تحقيقات وتقارير

الشيخ صادق عبد الماجد.. شاهد على زمن الإخوان في السودان


الشيخ “صادق عبد الله عبد الماجد” ظل اسمه مرتبطًا بالجماعة منذ أربعينات القرن الماضي، حيث التقى مؤسسها “حسن البنا”، وساهم في تأسيس فرعها في السودان عام 1954، وبقي متمسكًا بأفكارها حتى وفاته، الخميس، عن 92 عامًا.

“صادق عبد الله عبد الماجد”، الشيخ السوداني الذي ظل اسمه مرتبطًا بجماعة الإخوان المسلمين منذ أربعينيات القرن الماضي، وحتى وفاته، الخميس، عن 92 عامًا.

يرى أتباعه، وأنصار الجماعة داخل البلاد وخارجها، أن الرجل وهب حياته للمشروع الذي آمن به، بالرغم من تقلب الأحداث، واختلاف الحسابات، على مدار السنوات والعقود.

من “الرهد” إلى القاهرة

ولد “صادق”، في مدينة الرهد بولاية شمال كردفان (جنوب)، عام 1926، وكان والده “عبد الله” معلمًا، وقضى سنوات طفولته وأول سنواته الدراسية في مدينة بورتسودان (شرق)، ثم انتقل مع أسرته إلى أم درمان، غربي العاصمة الخرطوم، وفيها درس المرحلة المتوسطة.

ولم يلبث أن أنهى مرحلة الطفولة حتى شد الرحال إلى مصر، حيث التحق بمدرسة حلوان الثانوية (جنوبي القاهرة)، ومنها إلى كلية الآداب بجامعة فؤاد، إلا أن الحال لم يستقر به فيها، لينتقل بعد عام واحد إلى دراسة الحقوق في جامعة القاهرة، والتي تخرج منها.

التأثر بالإخوان

وفي لقاء صحفي معه، عام 2007، أشار الشيخ الراحل أن بداية انتمائه لفكر “الإخوان المسلمين” كان بالتعرف على زميل ينتمي للجماعة، في المرحلة الثانوية، والذي شجعه على حضور عدد من المحاضرات والدروس.

وأضاف “في ذلك الوقت، كان سيد قطب (1906-1966)، يسكن مدينة حلوان، قريبًا من الداخلية (سكن الطلاب)، ومعنا ابن أخته محمد بكر الشافعي، طلبت منه أن يصطحبني معه لمنزل قطب، وبالفعل قمنا بزيارته”.

وتابع: “أصبحت الزيارة تتكرر كل جمعة، لم يكن وقتها انضم سيد قطب للإخوان المسلمين، كنا نذهب إليه باعتباره رجلاً أديباً، كان متعلقاً بعباس محمود العقاد (1889-1964)، يدافع وينافح عنه إلى أن تحول للعمل الإيجابي مع الإخوان”.

وعن أولى لقاءاته بمؤسس الجماعة، حسن البنا (1906-1949)، قال الشيخ صادق: “دُعينا في حلوان، لمحاضرة للإمام حسن البنا، وتحدث الرجل حديثاً طيباً، ونحن في تلك السن، وتحت تأثير ذلك التيار الذي انطلق من ذلك الشيخ، وقفت أسأله وأحدثه عن أهلنا في السودان”.

وأضاف: “وفي حماس الشباب وقتذاك، ناشدت الرجل بأن يمتد بقلبه إلى السودان”.

الجماعة وخلافاتها في السودان

يعد الشيخ صادق، من المؤسسين للجماعة في بلاده، وكان ذلك في 1954 (قبل عامين من استقلاق السودان)، واستمرت تحمل اسم الجماعة الأم، إلى غاية 1964، عندما تغير اسمها إلى “جبهة الميثاق الإسلامي”، والتي ضمت أيضًا عددًا من أتباع الفكر السلفي والصوفي.

وعام 1969، عقد إخوان السودان مؤتمرًا، شهد رفض مجموعة لانتخاب القيادي الراحل، حسن الترابي، أمينًا عامًا، ولم يوافقهم “صادق” حينها، لكنه تقارب معهم بعدها بعشر سنوات، وسط اضطرابات حادة في صفوف الجماعة، ما تزال آثارها قائمة إلى اليوم.

وفي 1980، أعلنت مجموعة الانشقاق، واسترجعت اسم “حركة الإخوان المسلمين في السودان”، وانضمت رسميًا للتنظيم الدولي للإخوان، وكان من أبرز زعماء هذا التيار الشيخ صادق عبد الله عبد الماجد، الذي تولى منصب مراقبه العام بين عامي 1991 و2008.

وفي فبراير/شباط 2016 ، قال “عبد الماجد”، في رد على سؤال حول خلافه مع الترابي، إن “الخلاف الذي نشب بين قيادات الجماعة في الماضي، وأدى إلى انقسامها، لم يكن خلافًا على السلطة والرئاسة، وإنما كان مرتبطًا بالفكرة التي جمعت الإخوان المسلمين فيما بينهم”.

وعرف عن الشيخ الراحل صادق زهده، وتبسطه وتواضعه، وعفة يده التي يجمع عليها كل معاصريه.

كما دخل الشيخ السجن ثلاث سنوات (1969-1972)، إبان حكم الرئيس الأسبق، جعفر النميري (1969-1985)، ليغادر بعدها البلاد، ويقيم في السعودية والإمارات مدة قصيرة.

وفي حديث للأناضول، اليوم، وصف المراقب العام للإخوان المسلمين في السودان، عوض الله حسن، الشيخ عبد الماجد، بقوله: “كان عفيف الكلمة، وقلمه كالسيف، منافحًا عن دينه بغير تجنٍّ ولا تعدٍّ حتى على خصومه”.

وأضاف: “كان يمشي بين الناس بصدق ونزاهة، وحلم ورحمة، مجسدًا سماحة الإسلام، يسعى للناس يخدمهم بنفسه، مهتمًا بدينه ووطنه”.

والخميس، توفي الشيخ في مستشفى السلاح الطبي بأم درمان، حيث كان يتلقى العلاج، بعد أكثر من 70 عامًا من العمل تحت راية فكر إسلامي اختطه طريقًا لحياته.

الخرطوم/ عادل عبد الرحيم/ الأناضول