جنة أحلامهم !!
*كانت في طريق مدرستنا… طاحونة حسون..
*لم يبق منها إلا الاسم… وبقايا أطلال تلوح كباقي الوشم على ظاهر اليد..
*حين تكون هناك دروس مساء نتجنبها… ونسلك درباً بعيدا..
*فقد سمعنا أن ثمة أشياء الغريبة تحدث فيها ليلاً..
*وفي ليلةٍ قُدر لزميلنا الغراب – وهذا لقبه – أن يعايش بعضاً من تلكم الأحداث..
*وحكاها لنا صباح اليوم التالي وهو في غاية النشوة..
*قال إن الظروف ساقته إلى جوار الطاحونة ليلة أمس… وطرب حتى الثمالة..
*ولكن الخرابة لم تكن في مكانها عندما اقترب منها..
*وإنما كان هنالك حفل عرس بهيج… ما شاهد في حياته أجمل من نسائه..
*وجميلة منهن أجلسته بجوارها…على الأرائك..
*وشعر أنه في الجنة – يقول – لا ينقصه سوى (ما دامت السماوات والأرض)..
*ثم يواصل بعد أن يستغفر ربه ثلاثاً :
*فبجواري حورية تُسقيني من رحيق مختوم… وتطعمني لحم طير مما يشتهون..
*وتُسمعني من رقيق القول ما لن أسمعه ثانيةً ما حييت..
*وكان آخر ما سمعه من المغنية الحسناء – عند السحر- ترنيمة (جنة أحلامنا)..
*ثم ما عادت هناك جنة… ولا حورية… ولا ما تلذُّ الأعين..
*بل خرابة طاحونة حسون… تلوح له كهيكل ديناصور في عتمة الفجر..
*والبارحة ساقتني الظروف إلى طاحونة إلكترونية..
*وذلك بعد انقطاع متعمد عنها لأكثر من عام… لأرى ماذا تطحن الآن..
*فإذا بها ما زالت تجعجع… وما من ذرة طحين..
*وما زالت تعيش عالماً افتراضياً جميلاً… تتعالى بين جنباته أناشيد الثورة..
*وما زالت تتغنى بأغاني العصيان المدني الشجية ذاتها..
*كل شيء ما زال هو… هو؛ فتساءلت: ولم شُتمت فيه إذن وأُهدر دم قلمي؟!..
*وكان ذلك حينما دعوت إلى عدم التمادي مع الأمنيات..
*إلى عدم التعويل على رهان عصيان مدني لم تتوافر له عناصره الضرورية..
*إلى عدم الانجراف وراء أحلام من يعيشون في جنات بالخارج..
*إلى عدم التحليق في سماء الأوهام – بأجنحة الأماني – ثم خبط أرض الواقع..
*فليس هنالك ما هو أسوأ من الإنقاذ إلا المعارضة..
*سواء كانت داخلية كسيحة تناضل بأفواهها… أو خارجية متنعمة تناضل بحواسيبها..
*ووجدت تصريحاً لأمينة حزب الأمة بالخرابة… أقصد الموقع..
*تقول فيه أن النظام فقد مقومات بقائه… و(يجب) أن يرحل..
*يجب على من؟… طبعاً ليس الحزب… فهو عليه الجعجعة فقط..
*فإما أن يرحل من تلقاء نفسه… أو يرحِّله آخرون..
*والآخرون هؤلاء كلٌّ منهم يطالب آخرين بأنهم (يجب) أن يجبروه على الرحيل..
*ورحلت أنا من احتفال (النصر)… عند حلول الفجر (الصادق)..
*وتركت المنتشين مع (جنة أحلامهم !!!).
صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة