خيارا المقاطعة والمشاركة في 2020.. المؤتمر السوداني .. أمران أحلاهما مر
لمَّا يقف أثنان من أبرز القادة الشبابيين في حزب المؤتمر السوداني المعارض، بحجم (خالد عمر، عادل بخيت) في الهواء الطلق ليناقشا خيارات الحزب في انتخابات العام 2020 التي ما تزال متأرجحة بين المنازلة والمقاطعة، فلك أن تسمي ذلك ديمقراطية متناهية، كما ولك أن تسميه جنوناً مطلقاً كونه يضع تماسك الحزب –كامل الحزب- على المحك.
وإن كان الإعلان عن المناظرة وحده مثيراً للجدل، فقس ما يمكن أن يجري بعد قيامها، أو قل قيامتها التي شهدها المئات في دار الحزب بشمبات، كما شهدها من دونهم آخرون استعصموا وراء الشاشات الذكية وخاصية البث المباشر.
وامتلا الأسفير بداعمي خالد سلك الذي تولى كبر المشاركة في الانتخابات التي أعلن تحالف قوى الإجماع الوطني مقاطعته إياها، كما احتشد بالرافضة وهؤلاء كان عمدتهم وإمامهم عادل بخيت.
وبين التيارين جاس كثيرون، بعضهم يطالب بخلق رأي وسطي غير متوافر حالياً، وبعضهم يوزع صكوك الغفران وأوراق التخوين، أما الفريق الأخير فينادي بترك كل هذا الأمر البعيد نسبياً لتقديرات الأيام بحسبان أن إيقاظه إيقاظًا للفتنة النائمة.
خيار التأييد
كان عنوان المناظرة وحده كفيلًا بجلب المتتبعين في الواقع، والمتابعين في الافتراض. وفي المسافة المنعدمة بين العالمين، وقف خالد سلك يدافع عن خيار المشاركة باعتباره من أفضل الوسائل التي يمكن عبرها صنع الفارق، بل وصنع التغيير، والتواصل مع الجماهير بدلاً من ترك الساحة نهبًا لحزب المؤتمر الوطني الحاكم يتحرك أنّى شاء.
ومع إقراره بأن المؤتمر الوطني ذاهب إلى تعديل الدستور للسماح بترشيح البشير لدورة رئاسية جديدة، ومع وجود كل الدلائل على أن الوطني الحاكم سيزيد من قبضته في ظل وجود منافسين حقيقيين؛ يؤكد سلك إن اصطفاف المعارضة خلف مرشح وحيد في كل الدوائر والمستويات الانتخابية قد يدفع بعدد كبير من الوجوه المعارضة إلى الواجهة وإلى مواطن صناعة الأحداث، على عكس المقاطعة التي تعتبر فعلًا سالبًا بحسب ما تم تجريبه في انتخابات سابقة، ثم أوليس (من جرب المجرب حاقت به الندامة).
خيار الرفض
كثيرة هي دواعي المقاطعة لدى تيارها بقيادة عادل بخيت، لنبدأ من مخاوف المعارضين بتعديل الدستور، وتكوين أجسام رقابية غير مهنية، في ظل سيطرة شبه تامة من قبل الوطني على مقاليد الدولة والسلطة والإعلام، مع كامل التضييق على الحريات. أما الخوف الأعظم من عملية المشاركة فمتمثل في إسباغ شرعية على الانتخابات التي سيذهب كأسها لا محالة إلى شارع المطار حيث يكمن مقر الحزب الحاكم.
اجترار
بدهي جداً أن تستيقظ المعارضة ونشطاؤها على صوت الجدل، تارة بموضوعية وتارات بشئ من الغلظة والهتر.
يرى عضو المجلس المركزي لحزب المؤتمر السوداني، عبد القيوم عوض السيد، إن قيام المناظرة في حد ذاته قد أرسى لأدب ديمقراطي رفيع وجديد بالكلية. قاطعاً بأن الحزب لن يتأثر بهذه العلانية باعتبار أن الرأي داخلهم يخضع للمؤسسات، مذكراً بأن هذا الجدال ثار في 2010م وانتهى ديمقراطياً بمشاركتهم في الانتخابات رغم مقاطعة القوى المعارضة الرئيسة في اللحظات الأخيرة.
قائلاً إن مشاركتهم اقتضتها ضرورة التعريف بالحزب، والتواصل مع الجماهير، والتدرب على الانتخابات. ولمّا قويت شوكتهم في 2015م انحازوا إلى خيار المقاطعة ضمن حملة (إرحل). مضيفاً أنه وبذات الطريقة سيتم حسم الخيار في 2020م وسينتهي باحترامه من قبل الجميع.
أخطاء
بيد أن استاذ العلوم السياسية، محمد نورين، ذهب إلى أن هكذا مسائل خلافية، يستحسن مناقشتها في الغرف المغلقة، مخافة الانشقاقات. مشيراً إلى أن خيار المشاركة في الانتخابات -على سبيل المثال- إن لم يقسم (السوداني) فإنه مناوئيه سيمسكون عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع في انتصار لخيارهم.
موضحاً في حديثه لـ (الصيحة) بأحقية حزب المؤتمر الوطني، في التدخل على الخط، للعب على تناقضات القوى المعارضة، بجانب الترويج للانتخابات خاصة لو اقتحمها السوداني، في ظل الإمكانية الكبيرة جداً لمشاركة الاتحادي الأصل والمؤتمر الشعبي.
سخرية
يسخر عبد القيوم بشدة من الأقوال الذاهبة إلى أنهم يعمدون إلى بث الروح في جسد الحكومة التي تعاني سكرات الموت، مشيراً إلى أن خياراتهم –ابتداءً- ما تزال في طور التقييم، مروراً باستمرارهم في ذات نهجهم المناهض، انتهاء بعكوفهم على دراسة الوضع باستمرار وربما خوض مراحل العملية الانتخابية والتوقف عند المكتسبات المتحققة قبيل الوصول إلى مرحلة الاقتراع.
واختتم عضو المجلس المركزي حديثه بأن اتخاذ السوداني لأي من خياري المنازلة أو المقاطعة لا يعني مبارحة التحالفات القائمة أو الخروج عليها، مع التحرك المرن في المساحات المتاحة.
أحلاهما مر
لا يتوقع أن ينتهي جدل الانتخابات في المؤتمر السوداني عند هذا الحد، كما وينتظر أن يمتد إلى القوى الأخرى التي وجدت نفسها بين خيارين أحلاهما مر.
صحيفة الصيحة.