حتى الموت !!
*معظم المخلوقات لها قائد يقودها..
*يقودها بمحض اختيارها… وتطيعه طاعةً عمياء..
*بمعنى أن السرب – أو القطيع – يتوافق على واحد من بينهم ليكون رئيسا..
*إما لكبر سنه… أو عظم تجربته… أو رجاحة عقله الفطري..
*ثم لا يعصون له أمراً وإن قادهم إلى الموت..
*وسنأتي لتفصيل ذلك في سياق كلمتنا اليوم… فهو جوهر الفكرة..
*عدا البشر… فما كل الذين يقودونهم يتوافقون عليهم بمحض اختيارهم..
*فهنالك من يفرض نفسه رئيساً على شعب بالقوة..
*ثم يظل يقود شعبه هذا طوعاً أو كرهاً… يقودهم إلى حيث (يريهم ما يرى)..
*وهتلر كان يرى أن الجنس الآري هو الذي يجب أن يسود..
*فقاد شعبه إلى حروب ضد العالم… فكان الهلاك والدمار والموت..
*وقلة منه رفضت هذا الجنون… فضاعت أصواتها وسط ضجيج الشبيبة والمجنزرات..
*أو ضاعت أرواح بعضهم وسط صخب محاكمات التخوين..
*والغالبية التي كانت تصدر ضجيج التأييد تلك شخَّص حالتها عالم النفس فروم..
*قال إنها أُصيبت بمرض (رهاب الحرية)… جماعياً..
*ومن ثم فلم يعد هنالك فرق بينها وبين قطيع الحيوان الذي يقوده قائد..
*فالقائد يمكن أن يكون حيواناً… أو إنساناً بعقلية الحيوان..
*وبحسب فروم فالألمان – وقتذاك – التمسوا الحماية لدى هتلر… خوفاً من الحرية..
*وذهبوا خلفه حيثما ذهب يحارب؛ شمالاً… وغرباً… وجنوباً..
*ولم يثوبوا إلى رشدهم (الإنساني) إلا حين ذهب هو عنهم… منتحراً..
*لم ينتحروا خلفه كما فعلت مجموعة من الحيتان أمس..
*فقائدها جنح ونفق… وجنحت هي مثله مرددةً بلسان الحال (موت الجماعة عرس)..
*جنح نحو (40) حوتاً طياراً على شاطئ مهجور بنيوزيلندا..
*والعام الماضي نفق (300) حوت وراء قائدهم الذي قذف نفسه على الساحل..
*ونظرية إريك فروم لا تنطبق على مثل هذا (الانقياد) الحيواني..
*فالإنسان حباه الله بعقل يميز به بين الحرية والعبودية..
*فإذا ما انساق وراء قائد انسياقاً أعمى – إلغاءً لعقله – فلا فرق بينه والحيوان..
*فهو مثله يخشى الحرية… ويحب أن يفكر آخر نيابة عنه..
*حتى وإن كان الآخر هذا – القائد – مجنوناً كهتلر… أو جانحاً مثل قائد الحيتان..
*وكثير من مثقفي العالم الثالث الشمولي يرسخون هذا الفهم..
*يقولون إن شعوبهم غير مهيأة – ذهنياً ونفسياً – إلى أن تحكم نفسها بنفسها..
*أي أن تختار قائدها… وحكومتهم… ونواب برلمانهم ديمقراطياً..
*فهي تحب أن يفرض أحدٌ ما نفسه قائداً عليهم بالقوة… ثم يصيرون له تبُّعاً..
*وإذ تؤيد قائدها الملهم فهي تثبت على نفسها صفة العبودية..
*وتتبعه من ثم مثلما تتبع الطيور… والقطعان… والحيتان… قائدها..
*حتى وإن قادها إلى الموت !!!.
صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة