الدبلوماسية السودانية …أكثر من (خالد) يحمل سيف الأدب والشعر
في سرادق عزاء السفير عبد الله عمر ، ألتقيت بالاخ والصديق السفير خالد محمد عثمان ، والذي جاء مرافقا لوزير الدولة بالخارجية محمد عبد الله ادريس، وكان هذا أول واجب اجتماعي يؤديه عقب تعيينه وزيرا، وعرفني السفير خالد على مرافقيه بصحبة الوزير، منهم علي حميدة وخالد، وقال لى ألا تعرف (خالد) فقلت له لم أتشرف بمعرفته ،و لكن أعرف أكثر من (خالد) في وزارة الخارجية ، وذكرت له عددا من الدبلوماسيين الذين يحملون اسم (خالد) ومنهم السفير خالد فرح والسفير خالد عبد القادر شكري والسفير خالد احمد محمد ، والسفير خالد موسى و السفير خالد فتح الرحمن ، والسفيرخالد محمد عثمان ، وأبدى الدبلوماسي المعرف ، دهشته وأردف مستغربا بأن الخارجية فيها (خوالد) كثر، ونقلت دهشة ذلك الدبلوماسي الى السفيرين خالد موسى وخالد شكري عبر الهاتف فأبديا ذات الدهشة ، من تكرار هذا الاسم في وزارة الخارجية بهذا العدد.
ولكن المدهش ان أكثر من (خالد) هؤلاء مرتبط بالأدب والشعر والكتابة ان كانت صحفية او أدبية او بحوثا او دراسات ، والخارجية منذ نشأتها عرفت دبلوماسيين من ذات المواصفات ، ولعل من أكثر الاسماء التي لمعت في هذا المجال الشاعر والاديب والدبلوماسي الاريب والقانوني والسياسي المفوه محمد احمد المحجوب، وكما معروف ان المحجوب كتب في الكثير من المجلات والصحف اشهرها حضارة السودان والنهضة ثم الفجر، وزاوج ما بين السياسة والقانون والفكر والأدب وكان شاعرا لا يشق له غبار. من مؤلفاته كتاب (الحكومة المحلية),و اشترك مع الدكتور عبد الحليم محمد في كتاب (موت دنيا) و كتاب (نحو الغد) وكتاب الحركة الفكرية في السودان إلى اين تتجه؟ (الديمقراطية في الميزان) باللغة الإنجليزية Democracy on Trial وله أشعار كثيرة ومؤلفات ادبية مثل ديوان (الفردوس المفقود). ..( قصة قلب)…. بيروت 1961م. (قلب وتجارب)… بيروت 1964م. (الفردوس المفقود)… بيروت 1969م. مسبحتي ودني.. القاهرة 1972م. هذا عدا المقالات والخطب المتعددة داخل البرلمانات السودانية المتعاقبة أو في اروقة الأمم المتحدة ومنظمة الدول الأفريقية. كان زعيم المعارضة داخل البرلمان ويوم اعلان الاستقلال واحد يناير 1956م قال جملته المشهورة وهي( لا معارضة اليوم).
ومن أشهر الدبلوماسيين الأدباء السفير جمال محمد احمد هو من أوائل السفراء، بدأحياته العملية مدرّساً في المدارس الثانوية بين عامي 1938 و 1944م. ثم عمل في وزارة التربية والتعليم بين عامي 1947 و 1950م. أصبح مسؤولاً عن شؤون الطلاب في كلية الخرطوم الجامعية عام 194 9م. اختيرللسلك الدبلوماسي مع فجرالاستقلال،حيث عُيّن سفيراً في العراق بين عامي 1956مو 1959م.
أثرى جمال محمد أحمد الحياة الأدبية والفكرية بعديد من المؤلفات والتراجم والبحوث في مجالات الأدب والفكر والدبلوماسية ،ونشرت له عدة كتب منها (مطالعات في الشؤون الأفريقية 1968 ، ،في المسرحية الأفريقية 1971،وجدان أفريقيا 1972 ،عرب وأفارقة 1977،في الدبلوماسية السودانية 1985،الجذورالفكرية للوطنية المصرية 1961م.
