تحقيقات وتقارير

إلغاء قانون بيع الأموال المرهونة .. اتحاد المصارف .. وزارة العدل .. من يكسب الرهان ..؟

* اتحاد المصارف: كثيرون يتعاطفون مع المدين ويفوت عليهم ان المال مملوكا للمودعين
* أديب: المصارف تعمل بطريقة معوجة لإعلانها مصارف اسلامية بينما في الواقع ربوية

* قانون الأموال المرهونة أحدث كثير من المآسي داخل المجتمع السوداني.
* بوب: الغاء ضمان الرهن يؤثر على الاقتصاد، والمصارف تقيم مخاطر التمويل على أساس قدرة الراهن على السداد..
المصارف: إلغاء قانون بيع الأموال المرهونة، سيقابله توجيه للبنوك بالتقييد في نوع الضمانات..

 

أعلن اتحاد المصارف رفضه للمرسوم المؤقت لقانون التعديلات المتنوعة، والذي أعدت فيه لجنة التشريع بوزارة العدل تعديل قانون الأموال المعاملات المالية لسنة 1983م، وأوصت بإلغاء قانون بيع الأموال المرهونة للمصارف لعام 1990م. وقد جاء إلغاء قانون الأموال المرهونة الذي رفضه اتحاد المصارف، ضمن توصيات الحوار الوطني، الأمر الذي أدى لحدوث خلافات بين وزارة العدل والاتحاد الذي أكد تمسكه بالقانون، متحججاً بأن الأسباب التي أدت لصدوره ما تزال موجودة، لأن المصارف تمول العملاء من أموال المودعين وإن تأخير سدادها سيؤثر على اقتصاد الدولة.

 

لجنة مشتركة
وأوضح اتحاد المصارف في خطاب لوزارة العدل تحصلت (الجريدة) على نسخة منه، أن قانون بيع الأموال المرهونة صدر بديلاً للإجراءات المعقدة والطويلة في قانون الإجراءات المدنية. وأشار الاتحاد الى أنه تمت إعادة النظر في قانون بيع الأموال المرهونة بناءً على التوصية رقم 623، للجنة الاقتصادية بالحوار وأضاف (التوصية لم تشتمل على إلغاء القانون مثار الجدل) فيما كشف عن تكوين لجنة مشتركة من وزارة العدل ممثل فيها الاتحاد، قال إنها توصلت الى رأي مرضٍ لكافة الأطراف.

 

نص القانون
وبحسب قانون بيع الأموال المرهونة فإنه ( إذا حل الأجل المحدد لسداد المبلغ المضمون بالرهن لمصرف وتأخر الراهن في سداده يحق للمصرف بعد إنذار الراهن كتابة لمدة شهر بالسداد، أن يبيع المال المرهون أو أي جزء منه، بما عليه من رهونات سابقة بعد انقضاء مدة الإنذار المذكورة)، يقوم المصرف ببيع العقار المرهون له بما عليه من رهونات، تنفيذاً لأحكام المادة (5)، عن طريق المزاد العلني، على أن يكون الثمن الأساسي لذلك العقار لا يقل عن قيمة المبلغ المرهون له به أو القيمة الحقيقية التي يحددها المصرف بالتشاور مع الجهات المختصة أيهما اكبر، وإذا لم يقدم عرض للشراء أو كان العرض المقدم اقل من الثمن الأساسي فيجوز للمصرف عرض العقار المرهون للبيع مرة أخرى بدون تحديد سعر أساسي، وأوجب القانون ايقاف إجراءات البيع بالمزاد العلني في أي مرحلة قبل رسو المزاد في حالة دفع المدين الراهن لمبلغ الدين وأي مصروفات أخرى تكبدها المصرف في تلك الإجراءات نقداً.

