وفد لنزع فتيل أزمة السد الأثيوبي.. الإدارة الأمريكية.. العودة إلى منابع النيل
اهتمت الصحف السودانية الصادرة يوم أمس (الأربعاء) باختيار السيد أبي أحمد خليفة لهايلي مريام ديسالين في رئاسة الوزراء في أثيوبيا .
وفي ظل هذا الاهتمام، توارى خبر صغير عن وصول وفد أمريكي رفيع إلى العاصمة الخرطوم بقيادة مساعد وزير الخارجية بالإنابة لمنطقة شرق افريقيا، إيريك ستروماير وذلك لتقريب وجهات النظر بين دول حوض النيل الشرقي (السودان، أثيوبيا، مصر) حول سد النهضة.
ويعتبر سد النهضة الإثيوبي أحد الشواغل الرئيسة بين الدول الثلاث، حيث تنظر إليه مصر بعين الريبة والشك بحسبانه مهدداً لأمنها المائي، بينما تعتبره أديس ابابا أولوية لأمنها القومي، بينما يحاول السودان لعب دور الوسيط دون الإضرار بمصالحه المتماشية مع قيام السد الإثيوبي.
عودة جديدة
بطلب من الحكومة الإثيوبية تم تأجيل اجتماعات بين الدول الثلاث حول سد النهضة بسبب ظروف استقالة رئيس الوزراء الإثيوبي ديسالين، ولكن من المقرر أن يلتئم الاجتماع بدايات الشهر المقبل في العاصمة الخرطوم.
وتحدث أكثر من مسؤول أثيوبي عن أن التغييرات الحكومية عندهم لا تعني تغييرات حيال قضية سد النهضة الذي تعده أديس أبابا رافعة رئيسة للاقتصاد في أحد أكثر الدول التي تحقق نمواً اقتصادياً في القارة.
ولكن الموقف الاثيوبي لن يظهر قبيل اجتماعات الخرطوم المقرر لها الرابع والخامس من أبريل المقبل، خاصة أن هناك تفاؤلاً حذراً في مصر من أن تقود التغييرات في الطاقم الإثيوبي إلى نظر أكثر مرونة حيال الملاحظات المصرية.
البناء على ما فات
بحسب صحافيين ناشطين في تغطية أنشطة وزارة الخارجية السودانية، فإن الوفد الأمريكي الزائر للسودان، تعرف من وزير الخارجية بروفيسور إبراهيم غندور على موقف السودان من سد النهضة، وجرى إبلاغ الوفد بالاختراق الكبير الذي أحدثه لقاء رؤساء البلاد المعنية (عمر البشير، هايلي مريام ديسالين، عبد الفتاح السيسي)، مؤخراً في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا إبان القمة الأفريقية.
واتفق الرؤساء يومذاك على عقد اجتماع ثلاثي يضم وزراء الخارجية والري والمخابرات في الدول الثلاث لإزالة النقاط العالقة لا سيما ذات الطبيعة الفنية.
حلول محايدة
طبقاً لما أوردته الصحف، فإن ستروماير قال (إن الزيارة التي تشمل السودان، مصر وأثيوبيا تأتي بغرض التعرف على مواقف الدول الثلاث حيال قضية سد النهضة من أجل تكوين نظرة محايدة تسهم في تقديم المساعدات اللازمة التي تؤدي إلى خلق أرضية مشتركة تساعد على الوصول إلى التفاهمات والحلول التي ترضي جميع الأطراف). وينتظر أن تستبق اجتماعات الخرطوم بجولة للوفد الأمريكي على كل من أديس أبابا والقاهرة.
بعيداً عن المؤامرة
ظلت الولايات المتحدة بعيدة كل البعد عن ملف سد النهضة ما يثير تساؤلات عن دوافعها لنزع فتيل التوتر حالياً، من دون إغفال لدوافع الإمساك بهذا الملف الشائك في هذا التوقيت.
سؤال طرحته (الصيحة) على المحلل السياسي، محمد إبراهيم، فدعانا ابتداءً إلى عدم الذهاب بالتأويلات بعيداً، وقال إن ايريك ستروماير من واقع صفته يعمل في القارة الأفريقية ضمن تخصصه، ولا يعتقد أن زيارته ركزت على موضوع سد النهضة لوحده، حيث إن القضايا بين واشنطون والعواصم الثلاث كثيرة وعديدة.
ويعتزم الكونجرس الأمريكي على سبيل المثال مناقشة فرض عقوبات على شخصيات إثيوبية في قضايا ذات صلة بحقوق الإنسان بالتزامن مع الحراك الأخير الذي دفع بديسالين لتقديم استقالته.
مداخل
في المقابل يرى المحلل السياسي محمد نورين أن الولايات المتحدة عبر سد النهضة تعمل على الحيلولة دون اندلاع حرب تهدد الإقليم، خاصة وأن الأمور وصلت قبيل أشهر إلى منطقة شديدة التوتر بعد اتهامات من قبل الحكومة السودانية ووسائل إعلام اثيوبية للقاهرة بالعمل على وضع قوات اريتريا في خاصرة كل من السودان وإثيوبيا عند قاعدة (ساوا).
سبب آخر دفع به نورين في حديثه مع (الصيحة) كعامل لتدخل الولايات المتحدة بهذا التوقيت في قضية سد النهضة، ويتصل بأن السد الاثيوبي في الأصل هو وليد فكرة أمريكية في ستينيات القرن المنصرم، ومع التغييرات الجديدة ستهتم الإدارة الأمريكية بمنافسة التنين الصيني المتنفذ في الجارة الشرقية للسودان؛ ذلك جميعه باستغلال وصول حكام جدد في اثيوبيا يأمل أن يكونوا أكثر مرونة في التعاطي مع الدول الغربية خلافاً لسابقيهم، وفي الصدد استدل بتعجل وزير الخارجية الأمريكية السابق ريكس تيلرسون في زيارته لأثيوبيا ضمن جولة أفريقية جرت قبيل إقالته، حيث يقال إن الزيارة قوبلت ببرود شعبي ورسمي.
الخرطوم: مقداد خالد
صحيفة الصيحة.