أزمة إدارية وسياسية الوقود… شح لعدم قدرة الدولة على التمويل
أطلت أزمة الوقود برأسها في العاصمة والولايات، فقدت شهدت محطات الوقود خلال أيام مضت شحاً في وقود الجازولين مما خلق ذعرًا أجبر عشرات من المركبات والشاحنات للاصطفاف الطويل بحثاً عن حصصها من الجازولين الذي قلت كمياته. لكن تطمينات بعثت بها الحكومة في الأسبوع المنصرم بفتح باب الاستيراد للجازولين ربما يقلل لحد كبير من صفوف السيارات أمام المحطات.
ويعزو مراقبون سبب الأزمة لعدم القدرة على تمويل الواردات منه”، فيما كشفت وزارة النفط عن تدابير ومعالجات اتخذتها لوضع حد لاختناقات المشتقات البترولية وصفتها بالمهمة تتمثل في زيادة الإنتاج وطرح كميات كبيرة من المحروقات بجانب خطة طموحة بدأت الوزارة في تنفيذها لوضع حد لتكرار الأزمات منها زيادة الإنتاج ومد خطوط أنابيب المشتقات النفطية وزيادة السعة التخزينية وتطوير أساليب توزيع الغاز وتوفيره في محطات الخدمة، فيما رهن وزير النفط د.عبد الرحمن عثمان تطبيق الحلول بإيجاد تمويل يمكن من تحقيق الأهداف المطلوبة بجانب إعادة هيكلة قطاع النفط، وكشف عن تفاهمات مع دولة الصين لبرنامج زيادة الإنتاج.
وبحسب موقع التغيير الإلكتروني الذي أفاد أن أعطالاً في مصفاة الخرطوم للبترول وراء أزمة الجازولين الأخيرة بالبلاد وأن عطلاً كبيراً في وحدة إنتاج الديزل أدى إلى توقف الإنتاج بالكامل، موضحاً أن المصفاة تعيش أوضاعاً متردية بسبب عدم الصيانة لفترات طويلة، وقال جميع وحدات الإنتاج تعاني من مشكلات بسبب عدم صيانتها بشكل جدي لأكثر من عامين، الأمر الذي تسبب في تذمر وسط المهندسين والفنيين في المصفاة”، وأكد بأن ضواغط الهواء (كمبرسور) في وحدة إنتاج الجازولين توقفت عن العمل كلياً، وخرجت عن الخدمة، مما تسبب في توقف الإنتاج.
حرب خفية
أكد الخبير الاقتصادي والأستاذ الجامعي د. عبد العظيم المهل لـ(الصيحة) أن أزمة الجازولين والبنزين إدارية وسياسية قبل أن تكون اقتصادية، يؤكد وجود أزمة في كيفية اتخاذ ومنهجية القرار، وقال إنه من المفترض وحسب سياسة الترشيد والتقشف التي اتبعتها الدولة بغرض توفير الأساسيات من السلع، إلا أن المواطن يعاني في شتى المجالات للحصول على السلع حيث أثرت سياسة التقشف عليه سلباً بصورة كبيرة، وأضاف أن المواطن اكتوى بنار السياسة الانكماشية وأثرها السالب في توفر السلع والخدمات الخاصة حتى الأدوية، مشيرًا إلى أن لا يعني الحكومة فالأزمة اجتاحت الإنتاج والإنتاجية والسلع الأخرى، وانتقد حديث المسؤولين في عدم إنتاج عملات حرة في وقت يستمر فيه سفر الوزراء والوفود للخارج، لافتاً إلى أن الأثر البالغ جداً لأزمة الجازولين والوقود امتد نفسياً، وأرجع البلاد للمربع الأول وضع الندرة السائد قبل سياسة التحرير الاقتصادي، لافتاً إلى أن الأثر الاقتصادي سالب جداً شمل الإنتاج الزراعي والصناعي والكهرباء والبيئة، واعتبر تكدس السيارات في محطات الوقود تعطيلاً لطاقة كبيرة جداً، جازماً بأن المبررات التي ساقتها الحكومة بشأن الأزمة غير مقبولة، وألمح المهل إلى أن الأزمة ربما تكون حرباً خفية بين الحكومة وتجار العملة، متسائلاً عن أين ذهب الدولار الذي أخذ من التجار العملة بجانب الدولارات الأخرى إذا لم تذهب في توفر السلع الأساسية، وتابع “أين الاتفاقيات التي أبرمتها الحكومة مع دولة الإمارات وتركيا بشأن توفير الوقود والقمح للسودان”.
صيانة المصفاة
ودائماً عند كل أزمة غاز المتجددة سنوياً تحمل الجهات الرسمية مسؤوليتها لمصفاة الجيلي، ففي جلسة تداول بيان وزارة النفط بالبرلمان في 11 ديسمبر 2017، كشفت وزارة النفط عن أن وزارة المالية فشلت في توفير أموال لصيانة المصفاة، وطلب وزير الدولة بالنفط سعد الدين حسين بشرى من أعضاء البرلمان في سبتمبر الماضي الضغط على وزارة المالية لتوفير أموال الصيانة، محذراً في ذات الجلسة من مخاطر عدم الصيانة وقال” أحذر من أعباء وآثار سياسية واقتصادية خطيرة على الحكومة وحدوث ما لا يحمد عقباه إذا تأخرت عمليات الصيانة”. من جهته حذر العضو عبد الله عبد الرحمن من مخاطر تأخر عمليات صيانة المصفاة، لافتاً إلى أنها ستزيد درجة انصهارها نسبة لارتفاع درجات الحرارة، مما قد يؤدي لكارثة لأنها تعدت مدة صيانتها الدورية.
ذات الوزارة كشفت عن تلقيها خطاباً من الشركة الصينية مطالبة بتأمين العاملين وإخلاء المنطقة نسبة لتأخير الصيانة الدورية عدة مرات“. ورفضت الشركة الصينية المشغلة للمصفاة تنفيذ الصيانة الدورية بسبب تراكم ديونها على الحكومة.
وتعد مصفاة الخرطوم من أكبر المنشآت الاقتصادية بالسودان وتبلغ قيمتها 7 مليارات دولار، تم إنشاؤها في يونيو من العام 2000م بعد دخول البلاد مرحلة الإنتاج التجاري من البترول وتصدير أول شحنة من خام النفط السوداني، وقد بدأ التشغيل التجريبي للمصفاة في ذات العام، وتعمل المصفاة بطاقة تكريرية قدرها 50 ألف برميل في اليوم وتمت عمليات توسعة لها على مرحلتين لتبلغ الطاقة الحالية 90 ألف برميل في اليوم. وفي المقابل كشفت الدراسة التي أعدتها وزارة النفط عن حجم استهلاك السودان من المواد البترولية بأنه يستهلك 5.8 مليون طن متري خلال العام، والكميات المستوردة منها (29%)، ومن حيث الأنواع يمثل الجازولين (48%)، البنزين (17%) الفيرنس (11%) والبتوجاز (9.%وأكدت أن قطاع النقل يستهلك (58%) من المنتجات البترولية يليه قطاع الكهرباء (22%) والقطاع الصناعي (8%) والمنزلي (6%) والقطاع الزراعي (5%) والخدمات (2%).
الخرطوم – الصيحة.