واشار القانون الى انه عند اكتمال البيع وفق أحكام هذا القانون يقوم مسجل عام الأراضي بتعديل سجل العقار المرهون باسم المشتري بما عليه من رهونات، على إلا يؤثر أي خطأ في إجراءات بيع العقار على حق المشتري في نقل الملكية له ،ويتم التصرف في حصيلة بيع العقار المرهون بموجب القانون في سداد دين المصرف، في حدود قيمة الرهن المسجل. سداد مصاريف البيع، على أن يسلم ما تبقى من قيمة المبلغ للراهن، وإذا لم يكن عائد البيع كافياً لسداد المبلغ المرهون به، فيجوز للمصرف مقاضاة المدين الراهن بباقي المبلغ عن طريق رفع دعوى مدنية.

 

اجراءات حجز المنقولات
ونص القانون فيما يتعلق باجراءات حجز المنقولات ببيعها على أنه إذا كانت المنقولات المرهونة في حيازة المصرف كاملة يقوم المصرف ببيعها بالطريقة المحددة في هذا القانون بعد انتهاء مدة الإنذار المنصوص عليها في المادة (5) ويقوم المصرف ببيع المنقولات المرهونة والتي تم حجزها وفقاً لأحكام البند (1) فوراً بالمزاد العلني على أن يكون الثمن الأساسي للمنقولات مبلغاً لا يقل عن المبالغ المرهونة به أو القيمة الحقيقة أيهما اكبر، وإذا لم يقدم عرض للشراء أو كان العرض اقل من الثمن الأساسي فيجوز للمصرف أن يعرض المنقولات المرهونة للبيع مرة أخرى بدون تحديد لذلك.

ونص القانون على أنه من أجل توقيع الحجز المنصوص عليه في البند (1) يجوز للمدير أو من يفوضه أن يدخل بالقوة مصحوباً بمن يري ضرورة وجودهم من المستخدمين أي أمكنة توجد بها المنقولات المحجوزة أثناء ساعات العمل للشخص المطلوب منه سداد الدين، ويجوز للمدير أو من يفوضه حسبما يكون الحال أن يطلب من ضابط الشرطة المسئول الذي توجد أمكنة تواجد المنقولات المرهونة في دائرة اختصاصاته تمكينه من دخولها وإجراء الحجز وعلى ذلك الضابط في هذه الحالة تلبية الطلب.

طلب إحالة النزاع للتحكيم
وجوز القانون للراهن في حالة وجود أي نزاع بينه وبين المصرف أن يطلب كتابة في مدة لا تزيد على أسبوع واحد من تاريخ تسلمه للإنذار المنصوص عليه في المادة 5(1) إحالة النزاع للتحكم. ولفت القانون انه على الرغم من أحكام المادة5(1) يوقف المصرف إجراءات البيع إذا تقدم الراهن بالطلب المنصوص عليه في البند(1) وذلك لحين صدور قرار هيئة التحكيم المنصوص عليه في المادة (10-1 ).

 

تفنيد ومرافعة
وفند الاتحاد التعديلات المقترحة بناءً على توصيات الحوار، وقال ( أعيد النظر في قانون بيع الأموال المرهونة للمصارف سنة 1990 بناء على توصية رقم 623 من توصيات اللجنة الاقتصادية بالحوار الوطني ونصت التوصية على (اعادة النظر في قانون بيع الأموال المرهونة لسنة 1990 م معدلا حتى مارس 2003 م رفعا لأي ضرر أو ظلم لاستقرار المعاملات المالية و المصرفية والاطمئنان على سلامتها بما يضمن حقوق المودعين والمساهمين..) وتابع (لم يرد في التوصية الغاء القانون، وكشف عن تكوين لجنة بوزارة العدل بناء على تلك التوصية وتم تمثيل الاتحاد في اللجنة، ونوه اتحاد المصارف الى ان اللجنة بعد نقاش مستفيض توصل الى توصيات تراعي حقوق جميع الأطراف والتي من أبرزها اعطاء المدين حق بيع المال المرهون بنفسه بضوابط محددة تحت اشراف البنك منعا لتضرره بالاضافة الى زيادة عدد مرات عرض المال المرهون بسعره الأساسي أكثر من مرة حيث كانت مرة واحدة وتم تمديد فترة انذار العميل من شهر الى ثلاثة أشهر وذكر الاتحاد إن تلك التوصيات لاقت قبولا على الرغم من ماعليها من ملاحظات للبعض .

