل انحدار الرجل حتى زار إسرائيل في عام 2003 والتي منحته دكتوراه فخرية وأصبح الرجل مع مدير قناة العربية السابق عبد الرحمن الراشد والعميل القديم جميل مروة من المستشارين الدائمين لدى المؤسسات الأمريكية بما في ذلك الجامعة الأمريكية التي أنشئت في العراق (السليمانية).
هل تعلمون أن كنعان مكية انتابته صحوة ضمير، فاعتذر الآن بعد فوات الأوان وأصدر رواية سماها (الفتنة) مطالباً الشعب العراقي بأن يغفر له جرائمه المتمثلة في الإطاحة بصدام، وبما حدث للعراق من تقتيل وإذلال وتشريد لشعبه ومن احتلال وتغيير لهويته؟!
قبل أن أدعوكم لمحاولة معرفة ما فعله هذا الرويبضة وأمثاله بالعراق التي سلّمتها أمريكا لإيران على طبق من ذهب لتصبح شوكة في خاصرة الأمة، بعد أن كانت مارداً يمطر تل أبيب بالصواريخ، تذكروا أن من بيننا كتاباً يفرحون بجوائز وعطايا ودعوات وتذاكر السفر التي تمنحها المؤسسات الأمريكية، بل هناك من يستقبلون كل حين كبار الدبلوماسيين الأمريكيين والأوربيين في دورهم وصحفهم، وتذكروا كيف بدأت بعض قصص الحب بدعوات وزيارات مخملية من خلال برنامج (حرب الأفكار) الذي دشنه وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد أيام غزو أمريكا للعراق، أيام كانت طائرات بوش تقصف بغداد بحممها تمهيداً للغزو الأمريكي الذي تحوّل بفعل مذهب (التقية) التي يجيدها الشيعة إلى (فارسي)!
متى نفيق مما يُخطط لنا، وكيف ننجو من مصيدة الأعداء التي ترصد وتنتقي من يُستخدمون ضد أوطانهم؟
الطيب مصطفى
صحيفة الصيحة