ملف دارفور… «8» أعوام على العهد القطري
بالرغم من تعدد المبادرات الافريقية بحثا عن حل لقضية دارفور الا ان المبادرة القطرية كانت الاكثر فعالية على جلسات التفاوض الممتدة ، فقد استضافت الدوحة المتحاورين عامين ونيفا إلى أن تكللت جهودها باتفاقية وثيقة الدوحة للسلام . وكانت نتاجا لحوار شارك فيه مئات من أهل المصلحة ، ولم تقف جهود قطر عند إعلان الاتفاقية بل أحالتها إلى مشروع نهضوي كبير اشتملت الاتفاقية على تأسيس بنك لتنمية دارفور برأسمال قدره مليار دولار التزمت بها قطر إلى جانب إنشائها وأطرافها مكتبا لمتابعة تنفيذ بنودها واستمر الجهد القطري لتوسيع الاهتمام الإقليمي والأممي بالاتفاقية وتكلل ذلك باحتضان الدوحة عام 2013 مؤتمرا لتنمية دارفور وإعمارها.
ولعل ما تبنيه قطر في دارفور لم يبلغ تمامه بعد ، فقد جددت دولة قطر التزامها باستكمال مشروعات التنمية في دارفور والعمل على إلحاق بقية الحركات المسلحة بالعملية السلمية ، في لقاء مبعوث وزير الخارجية القطري بالمسؤولين في الخرطوم امس.
والزيارات المتكررة من القيادة القطرية للخرطوم تشير الى ارسال رسالة ذات أهمية عالية القيمة، وهي ان قضية دارفور تمضي في الطريق الصحيح تجاوزا للعقبات.
سر الزيارة
في زيارة تستغرق 3 يام بدأ مبعوث وزير الخارجية القطري لقاءاته مع مسؤولي ملف دارفور ، وكشف المبعوث القطري عن مساعي بلاده مع الحكومة لدعم فتح مسارات جديدة للتفاوض مع حركات دارفور المسلحة في اطار استكمال اتفاقية الدوحة للسلام ، وأجرى المبعوث الخاص لوزير الخارجية القطري مسؤول ملف النزاعات، مطلق القحطاني مباحثات مع الرئيس عمر البشير، في قصر الضيافة بالخرطوم بحث خلالها سبل تسريع مسارات المفاوضات وامكانية انضمام المجموعات المسلحة الأخرى للجلوس للتفاوض للوصول الى تفاهمات وتوافق على أساس اتفاقية سلام الدوحة ،معلنا دعم الحكومة القطرية لاستئناف التفاوض بين الخرطوم والمتمردين حول سلام دارفور ، متمنياً أن تسهم تلك الجهود في استتباب الأمن والسلام بالاقليم ، وأوضح المبعوث القطري أن اللقاء مع البشير تناول سير اتفاقية سلام الدوحة والبرامج التنموية التي تقوم بها قطر والدول الأخرى المعنية وجهود الحكومة السودانية لإحلال السلام بدارفور ، بالاضافة الى لقاءات جمعته مع وزير الخارجية الدرديري محمد أحمد، ود. امين حسن عمر بحث خلالها تنفيذ اتفاقية الدوحة وانعكاساتها على اوجه الحياة في الاقليم والتركيز على عودة النازحين واللاجئين لاستكمال عملية الاستقرار في دارفور بصورة نهائية ولتعزيز البدء في عملية التنمية، كما تم بحث سبل تسريع مسارات المفاوضات وامكانية انضمام المجموعات الاخرى للجلوس للتفاوض للوصول إلى تفاهمات وتوافق على اساس اتفاقية سلام الدوحة …وتناول اللقاء سير اتفاقية سلام الدوحة والبرامج التنموية التي تقوم بها قطر والدول الأخرى المعنية وجهود الحكومة لاحلال السلام بدارفور ..وقال مسؤول ملف دارفور مجدي خلف الله ان دولة قطر اكدت التزامها بالمواصلة في كل الالتزامات السابقة لاستكمال عمليات التنمية التي تم الاتفاق عليها في الدوحة. وكشف عن اجتماع خلال الاسبوعين او النصف من شهر يوليو القادم للوقوف علي تنفيذ اتفاقية الدوحة والتحرك لكيفية إلحاق بقية الحركات الاخرى بعملية السلام في الدوحة.
