زهير السراج

حساب الاخوان !!


* إذا كانت الدولة عاجزة عن تدبير مبلغ (102 مليون دولار ) فقط، لشراء المواد البترولية، حسب اعتراف رئيس الحكومة أما البرطمان (اللاوطنى)، فكيف ستعمل على زيادة الانتاج واعادة تأهيل المشاريع الزراعية وتنمية الثروة الحيوانية التى قال رئيس الجمهورية، بعد ثلاثين عاما دمر فيها البلاد، أنها الوسيلة الوحيدة لحل مشاكل الإقتصاد السودانى، وأظنه لا يعرف أنها تحتاج الى أموال ضخمة، وجهود جبارة، وخبرات كبيرة، وسنوات طويلة، وليس عقدا أو عقدين أو حتى نصف قرن من الزمان، فهى عملية مستمرة يجب أن تتجدد وتتطور وتنمو وتكبر مع زيادة عدد السكان وحجم الانفاق والتطور الهائل فى العالم الذى يحيط بنا؟!

* تخيلوا .. مائة مليون دولار فقط هى سبب الازمة الحادة للوقود والصفوف المتراصة أمام محطات الخدمة، وضياع مليارات ساعات العمل بحساب أن المواطن الواحد يحتاج الى ثلاث أو اربع ساعات للحصول على الوقود كل بضعة أيام، وتراكم عشرات الآلاف من الناس بالساعات الطويلة فى الطرق ومحطات المواصلات العامة كل يوم، فضلا عن توقف او تعطل كل الاعمال التى تحتاج الى وقود، مثل الزراعة وغيرها ويكفى اعتراف الحكومة ان المساحة المزروعة قطنا نقصت بمقدار (30 % ) فى العام السابق عن الذى قبله، رغم أن أزمة الجازولين لم تكن بالحدة التى هى عليها الآن!!

* مائة مليون دولار فقط، تسببت فى هذه الخسائر الضخمة وغيرها، بينما اُهدرت مائة مليار دولار من ايرادات البترول خلال عقد واحد من الزمان (1998 – 2008 )، وما يعادلها من إيرادات الذهب، وكل ايرادات دمغة الجريح ودمغة الشهيد، وغيرها من الايرادات المشابهة على القصور الضخمة، واساطيل السيارات والحسابات المصرفية للمسؤولين فى الخارج، والنهب والسطو والملذات والفساد، لم يشيد منها مشروع صناعى أو زراعى واحد، ولم تحفر منها قناة رى، ولم تشق منها ترعة، ولم تؤسس بنى تحتية فى أى مجال من المجالات تبقى للاجيال القادمة .. أما كان من الأفضل أن يبقى البترول والذهب فى الأرض لتستفيد منه الأجيال القادمة فى اى شئ نافع، بدلا من مواجهة الفقر والحرمان؟!

* وحتى ما يتفاخر النظام الفاسد به، وهو سد مروى الذى لم يكن قدر الضجة التى أحيطت به، شيَّد بقروض من الصين وسلطنة عمان والأمارات والسعودية، لم تسدد حتى الآن، بينما ابتعلت الكروش القروض الصينية المخصصة لتشييد مطار الخرطوم الجديد الذى لم يزل خرابة ينعق فيها البوم حتى اليوم رغم بدء العمل فيه منذ عام 2006 ، وعندما رفضت الصين إعطاء السودان قروضا اضافية لتشييد المطار، اتجهت الحكومة الى شركة تركية لتشييده فوجدت فرصتها فى لى ذراع الحكومة وارغامها على توقيع اتفاق يقضى بتمويل تشييد المطار ثم إدارته لمدة ثلاثين عاما كاملة تسترد فيها ما دفعته زائد الارباح الضخمة، وهو ما يعر ف بنظام (البوت) الذى جرت العادة فى كل بلاد العالم أن يكون قصير الاجل (خمس أو عشر سنوات)، إلا أن النظام الانقاذى الفاسد يعطى الشركة التركية حق الانتفاع من إدارة المطار مدة ثلاثين عاما كاملة، بدون معرفة بقية التفاصيل والشروط ..!!

* ولا أذيع سرا بالقول، انه حتى الكبارى صغيرة الحجم وقليلة المسارات، وطرق الاسفلت ذات المواصفات الرديئة فى الخرطوم وغيرها، لم يُنفق عليها قرش واحد من ايرادات البترول والذهب وغيرها، وانما شيدت بقروض من الداخل والخارج (الصين وجنوب أفريقيا)، وبتكلفة تشييد تساوى ثلاثة اضعاف التكلفة الحقيقية، ورغم ذلك تمكنت (الجقور) من تفتيت أحد الجسور، بينما قضت مياه الأمطار القليلة على معظم الطرق وحولتها الى حفر تهدد حياة المواطنين، وتتحول الى برك ومستنقعات فى فصل الخريف كل عام تقتل الناس بالحوداث والامراض !!

* دعكم من البنى التحتية والمشاريع المستقبلية، فإيرادات البترول والذهب وغيرهما لم ينفق منها قرش واحد لتسديد الديون الخارجية أو فوائدها حتى تفاقمت وفاقت الآن مبلغ ستين مليار دولار .. بينما كان من الممكن التخلص من كل الدين الخارجى فى ضربة واحدة، أو على الأقل تسديد الفوائد حتى لا تتراكم، .. ولكن لم يحدث شئ من ذلك، وهاهى الصين تقف بالمرصاد للحصول (700 ألف فدان) من الارض السودانية فى الجزيرة والشمالية مقابل قروضها التى تجاوزت (11 مليار دولار)، بينما أوقفت كل مؤسسات التمويل العالمية والدول تعاونها المالى مع السودان، مما يجعل من التنمية التى يتحدث عنها النظام ورئيسه ضربا من المستحيلات !!

* بالله عليكم، لو ارتكب أى نظام فى العالم الجرائم التى ارتكبها النظام الاخوانى الفاسد فى السودان، ماذا كانت ستكون العقوبة التى ينالها ؟!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة