تحقيقات وتقارير

قبل 2020 حكومة الوفاق.. (الوطني) يُبدِّل طواقمه في انتظار الآخرين

التغيير في المؤتمر الوطني يأخذ عادة حيزاً عالياً من الاهتمام والتركيز الإعلامي، ذلك أمر مبعثه أنه ما يزال الحزب الحاكم طيلة عقود، وربما لأن التغيير مقتضى مرحلة معينة يريد الناس معرفة ملامحها، وربما يكون لإبعاد مراكز قوى تُهدد بضرب استقرار الحزب، ولا ننسى فرضية أن التغيير داخل الحزب قد يفرض تغييراً على مستوى الدولة، أضف إلى ذلك أنه لربما تكون المسألة برمتها محض روتين تفرضه اللوائح والتقاويم.

ولكن الناظر إلى التغييرات الأخيرة في المؤتمر الوطني، يعلم يقيناً أن المسالة ذات أهمية لعناصره، كونها تأتي قبيل انتخابات العام 2020 والتي يريد أن يدخلها الحزب موحداً في الرأي والمرشحين والبرامج، كما ولا يريد تكرار الفشل التنظيمي الذي لازمه في انتخابات 2015.

أهم ملامح هذا التغيير كانت باستبدال نائب رئيس الحزب للشوؤن الحزبية إبراهيم محمود بمسؤول التنظيم الأسبق دكتور فيصل حسن إبراهيم الذي ألقى بالمسؤولية واللائمة في تصريحات صحفية على ما أسماه (شلليات) داخل الحزب تسببت في حالة الوهن التي ألمت به، واستوجب الأمر إحداث التغيير.

تغيير لم يتوقف عند حدود الحزب وإنما تخطاه إلى حكومة الوفاق الوطني التي يقف على رأسها النائب الأول لرئيس الجمهورية، رئيس الوزراء القومي الفريق أول ركن بكري حسن صالح.

تقييم

وفي خطوة عملية أكد مصدر موثوق تحدث لـ (الصيحة) أن رئاسة الحزب عقب نقاش مستفيض حول قضايا الدولة الملحة على رأسها الاقتصادية عقب موازنة العام الجاري التي فرضت مضاعفة في تكاليف المعيشة، توصلت إلى ضرورة التغيير ولو بصورة جزئية لبعض المقاعد الوزارية مع العلم التام أن الوطني يحوز على ما يقارب 70% من مقاعد القطاع الاقتصادي في الحكومة.

وبناء على حديث المصدر أيضاً فإن الحزب قام بتكوين لجنة أسندت إليها مهمة تقييم أداء وزراء الحزب، وكذلك الحكومة في بعض الملفات والقضايا حيث دفع المؤتمر الوطني بمقترحات ومجموعة ملاحظات حول هذا الشأن حول أداء بعض الوزراء وبالأخص أصحاب الحقائب الوزارية الاقتصادية.

ضمانات

طمأن المصدر الأحزاب المشاركة في حكومة الوفاق بأنها ستظل محتفظة بمقاعدها الوزارية وأن ممثليها من شاغلي المناصب الدستورية وإن شملهم التعديل الوزراي فسيتم ذلك عقب التشاور مع أحزابهم السياسية .

موضحاً ان معايير البقاء والمغادرة بخلاف الكفاءة ستكون قائمة على العمل وفق استراتيجية واضحة ترتكز على توصيات الحوار الوطني، علاوة على التفاعل مع قضايا البلاد المحلية (السلام، الاقتصاد، العلاقات الخارجية) كل في موقعة التنفيذي أو التشريعي.

وواصل المصدر أحاديثه بالتأكيد على أن المؤتمر الوطني شرع بصورة فعلية في إنفاذ التواصل مع الأحزاب والقوى السياسية المشاركة في حكومة الوفاق لإحداث تغييرات مرتكزة على أداء الوزراء بالحكومة بمن فيهم وزراء المؤتمر الوطني. قلائلاً إن هؤلاء الأشخاص سيتم تقييمهم بصورة سرية بعيدًا عن تقارير الأداء الراتبة حتى لا تتأثر المخرجات التي يُرجى أن تكون شفافة وشديدة الوضوح.

انفتاح على الحوار

يوضح مساعد الأمين المكلف للحزب الاتحادي الديمقراطي محمد يوسف الدقير لـ(الصيحة) أن حزبه دخل فعلياً في مشاورات مع المؤتمر الوطني الشريك في الحكومة حول هذا التغيير أو التعديل، ولكن على صعيد تقييم وزراء الحزب الاتحادي الديمقراطي بالحكومة واحتمالات تغيير في وسطهم فقال إنهم لم يتطرقوا إلى هذه المسألة، على الأقل حتى وقت كتابة التقرير.

ويشير الدقير بأن هناك جهات كلفت بالتقييم، وعليه ففرضية التعديل جائزة، والبقاء والمغادرة في الحكومة تستند على مدى تنفيذ الاستراتيجيات والبرامج. قائلاً: (نحن جزء من حكومة الوفاق الوطني التي جاءت لتنفيذ برنامج تم الاتفاق عليه مسبقاً بناء على مترتبات معينة منها مبادره الرئيس البشير للحوار الوطني في العام 2014).

مسارات

يقول المراقب للشؤون الداخلية لحزب المؤتمر الوطني عبد الدافع عبد المولى لـ(الصيحة) إن ما قام به الرئيس البشير مؤخرًا من استبدال بعض القيادات في المؤتمر الوطني بآخرين ومن ثم حديثه أمام الهيئة التشريعية حول مضي الدولة في إنفاذ برنامج الجرح والتعديل بغية إحداث إصلاحات في جسم الدولة يؤكد أنهما مساران لا ينفصلان، حيث إن استشعار غياب مؤسسات الدولة وغياب مبادرة الحل إحدى أسباب التعديل باعتبار أن من يقود مؤسسات الدولة من الهيئات والوزارات هم أشخاص جاءت بهم معطيات معينة ووفقاً للتقييم ربما فشلوا في تنفيذ ما أوكل إليهم من مهام، لذا فإن ضرورة إفساح المجال لآخرين يتطلب الإعلان عن التعديل وبصفة علنية، ومن ثم الدخول في تشاور أو حوار مع الأطراف المعنية بالأمر.

ويضيف عبد الدافع أن الأهمية تكمن في وجود معيار يعمم على جميع من في الحكومة ومن هم خارجها حتى تستطيع مستقبلاً توفير مرجعية متى ما احتاجت إلى تغيير مماثل يقوم على فكرة المؤسسية والمحاسبة.

كذلك على الحكومة أن تعي بأن التغيير لا يستوجب أن يشمل فقط الأشخاص، وإنما السياسات التي تقوم على المراجعات هي الأخرى وإلزام القوى السياسية المشاركة أيضاً بتقديم أصحاب الكفاءت بداخلها مستدلاً بوجود وزراء عفا عليهم الزمن ووجوه مكرورة في المقاعد الوزاراية منذ مطلع الإنقاذ.

الخرطوم: الهضيبي يس
صحيفة الصيحة