صدر له، ضمن كتاب بحوث أفريقية -العنصرالديني في اليقظة الجزائرية – 1967،بكلية نفيلو/ اكسفورد وبحث متميزعن العلائق العربية الأوربية صدر عن مؤسسة كزاد أديناور،ب ون 1982،وأضاف للمكتبة العربية معرباً،الدولة الاتحادية،مادسنوجايوهاملتن 1959 وكتاب بازل دافدسن ، أفريقيا تحت أضواء جديدة، وله ولايات النيل المتحدة والثقافة الأفريقية المعاصرة.
ويكفي ماقال عنه الأديب والعلامة الطيب صالح في إحدى مدوناته «إن الراحل جمال محمد أحمد عليه رحمة الله كان نسيجاً وحده بأدق معاني الكلمة، في حياته وفكره فقد كان جمال محمد أحمد يتبع أسلوباً مميزاً في الكتابة في الأدب العربي المعاصر، يمكن أن يوضع جنباً إلى جنب مع أساليب أدباء أمثال طه حسين وأحمد زكي والرافعي والمازني وغيرهم».
ويبدو ان العلاقة بين الدبلوماسية والأدب، قد أرتبطت بأسم واحد في الخارجية او كادت ان تكون كذلك ، فالذين يحملون أسم (خالد) في الخارجية اليوم لهم أرتباط وثيق بالأدب والشعر ومنهم الشاعر خالد فتح الرحمن والذي حصل على جائزة الشعر الأولى في ثلاثة مواسم ثقافية بجامعة الملك سعود بالرياض، والتي درس فيها العلوم الادارية ، وله كتابات في الصحف مثل ألوان والانقاذ الوطني وله كتابات في عدد من الدوريات التي تهتم بالادب والشعر وله دوواين من الشعر مطبوعة وغير مطبوعة ، ومثل خالد فتح الرحمن كان السفيرخالد فرح فقد جمع بين الدبلوماسية والأدب فهو شاعر وأديب وكاتب وباحث وهو صاحب مشوار دبلوماسي زاخر بتباين البلدان، وتنوع التجارب والمرائي والثقافات والمجتمعات، الامر الذي مكَّنه من تنويع خبرته الشخصية وصقلها، وتنمية معرفته وثقافته العامة،وظل فرح يدعم اتجاهات الكتابة بكل تنوعاتها في الصحف والمواقع الالكترونية ،وكان مندوبا للسودان في منظمة اليونسكو بباريس،وهي تهتم بالثقافة والعلوم عندما كان سفيرا للسودان بفرنسا وانطبق المثل عليه ( وافق شن طبقة).وجاء خالد موسى ليكون ضمن ذلك العقد الزاهي بالادب والشعر والكتابة الصحافية الراتبة ، ولازال يواصل الكتابة في صحيفة (السوداني) ، بل ذهب ابعد من ذلك الى النقد الادبي متبحرا في روايات الاديب العالمي السوداني الطيب صالح .وعندما عمل في برلين وجد الأديب السوداني حامد فضل الله هنالك وأثمر التواصل بينهما ثقافة وأدبا .
والسفير خالد عبد القادر شكري والذي عمل في عدة محطات خارجية من بينها ماليزيا وسفيرا غير مقيم لعدد من الدول ،ويشغل السفير الآن مدير الأدارة الثقافية بالخارجية ويبد وان العلاقة واضحة بين هذه الإدارة والأدب والشعر، وبينه وبين هؤلاء (الخوالد) والسفير خالد شكري لايخلو من الإهتمام بهذه الجوانب في الأدب والشعر والتراث السوداني في هذا المجال باعتباره زادا لكل سفير .
وغير هؤلاء هنالك الكثير من السفراء لهم أهتمامات بالادب وكتابة الرواية ومنهم السفير جمال محمد أبراهيم والسفير المرحوم عبد الله عمر والذي عمل في محطات منها السعودية والكويت واليابان ورومانيا ، وكانت اخر مؤلفاته حكاية (ديك السٌرة).
وأعتقد ان كل هؤلاء السفراء الذين يحملون اسم( خالد)- سمُوا تيمنا- بالصحابي خالد بن الوليد والذي لقب ب(سيف) الله المسلول ، وهؤلاء (الخوالد) يحملون (سيف) الشعر والادب ،وايضا يحملون (سيف) الدبلوماسية ينافحون ويدافعون عن السودان في معارك (دبلوماسية) و(سياسية ) لا زالت تستهدف السودان .
صحيفة الصحافة.