صلاح الدين عووضة

تعبت !!!


*ما زلتُ أذكر تفاصيل تلكم الأمسية..

*فبعد مغيب الشمس استلقيت على سرير بفناء المنزل (البحري)..

*وبدأت في قراءة ديوان شعر أحضرته معي من الخرطوم..

*فالإجازة لا تكتمل بهجتها إلا مع بعض كتب تملأ فراغات الفراغ..

*الفراغات الزمنية لفراغات الحراك الاجتماعي..

*ومع أول رشفة من شاي اللبن (المقنن) قرأت أول أبيات خمائل إيليا أبي ماضي..

*ونسج المساء (أول) خيوط عشق بيني وبين قصائد هذا الشاعر..

*وكان حباً من (أول نظرة) حين أبصرت قصيدة (المساء)..

*وللمساء-عموماً- قدرة فريدة على النسج والحياكة والغزل و(نقض الغزل)..

*أو ربما خيوط الفجر هي التي (تنقض) بعض خيوط المساء..

*ومن هذا البعض (المنقوض) ما سنرويه في سياق كلمتنا هذه اجتراراً لذكريات..

*ذكريات ماضٍ جميل أحن إليه بشدة هذه الأيام..

*فالنفس ما عادت تحتمل ضجيج مصانع- في زماننا هذا- للغزل والنسيج..

*ولا نعني المصانع (ست الاسم) بما أن البوم ينعق في جنباتها..

*وإنما مصانع تجد معناها في كلمات إيليا (إن التأمل في الحياة يزيد أوجاع الحياة)..

*لاسيما إن كانت مثل حياتنا التي نعيشها هذه..

*أو ربما يصح أن نقول: حياتنا التي (لا) نعيشها هذه..

*ونسمة مشبعة بأريج البرسيم تنسرب إلى خياشيمي مع نكهة نعناع الشاي..

*وتقتحم (عالمي المسائي) ابنة الجيران طالبة الثانوي..

*كيف فعلت وأنا لم أحس بوقع خطاها رغم هدوء عالمي هذا؟ لست أدري..

*بمثلما لم يدر أبو ماضي أهو السائر أم الدرب يسير..

*وأنا نفسي لا أدري الآن: (أأنا) أكتب أم (آخر) كالذي بدت عليه ابنة الجيران..

*كانت تتوشح (لون زينب) ذاته الذي رأيته عليها في الصباح..

*ولولا طرحتها ذات اللون (اللافت) للنظر هذه لما (لفت) نظري شيء من ثيابها..

*وسألتني وهي واقفة بجانب السرير: ماذا تقرأ ؟..

*فلما أخبرتها وعدتني بديوان آخر لأبي ماضي- يخص شقيقها- اسمه (الخمائل)..

*فشكرتها بفرح طفولي وغادرت (عالمي) في هدوء كما دخلت..

*وغادرت أنا عالم اليقظة لأدخل عالم الأحلام؛ و(الجداول)..

*وفي الصباح سألت ذات الوشاح (الزرعي)- حين أتت-عن وعدها لي في المساء..

*فإذا بكلام الليل يمحوه النهار؛ أو يمحو (الآخر) وكلامه..

*فهي لم تسمع حتى بديوان شعر اسمه (الجداول)..

*ولكني أسمع صوت (الأنا) بداخلي يدعوني إلى إجازة..

*فأنا بحاجة إلى التوقف عن (التأمل في الحياة) بعد أن (زادت أوجاعها)..

*وأشتاق إلى مثل أمسيتي تلك ؛ أناجي فيها (الذات)..

*أو يناجيني (آخر) ذو وشاح بلون زينب !!!

صلاح الدين عووضة
صحيفة الصيحة