ورداً على خطاب وزارة العدل الذي ذكرت فيه أن هناك توصية بالغاء قانون بيع الأموال المرهونة للمصارف لسنة 1999م استنادا الى المرسوم المؤقت قانون التعديلات المتنوعة ( تسهيل أداء الأعمال ) لسنة 2018 م الذي تضمن تعديل قانون الاجراءات المدنية لسنة 1983م والذي أشارت فيه وزارة العدل ان القانون أوكل أمر استرداد الديون المثبتة لأوامر أداء تنفذها المحاكم المختصة أكد اتحاد المصارف عدم صحة ذلك وأرجع ذلك أولا لجهة إن التعديلات متعلقة بقانون الإجراءات المدنية لسنة 1983 م والتي رأى إنها تتسم بطولها وتعقيدها لظروف استدعت صدوره، ثانيا التعديلات التي استند عليها قرار الوزارة تنص على أوامر الأداء حيث أنه يجب على الدائن أن يخطر المدين بالوفاء، اذا لم يف يرفع الأمر للمحكمة، ثم اصدار أمر الوفاء، ثم يعلن المدين بأمر الوفاء الصادر ضده، ويجوز له استئنافه لدى محكمة الإستئناف فاذا تأيد الأمر بالأداء تنفذ أوامر الأداء بالطرق المبينة في تنفيذ الحكم، ووصف اتحاد المصارف ذلك الاستناد بغير الصحيح وقال ( هذا التعديل متعلق بطلب أداء الدين المثبتت الذي صفته الوضوح بينما تتكلم الحالة محل الجدل عن التنفيذ على المال المرهون وشتان بينهما ) ونوه الاتحاد الى ان التعديلات التي استندت عليها وزارة العدل وردت ف لتعديل المواد الخاصة باجراءات رفع الدعوى في الباب الثاني المادة 31 ومابعدها من قانون الاجراءات المدنية لسنة 1983 وقانون بيع الأموال المرهونة جاء بديلا للاجراءات المنصوص عليها في الباب السادس الفصل الثاني وعنوانه دعاوى رهن العقارات المواد 122وما بعدها من قانون الأجراءات المدنية والتي كانت سببا في صدور قانون بيع الأموال المرهونة والذي مازالت أسباب اصداره باقية وأوضحت إن التعديل يتعلق بأداء الدين الثابت وقانون بيع الأموال المرهونة يتعلق ببيع الأموال المرهونة لسداد الدين وأشار الى إن هذه الجزئية تركها التعديل كما هي حيث نصت المادة 38 على أنه ( تنفذ أوامر الأداء بالطرق المبينة في تنفيذ الأحكام وفقا لأحكام هذا القانون )

 

نزع الملكية
ونبه اتحاد المصارف الى نقطة وصفها بالمهمة وهي أن المدين الراهن قد أستلم مبلغ من التمويل بواحدة من صيغ التمويل الشرعية ودخلت في ملكه وواجبه سداد ماعليه باختياره فاذا امتنع عن الوفاء تنزع ملكيته جبرا ولفت الى أن كثير من الناس يتعاطفون مع المدين الراهن ويفوت عليهم ان هذا المال الذي تتعامل به البنوك مملوكا للمودعين لذلك ان لم تكن هناك اجراءات استرداد خاصة وسريعة لضاعت أموال البنوك ومن ثم المودعين
ولفت إلى أن استرداد الديون أوامر تنفذها المحاكم المختصة، وأكد أن تلك التعديلات تختص بقانون الإجراءت المدنية وليس قانون بيع الأموال المرهونة باعتباره قانون قائم بذاته مستثنى من قانون المعاملات المدنية. في وقت قلل من التعاطف مع الراهن باعتبار أنه استلم تمويلاً عبر إحدى صيغ التمويل الشرعية، وشدد على ضرورة نزع ملكية الراهن حال تقاعسه عن السداد.

