الانتخابات وهاجس النزاهة
خطاب واضح ومفهوم ولن يتحدث أحد عن قضاء بعض الوقت فيه مع قاموس مفرداته بحثا عن (الكلمة ومعناها).. البشير في الاجتماع الطارئ لشورى الوطني أمس يقول (لا تأجيل للانتخابات).
وفي اعتقادي أن عاما وربع العام ليست فترة قصيرة بالنسبة لأي حزب سياسي حقيقي يريد أن يجهز حاله ويتوكل على الله ويخوض المنافسة الانتخابية.
وكنت سأعتبر النظام غير جاد في مبادرته للقوى السياسية لو وقف البشير وأعلن عن تأجيل الانتخابات لعامين أو ثلاثة نزولا عند رغبة بعض الأصوات التي تطالب بذلك.. كنا سنعتبرها (جرجرة زمن) وكسبا للوقت وتطويلا للأمور، فالعالم لم تعد الـ 24 ساعة فيه وقتا قصيرا دعك من عام وربع العام.. الصين قبل سنوات قامت ببناء مستشفى بكامل تجهيزاته خلال 24 ساعة فقط وقامت ببناء فندق مؤلف من 15 طابقا في 90 ساعة فكيف يكون العام وربع العام غير كاف للأحزاب السياسية كي تهيئ نفسها وترتب بيتها التنظيمي لخوض المنافسة الانتخابية؟.
كم استغرقت كل الأحزاب من الوقت بعد انتفاضة أبريل وبعد ستة عشر عاما من حكم جعفر نميري لتخوض الانتخابات؟ ألم تكن سنة واحدة فقط هي عمر الفترة الانتقالية..؟
والآن وطالما أن هناك دعوة للقوى السياسية للتفاكر حول وثيقة الإصلاح الوطني فإن ذلك يعني توفر فرصة لتقديم الملاحظات المطلوبة وتصحيح الأوضاع التي ترى بعض القوى السياسية أنها مغلوطة لتوفير الثقة والاطمئنان لنزاهة الانتخابات.
ثم إن المؤتمر الوطني نفسه هل هو في أتم الصحة والعافية التنظيمية؟.. طبعا لا، فقد تعرض مؤخرا لانقسام جديد حتما يؤثر على موقفه والحال (من بعضو).. الوطني مثله مثل حزب الأمة والاتحادي الديموقراطي وبقية القوى السياسية لم يسلم من الإصابة بالأمراض التنظيمية المنتشرة في السودان.
لو كانت هناك مبررات مقبولة للقوى السياسية للمقاطعة في الدورة الانتخابية الماضية باعتبار أن الوطني لم تكن لديه الرغبة أو الحرص على إشراك أكبر عدد من الأحزاب في الانتخابات فإن الوضع هذه المرة يختلف ودعوة الوطني عبر خطاب البشير السابق كانت تفصح عن استدراك الحزب الحاكم لأهمية مشاركة القوى السياسية الحقيقية القديمة المعروفة في المنافسة الانتخابية حتى ينتهي جدل الشرعية والاعتراف بالنتيجة وبالتالي فإن هذه الرغبة يجب أن تعبر عنها خطوات يعرفها الوطني جدا تتمثل في تلبية ما يوفر الثقة والطمأنينة لنزاهة الانتخابات.
وبالمنطق البسيط كيف تتخيل قيادات القوى المعارضة الرافضة للتجاوب مع دعوات الحوار، كيف يتخيلون أن الصادق المهدي أو الترابي يمكن أن يخاطرا بخوض انتخابات دون أن تكون نزاهتها موثوقة ومضمونة بالنسبة لهما؟.. بمعنى أن هؤلاء يمكن أن يشاركوا في الحكومة كما شارك الحزب الاتحادي بأي مبرر كان ولكن من المستحيل أن يخوضوا انتخابات ويخسروها بغباء أو صفقة غير موضوعية..
يمكن أن يشاركوا بعطية مزين أفضل لهم من أن يخسروا بغباء، لذلك فإن قبولهم بخوض الانتخابات يفترض أن يكون كرت ضمان للأحزاب الأصغر حجما والأقل وزنا.
[/JUSTIFY] جنة الشوك – صحيفة اليوم التالي