مكانا وين؟
كان الصف الثعباني الطويل الذي يفضي إلى (الطلمبة) والذي تراصت فيه مختلف أنواع العربات في حالة سكون تام في ظهر ذلك اليوم حينما فتح (خضر) درج (الهايس) وأخرج منه (كوشتينة) وحمل في يده قطعة (موكيت) قديمة متجهاً نحو مكاناً ظليلا بقرب ماكينة الطلمبة التي كانت في حالة موات .
ما أن فرش خضر القطعة على الأرض وقام بإخراج الكوشتينة من جيبه حتى تهلل وجه الذين من حولة من السائقين والكماسرة وتعالت الصيحات والتهليلات وسرعان ما جلس بعضهم على (قطعة الفرش) بل أمسك احدهم الكوشتينة وأخذ في (شكها) !
وإنهمك القوم في اللعب وسط الضحك والتشنج والتعليقات التي كان يبديها بعض المتفرجين الذين تحلقو حول اللاعيبن
يا جماعة ما نحنا برضو عاوزين نلعب وكده
قالها (أحدهم) في شكل رجاء وإستنكار بعد أن إمتد اللعب إلى ما يقارب الساعة ، حيث إلتفت إليه (خضر) قائلاً :
يا جماعة العايز يلعب يحجز !
وهنا صار هنالك صف للجاز وصف للبنزين وثالث للكوشتينة مع بعض الصفوف الصغيرة الأخرى (للضمنة) والشطرنج وسرعان ما إنتهزت (حواء) ست الشاي الفرصة لتدعم خط إنتاجها بعدد من الفتيات لزوم (لقيمات) الصباح وعمل المأكولات الشعبية من لقمة وملاح وخلافه بينما إنتبذ إبنها الصغير ركناً قصياً لوضع طبليته الذي وضع عليها مختلف أنواع السجائر والحلاوة واللبان ومناديل الورق وأكياس السعوط .
كما هي عادة السودانيين عند الملمات فقد كان هنالك ركناً (لي ناس الكورة) التي تتعالي بين الفينة والأخرى مغالطاتهم ، وتحدياتهم التي اثمرت عن (دوري الطلمبة) ليلعب في الفضاء الواقع خلف الطلمبة وقد اتفق على أن تكون المباراة الأولي في عصر اليوم التالي بين (الهايسات والأمجاد) تليها (الركشات ضد الروزات) ، وقد بدأ الجميع وهم سعداء لهذا التحدي كل فريق يقوم بتقليل شأن الآخر متوعداً أياه بهزيمة نكراء .
في عصر اليوم التالي وبينما الجميع يشاهدون في مباراة (الهايسات والأمجاد ) في الفضاء الذي يقع وراء الطلمبة كان عوض السمسار ينظر إلى الأرض الفضاء بعين أخرى .. ثم إبتعد قليلاً من الجمع وأخرج موبايله متصلاً بصديقه (وفردته) المساح :
آآي تجيب الشريط والمتر والأوتاد وتجيني في (طلمة الصفوف)
………………….
آآي المساحة تلتميات بس ..
………………….
ما تنسى تشوف ليك عربية لوحة حكومية
………………….
لم ينتصف نهار اليوم التالي إلا (عوض السمسار) وصديقه (المساح) قد قاما بدق الأوتاد وتخطيط 500 قطعة أرض ، حيث قام (عوض) بمخاطبة الجميع وهو بمعية المساح قائلاً :
شوفو يا جماعة (الحكومة) رأفة بكم وعشان ما تتعبوا وتمشوا وتجو .. وفي ناس كمان ساكنين بعيد من الطلمبة ، وكمان ذاااتو الأزمة دي ما معروف تتحلا متين قامت الحكومةعملت ليكم المخطط ده .
الله أكبر …
أها هسه عاوزين ننتخب لينا لجنة شعبية عشان تقوم بعمل التوزيع .. وإستلام تمن القطع وتسليم شهادات البحث !
(أحدهم) : والله أنا شايف إنتا تكون رئيس اللجنة عشان عارف الشغل ده ومعاك أخونا خضر وكمان ممثل لي ناس الركشات وناس الهايسات والتكاسة والتناكر والبصات والروزات !
لم يأخذ الموضوع دقائق حيث تم تكوين اللجنة برئاسة (عوض السمسار) الذي وقف وبعد أن حمد الله وأثني عليه وشكره قال :
شوفو يا جماعة .. الناصية الحكومة قررت تبيعا بي عشرين مليون .. والعادية بي خمسطاشر … وفي رسوم بتاعت خدمات 2 مليون لكل قطعة … والزول طوااالي يستلم شهادة بحثو ..
كانت أمنية (حمدان) أن يخلص من مسألة (الإيجار) الذي ارهقه ، لم يصدق ما يسمعه في ظل هذا الغلاء في الأراضي ، ذهب إلى الصف حيث قام بإخراج (التاكسي التعاوني) الذي يخصة متجهاً صوب (دلالة الصحافة) ليحصل ما تبقى منها … بعد مجهودات قام (حمدان) ببيع العربة بخمسة وأربعين مليون …فهو قد قرر أن يشتري قطعتين (ناصية) على أن يبيع أحداهن (لما القصة تعمر) ليبني بثمنها الأخري … سرح بعيداً في آماله واحلامه ، عندما وصل وجد أن (الطلمبة) والميدان يكتظان بالبشر بينما (عوض) جالس وأمامه أوراق ورسومات .
قطعتين ناصية يا ابني
القطع الفي وش المخطط كولها إنتهت .. نديك الوراهم
أي حاجة بس ناصية الأتنين
طيب خلاس في 143 و 188
كدي عد القروش دي …
(يعدها) : تمام يا حاج 44 مليون !
وشهادات البحث؟ ..
ده إيصال يا حاج وشهادات البحث إن شاء الله كولها بكرة أورد القروش وأجيبا ليكم هنا !!
كسرة :
إذا كنت تقف غي إحدى (الطلمبات) وجاك راجل كبير وسألك … مكانا وين .. مكانا وين؟ ما تفتكرو ده (وزير النفط).. ده عمك حمدان يسأل عن مكان القطعتين !!
• كسرة تصريح النائب العام: (لا حماية لفاسد ولا كبير على القانون)… في إنتظار ملف هيثرو 4 واوات (ليها أربعة شهور)!
كسرة جديدة لنج: أخبار كتب فيتنام شنو (و) يا وزير المالية ووزيرة التربية والتعليم شنو (و)… 8 واوات (ليها ثمانية شهور).
• كسرة ثابتة (قديمة): أخبار ملف خط هيثرو العند النائب العام شنو؟ 97 واو – (ليها ثمانية سنين وشهر)؟
• كسرة ثابتة (جديدة):
أخبار تنفيذ توجيهات السيد الرئيس بخصوص ملف خط هيثرو شنو؟ 56 واو (ليها أربعة سنوات وثمانية شهور).
ساخر سبيل – الفاتح جبرا
صحيفة الجريدة