 

تقييد الضمانات
وحذر اتحاد المصارف من أن إلغاء قانون بيع الأموال المرهونة، وذكر بأن أي اتجاه للإلغاء سيقابله توجيه للبنوك بالتقييد في نوع الضمانات والتي تشمل خطابات الضمانات أو شهادات شهامة أوحجز الودائع بالعملات المحلية والأجنبية لتقليل مخاطر الاسترداد، فضلاً عن أن الإلغاء ستقابله زيادة في نسبة الأرباح مما سيؤثر سلباً على العملاء والمصارف واقتصاد البلاد.
وجدد الاتحاد تمسكه بعدم الغاء قانون بيع الأموال المرهونة ورأى إن الغائه والزام المصارف بالاجراءات التي تتسم بطولها وتعقيداتها سيفقد القانون البديل هدفه حيث أنه سيحمي شخص لن يحصل على غرضه ابتداء بسبب التعقيد الشرعي في استرداد الحق واختتم مرافعته قائلا ( يكفي ان قانون بيع الأموال المرهونة أنه ظل ساريا لما يقارب العشرين عاما ).

 

استعجال الاسترداد
ورأى الخبير القانوني نبيل أديب إن ضمانات العملاء تحددها مقدرتهم على السداد وأرجع الجدل حول قانون بيع الأموال المرهونة لوجود ممارسات كتأجير المنازل للرهن وقال للجريدة ( هناك من يأجرون منازل للرهن نظير أجر شهري وفي حال حدوث تعثر في السداد يتم بيع المنزل المؤجر بالخسارة ولفت الى أن الرهن عادة ما يكون لمقابلة مسألة بعيدة المدى باعتبار إن المصرف عندما يعطي تمويل لعميل ينبغي أن يكون متأكد من قدرته على سداده و يستخدم الرهن لمساءلة بعيدة المدى قد تطرأ لاحقا واعتبر إن مشكلة المصارف استعجال استرداد التمويل وأرجع ذلك لأنها لاتأخذ فوائد معلنة واعتبر ان المصارف تعمل بطريقة وصفها بالمعوجة لاعلانها إنها مصارف اسلامية بينما في الواقع هي مصارف ربوية لجهة أنها تأخذ ارباح على المرابحة وزاد البنوك لاتتحمل فترة المقاضاة لان أرباحها لا تغطي الرهونات مما أدى حدوث خلل اقتصادي كبير، وأيد أديب مراجعة البنوك للضمانات المصرف وزاد ولست حريصا على بيع الأموال المرهونة ، وأن لايملك البنك يملك أمر البيع بل تملكه المحكمة واستدرك قائلاً: (لكن يجب أن يكون إجراءات سريعة وغير قابلة للتعطيل، وعلى المدين أن يكون لديه دفاع حقيقي إما أنه سدد أو لعدم تلقيه إنذاراً، وقانون الأموال المرهونة أحدث كثير من المآسي داخل المجتمع السوداني .

 

أخذ العبرة من الجوكية
من جهته حذر الخبير الاقتصادي بروفسيور عصام بوب من مغبة الغاء قانون بيع الأموال المرهونة لأنه سيؤدي الى فوضى اقتصادية وتوقف المصارف عن التمويل لعدم وجود ضمانات لجهة انها شرط أساسي في دراسة مخاطر التمويل وثبات القيمة التي لايمكن التمويل بدونها وقال بوب لـ(الجريدة) الرهن يعني وجود عقد قانوني بين الراهن والممول وبموجبه يتم رهن عقار أو أصول نقدية أو عينية وبالتالي الجهة الممولة تستلم الرهن كضمانات ) ولفت الى ان إلغاء ضمان الرهن له أثر أقتصادي كبير حيث أن المصارف تقيم مخاطر التمويل على أساس قدرة الراهن على سداد قيمة الرهن.. وطالب بوب بأخذ العبرة من الجوكية في العام 2008 حيث بلغت مقدار الديون الهالكة بما لا يقل عن 15 مليار دولار وتوقع أن تكون أكبر من ذلك لوجود أشياء غير معلنة ولفت إلى ان تلك الاموال الهالكة تحملها البنك المركزي والحكومة.

 

 

الخرطوم: سعاد الخضر
صحيفة الجريدة