نصيحتى لــ(مو) ولـ(الدقير) !!
* مع كامل واحترامى واعتزازى بالمهندس والملياردير ورجل الخير محمد إبراهيم ــ أو مو إبراهيم ــ وقصة كفاحه ونجاحه وقناعته بإمكانية اصلاح القارة الافريقية واخراجها من وحل الفساد الغارقة فيه، خاصة مع النجاح الكبير الذى حققه فى مجال تقنية الهاتف المحمول فى أفريقيا، إلا أنه يخطئ إذا ظن أن إنتخابات 2020 يمكن ان تتمخض عن فوز حزب غير (المؤتمر اللاوطنى)، أو حتى تتمتع بقدر بسيط جدا من النزاهة، ولو تبرع بكل أمواله للحزب المنافس، وليس مبلغ مليون ونصف مليون جنيه إسترلينى فقط كما أعلن، فمن جُبل على التزييف والتزوير والفساد والقتل والاغتصاب ووطئ العدالة بقدميه المتسختين، لن يترك شخصا سواه، أو حزبا سواه يفوز أو حتى ينافس بنزاهة !!
* قد يكون للسيد مو ابراهيم، وكذلك لحزب المؤتمر السودانى الذى قرر المشاركة فى الانتخابات القادمة، الدوافع للتفاؤل بإمكانية التغيير عبر المشاركة فى الانتخابات او دعم الأحزاب المنافسة (للمؤتمر اللاوطنى)، ولكن الظروف الداخلية خاصة الفساد الممنهج وسرقة المال العام، والظروف الخارجية خاصة التهم الموجهة للرئيس وعدد من قياديى النظام الحاكم بواسطة المحكمة الجنائية الدولية، تجعل من المستحيل على شخص غير البشير، وحزب غير (المؤتمر اللاوطنى) الفوز فى الانتخابات ولو أدى ذلك لإراقة دماء جميع السودانيين، وتدمير السودان واغراقه فى الفوضى والخراب .. !!
* أعرف أن السيد مو ــ ويعرف الكثيرون غيرى ــ أنه شخص لا يؤمن المستحيل، ولقد ترسخ لديه هذا الايمان العميق بسبب نجاح مغامرته الاستثمارية فى القارة الافريقية التى تعانى الفساد والمجاعات والحروب، ففى الوقت الذى نصحه كل الخبراء بعدم المغامرة بوقته وجهده وماله فى مجال الاتصالات بافريقيا لظروفها الاقتصادية والسياسية السيئة والفساد الحكومى المتجذر، والفقر الذى يعانى منه غالبية المواطنين الذين لا يملكون حق لقمة العيش دعك من شراء هاتف محمول وتحمل نفقات الاتصال، إلا إنه مدفوعا ببعض التجارب الناجحة فى مجالات أخرى بالقارة، صمم على خوض المغامرة ودفع بالمبلغ البسيط الذى كونه من عمله فى شركات الاتصالات، بالاضافة الى بعض القروض الصغيرة التى حصل عليها، لانشاء شركة اتصالات صغيرة للهاتف المحمول فى أوغندا، لم يزد عدد موظفيها عن خمسة فى ذلك الوقت (عام 1998)!!
* وشيئا فشيئا، ووسط غابات من الفساد الحكومى والحروب والفقر، إستطاع أن يثبت قدميه ويحقق بعض النجاح، ويكسب الثقة المطلوبة لتطوير عمله، خاصة أنه رجل مستقيم يكره العمل الملتوى وتقديم الرشاوى ..إلخ، فضلا عن عدم وجود منافسين له بسبب الظروف الطاردة للقارة الأفريقية التى لا تغرى أحدا بالإستثمار فيها وإضاعة الوقت، وظل يجتهد ويعمل الى ان وصل بشركته الصغيرة (سل تل) لتحقيق ارباح هائلة جعلتها محط انظار المشترين فى البروصات العالمية، فباعها لشركة (زين) الكويتية بمبلغ كبير، حصل منه على النصيب الأكبر، ثم تحول الى العمل الخيرى والاصلاح السياسى ومساعدة افريقيا فى التخلص من مساوئها الكثيرة خاصة الفساد السياسى الذى يعيقها من التطور والنمو !!
* أقول .. أعلم أن (مو) لا يعرف المستحيل، ولكن الخوف الشديد الذى يمسك بتلابيب قادة النظام الفاسد فى السودان، ويسيطر عليهم بشكل كامل، بأنهم سيكونون عرضة للانتقام القاسى من الشعب بسبب ما تعرض له من مآسى كبيرة على ايديهم، وتدميرهم للبلاد، ونهبهم بلا رحمة للمال العام وتطاولهم على الناس، فضلا عن مطاردة العدالة الدولية لهم بسبب الجرائم الفادحة التى ارتكبوها .. لن يترك لهم اى مجال لاتاحة الفرصة لغيرهم لازاحتهم من السلطة بشكل ديمقراطى، او حتى منافستهم بنزاهة، لذلك فمن الأفضل توفير الجهد والمال لوسيلة أخرى لاسقاط نظامهم، بدلا عن منحه شرعية لا يستحقها بالمشاركة فى الإنتخابات !!
مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة