تحقيقات وتقارير

الداخلية مع حوسبة 2020 .. انتخابات إلكترونية.. البحث عن (آيزو) الشفافية


في ظل بحثها الدؤوب عن شهادة دولية للنزاهة والشفافية في مجال الانتخابات ــ شبيهة بالآيزو ــ أعلنت الحكومة يوم أمس (الأربعاء)، بأنها ذاهبة إلى حوسبة الانتخابات، وجعلها الكترونية بصورة كاملة.

ويثير الإعلان تساؤلات جمَّة بشأن امتلاك الحكومة لمنصة الكترونية تمكنها من حصد أصوات السودانيين في العام المقبل دون حدوث معضلات قاتلة أو هنات تطعن في النزاهة والشفافية.

أما لو انتقلنا إلى مستوى أدنى فتطل تساؤلات كبرى ما إذا كان المواطنون يملكون أجهزة الكترونية، ومهارات فردية، وقدرة على النفاذية إلى الانترنت ليصوتوا لصالح مرشحيهم المفضلين حينما يأتي 2020.

أمر عالمي

الحديث عن نزاهة الانتخابات، ليس بدعاً أو شأناً حكومياً صرفاً. فحال ثارت زوابع وأعاصير حول مقدم قادة ـ أية دولة بالعالم ــ إلى الحكم فذلك كفيل لأن يحظوا بكثير من العزلة، وغير قليل من اللعنة التي تطردهم من جنة الامتيازات الدولية. ولا يخفى على أحد أن الانتخابات الحرة والنزيهة تحولت إلى ثقافة عالمية لحصد القبول، ربما أسوة برفض العالمين لسلوك الانقلابات على النظم الديمقراطية.

وعليه فإن أحاديث وزير الداخلية الجديد ـــ المتجدد ــ المهندس إبراهيم محمود حامد، عن مساعيهم لانتخابات شفافة ونزيهة، من نافلة القول، وإن كانت أحاديثه عن حوسبة العملية هو الفرض الذي يفرض علينا قياس قدرته في الإستواء على سوقه.

منصة انطلاق

تراه على ماذا اعتمد محمود حين أنطلق لسانه في النطق بأن إقامة الانتخابات الكترونياً يحقق النزاهة.

لنعود لحديث الوزير نفسه، حيث يقول إن امتلاك السجل المدني الحالي، يساعد على اقامة الانتخابات الكترونياً، مع تدخل بسيط من الكادر الإنساني.

وتشير احصاءات رسمية إلى تقييد وزارة الداخلية لجلَّ السودانيين في سجلات الرقم الوطني الذي تحول إلى الوثيقة الأولى بالبلاد. وربطت كثير من الجهات الحكومية تعاملاتها بالحصول على الرقم الوطني، وكانت آخر هذه الجهات الهيئة القومية للاتصالات، إذْ أعلنت وقف الخدمة عن كافة بطاقات الهواتف غير المسجلة بالرقم الوطني.

خطوة

لكن هل يعد امتلاك الداخلية سجلاً بكافة المواطنين كفيلاً بالقول إن الانتخابات ستكون الكترونية وحائزة على شهادة الشفافية والنزاهة.

سؤال طرحناه على المختص في شؤون الإعلام الجديد، أشرف محمود، فابتدر حديثه لــ(الصيحة) بالقول إن امتلاك سجلات كاملة للناخبين خطوة مهمة في حوسبة الانتخابات ولكنها ليست كافية أو نهائية.

مشيراً إلى أن حوسبة الانتخابات وجعلها الكترونية في حاجة إلى توفير حواسيب بمواصفات خاصة، وخدمة انترنت بسعات كبيرة، وتأهيل ممتاز سواء لموظفي المفوضية أو الناخبين وصولا لوكلاء الأحزاب، علاوة على ذلك كله فهناك حاجة إلى وجود تنسيق كبير بين الداخلية (سجلات الرقم الوطني) والخارجية (السودانيين بالخارج) ومفوضية الانتخابات (الجهة المشرفة على كامل العملية).

وينوه محمود إلى أن ذلك كله وإن توفر ليس كافياً لاقرار النزاهة والشفافية، حيث يتطلب الأمر تأميناً الكترونياً عالياً بحيث لا تتعرض النتائج إلى التخريب والقرصنة.

رأي سياسي

حال توافر كل هذه المعينات التقنية، فهل يمكن أن تقبل القوى السياسية بانتخابات محوسبة.

يقول المحلل السياسي، نصر الدين عزّام، بوجود موضوعات تواجه الانتخابات أشد تعقيداً من أمور الشكل واستشكالاتها وفي مقدمة ذلك يأتي ارتضاء القوى المعارضة بخوض الانتخابات ابتداءً، زدْ على ذلك حل معضلات تعديل الدستور، والاعتراضات الخاصة بالمفوضية وقانونها.

وحين انتقلنا بالحوار خطوة بالتساؤل عن نجاح انتخابات الكترونية في تجاوز ذلك كله، أبدى عزّام في حديثه مع (الصيحة) تشاؤماً كبيراً، وقال إن تفشي الأمية الالكترونية يحول دون إجراء هكذا انتخابات. ونوه إلى أن الاعتراضات ستكون سيدة الموقف في حالات فرز السجلات في كل مركز، وعند التصويت، والأهم في مرحلة الفرز. مشدداً على أن التصويت العادي كان يستغرق قرابة (10) دقائق، فكيف إن كان الكترونياً بالكامل.

نقلة

محاولات نقل الانتخابات من خانة البدائية إلى خانة الحداثة في حاجة إلى قدرات تضاهي دولاً عظمى لا يحتاج التصويت فيها سوى للدخول بانترنت سريع إلى برنامج انتخابات عالي التأمين والموثوقية، ووضع بطاقتك بكل أمان.

ويبدو أن ذلك مستبعد حالياً في السودان، حيث تقر وزارة الاتصالات بتعرض السيرفرات والمواقع السودانية إلى هجمات الكترونية شرسة كل حين، بينما لا يزال المجتمع يمانع الانخراط في سلك تحديث الخدمات مخافة وقوعه في براثن معضلات لا قبل له بحلها، فكيف لو سحبنا ذلك على أحزاب متصارعة على السلطة. يعتقد أن الاجابة الحاسمة ستكون بالمدافعة عن كل المكتسبات بـ(النظر) دون الركون إلى عمليات (الصفر واحد) التي تقول بها الحواسيب.

صحيفة الصيحة.