تزايد الصرف.. تصاعد أسعار السلع الرمضانية
على الرغم من أن الوضع الاقتصادي للبلاد لم يكن على ما يرام خلال السنوات القليلة الماضية وواجه المواطنون العديد من الصعوبات وضنك العيش، إلا أن الوضع يسير من سيئ لأسوأ خاصة منذ مطلع العام 2018م، حيث ارتفع معدل التضخم لمستويات قياسية لم يبلغها من قبل ونتيجة لذلك تصاعدت أسعار السلع الأساسية والمستلزمات الحياتية مع شح في المحروقات وبغياب غاز الطهي تحولت حياة المواطنين لوضع اكثر صعوبة من ذي قبل.
وكسمة لازمة لشهر رمضان المعظم، يتزايد صرف المواطنين على السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية بمعدلات أكثر مما هي ببقية أشهر العام، ومع تناقص المداخيل الشهرية لنسبة مقدرة من المواطنين، يبدو الوفاء بجميع الالتزامات أمراً عسيراً وخاصة لمحدودي الدخول وموظفي الدرجات الدنيا بالقطاع العام، وعاملي القطاع الحر، وخلال شهر رمضان يحدث تحول للأسر بالمجتمع، فالعديد من الأسر وبمجرد حلول شهر الصيام تغير من اقتصاديات الصرف المالي، وتحديد خيارات جديدة للشراء وبأساليب قد لا تناسب ما تعتمد عليه في سائرالأيام.
بالنسبة للمواطن البسيط، باتت مسألة توفير متطلبات الحياة اليومية، “رهقا” لا فكاك منه، فالمتطلبات تتزايد يوما بعد آخر، وأسعار السلع والخدمات معرضة لزيادات، ومقابل ذلك “دخل ثابت” وهو ما يضعه أمام معادلة يصعب جعلها متزنة، لكن أغلب المواطنين يعملون بمبدأ يجعل حياتهم “تمضي بما تيسر”.
“الهميم” العامل بأحد المحال التجارية الكبير بالكلاكلة، يقول إن العمل في الفترة الصباحية “شبه متوقف” وقال إن الظهيرة وما يليها من أوقات هي فترة النشاط بالنسبة لهم، ويتفق معه “الطيب” عامل مخبز الرحمة، وهو يقول إن مواعيد عملهم تغيرت طفيفا بحيث تتناسب مع فترة النشاط، ويقول: كالمعتاد نعمل من الفجر لتوفير متطلبات المطاعم والكافتريات وطلبيات المواطنين، ولكن ذلك لا يحدث عند الصيام، ليخلص للقول: في رمضان نبدأ عملنا عند الظهيرة وحتى ساعة متأخرة من الليل، ولا يختلف الحال عن كثير من المحال الأخرى المتخصصة في توفير السلع، والخضروات، وبقية المواد الاستهلاكية.
وتقول فاطمة أحمد، وهي عاملة وفي ذات الوقت ربة منزل، إن الوفاء بجميع المطلوبات في شهر رمضان “أمر من الصعوبة بمكان” وعن كيفية تمكنهم من توفير السلع تقول أن لا مفر أمامهم سوى الاعتماد على الشراء بالأقساط، من الجمعيات التعاونية المخصصة للعاملين بالمؤسسات الحكومية، وتعزو سبب عدم قدرتهم على مجابهة أسعار الأسواق “لتواضع وضآلة الراتب” وقالت إنها لا يكفي ومهما تعاظم لتلبية سوى النذر اليسير من منصرفات الحياة اليومية.
الموظف، محمد عبد الحليم” يخلص الصعوبة بتعدد بنود الصرف، مقابل إيرادات ثابتة ويمثلها راتب منخفض، مشيرا إلى أنه يتقاضي “2500” جنيه، نظير عمله بإحدي مؤسسات القطاع الخاص، وقال: ماذا يكفي هذا الرقم لتوفير متطلبات حياة أسرة مكونة من “5” أفراد بينهم من هو في سن الدراسة، وقالها مع ابتسامة “حياتنا ستمضي على أي حال” والرزق من رب العالمين.
وبرأي خبراء ومختصين في الشأن الاقتصادي، فثمة فروقات كبيرة بين متطلبات المعيشة ومستوى الأجور المتاح للمواطنين، بين قطاعات المجتمع ومؤسساته العاملة وتصف الخبيرة الاقتصادية الدكتورة إيناس إبراهيم ذلك الأمر بـ “المشكلة” التي تؤرق الدولة والمجتمع على حد السواء، خاصة في ظل الخطوات المتسارعة نحو تحرير الاقتصاد وتوغل الفقر في مفاصل المجتمع، وتشير إلى أن التصاعد التضخمي يلتهم أي زيادة في الأجور، ومهما كانت لذا تقترح الحد من تصاعد أسعار السلع الغذائية أولا، وتنظيم الأسواق ومحاربة ظواهر الاحتكار وجشع التجار ونوهت إلى اعتقادها بأن نظام الأجور بالدولة لا يغطي أكثر من “14%” فقط من تكلفة المعيشة في ظل الارتفاع المتزايد لأسعار السلع والخدمات، في الفترة الأخيرة في ظل عدم وجود جهة تحد من ارتفاع الأسعار خاصة وأن الأجور غير مرتبطة بالاقتصاد الكلي والإنتاجية.
فروقات كبيرة بين المرتبات والسوق وهي فروقات تتزايد بطبيعة الحال مع الارتفاع الجنوني للأسعار قياسا بالمرتبات الضعيفة إضافة لهبوط العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية، وفي ظل هذه الأوضاع أصبح المواطن يعاني وأصبح الراتب مهما ارتفعت قيمته لا يوازي أسعار الأسواق الملتهبة والتي تزداد يوما بعد يوم، الثابت أن المرتب لا يكفي متطلبات الحياة لأكثر من عشرة أيام على أحسن الفروض وفي ظل هذه التطورات أصدرت الدولة عدداً من قرارات تمثلت في زيادة الرواتب والمعاشات والحد الأدنى من الأجور ولكن لم يكن لهذه القرارات جدوى في ظل جنون الأسواق الذي يستعر دون كابح أو جامح إذ تساعد فوضى الأسواق في تفاقم الأزمة والضغط على المواطن في ظل انعدام الرقابة للأسواق وهذا شكل عبئاً إضافياً على كاهل المواطن.
صحيفة الصيحة.