قبول دولي:
وقال رئيس مجلس حركات دارفور المهندس آدم علي شوقار في حديثه ل«الصحافة» حول الموقف القطري واهتمامه بقضية دارفور ان دور قطر مهم وجامع لكل ابناء دارفور بمختلف توجهاتهم، مؤكدا قدرة قطر على تجاوز صعاب تنفيذ الاتفاقية باعلانها استكمال الجهود.. واضاف قبول المستويين الاقليمي والمحلي بالدور القطري سمح للدوحة بمواصلة دورها وإقناع المتفاوضين بضرورة السلام. بالاضافة الى ان التفاوض يحظى بالدعم الاقليمي والعالمي وهو ما جعل الاتفاقية تحظى بالقبول والرضى بالنسبة لمن وقعوا عليها من الأطراف حتى من المجتمع الدولي على حد تعبيره. وشدد رئيس مكتب سلام دارفور مجدي خلف الله على أن الواقع الآن في دارفور هزم أجندة الذين كانوا يسعون لإطالة أمد الصراع في المنابر الإقليمية والدولية وباءت محاولاتهم بالفشل أمام وجود تقدم عالمي مساند لعملية السلام في دارفور. وترتب على ذلك وجود إعلام عالمي ايجابي دحض الافتراءات التي كانت تتم ضد دارفور من خلال عرض التطورات الايجابية التي تمت، مشيرا إلى أن عملية السلام في دارفور تجاوزت آثار الحرب والعنف كافة وانتقلت إلى آفاق تنموية جديدة عززها الواقع المعاش الذي يشهد تحولات جذرية نحو التنمية المستدامة وتحول المجتمعات، ولفت خلف الله إلى أن المكتب يقوم بمتابعة تنفيذ مسار بنود وثيقة الدوحة للسلام التي تم تنفيذ أكثر من 85% من بنودها، موضحا أن ما تقوم به مفوضيات السلام في دارفور في مجالات العودة الطوعية والأراضي والعدالة والمصالحة والترتيبات الأمنية يتم وفق ما نصت عليه وثيقة سلام الدوحة بتنسيق دقيق ومتابعة من الرئاسة السودانية.
مصاعب الانقسام:
وعلى الرغم مما واجهته الوساطة القطرية من مصاعب اهمها انقسام الحركات الدارفورية وعدم اتفاقها على موقف تفاوضي واحد. لكن في النهاية وقّعت حركة التحرير والعدالة، إحدى حركات دارفور بالدوحة في 14 يوليو 2011، اتفاقية مع الحكومة ايذاناً بوضع لبنات السلام الدائم في دارفور.. كما وقع عليها كذلك ممثلون عن دولة بوركينا فاسو والاتحاد الافريقي والأمم المتحدة ودولة قطر التي تولت الوساطة بين الفرقاء على امتداد ثلاثين شهرا من المفاوضات. وتتضمن الوثيقة عنصرا أساسيا لحل أزمة دارفور وهو تقاسم الثروات والسلطة ، فضلا عن التصدي لقضايا أساسية للنزاع المسلح في الإقليم كإقرار تعويضات للنازحين، وتعتبر الوثيقة تتويجاً للمفاوضات والحوار والتشاور بين مختلف الأطراف الكبرى في نزاع دارفور وأصحاب المصلحة والشركاء الدوليين. وقدّمت البعثة المشتركة للاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة خبراتها الفنية دعماً لعملية السلام، إضافة إلى حثها الأطراف غير الموقعة عليها للانضمام إليها والتوقيع عليها. وقامت قطر بتمويل المشاريع التنموية في الإقليم. وفاء لتعهداتها خلال مؤتمر المانحين الذي استضافته في أبريل 2013، لإعادة إعمار الإقليم… وتعهدت الدوحة بدفع 500 مليون دولار، من أصل 3.65 مليار دولار، تعهدت بها 35 دولة مشاركة لكن دون أن تلتزم غالبيتها بالسداد، وهو ما يرجعه مراقبون لعدم إحراز تقدم في عملية السلام مع الحركات الرافضة لاتفاق الدوحة.. فبعد مرور «8» اعوام على وثيقة الدوحة جددت قطر العهد باستكمال ما تبقى من تنفيذ تعهداتها.
تقرير: نفيسة محمد الحسن
صحيفة الصحافة