زهير السراج

إلى متى تعربدون؟!


* قرار بنك السودان بتغيير الورقة فئة (الخمسين) جنيها، ما هو إلا بلطجة وشغل بلطجية، مثل أى عمل آخر يقوم به النظام المنهار الذى لم يتبق له إلا أن يهز رأسه المقطوع حتى يسقط على الأرض، ويتكشف موته للناس !!
* قبل ستة أشهر جالت فى خاطر النظام فكرة غبية، أنه يستطيع السيطرة على سوق العملة وايقاف تدهور الجنيه، بطباعة أكبر كمية من الورقة فئة (الخمسين) جنيها بدون غطاء، ليشترى كل الدولارات المعروضة فى السوق، وتشديد الرقابة على سوق العملة والقبض على التجار، وبالتالى يختفى الدولار، ولا يجد أحد دولارا واحدا يشتريه فيتراجع الدولار أمام الجنيه .. (مجرد شغل جربندية)!!

* وكان من الطبيعى أن يحدث العكس حسب نظرية العرض والطلب التى يعرفها كل أحد، فارتفع الدولار الى عنان السماء ووصل الى (40 جنيها)، ووجد النظام نفسه غارقا فى مخرجات أفكاره المتقيحة، فلم يعرف ماذا يفعل سوى إيفاد (شحاتيه) الى دول الخليج وتركيا لممارسة التسول والشحتة، وعندما لم يلتفت إليهم أحد عادوا يجرجرون أذيال الخيبة!!
* وما هى إلا بضعة أيام، حتى تفتق عقل النظام الخرب عن فكرة جهمنية أخرى تنضح عن الفكر الإجرامى الذى يحركه، وهى حرمان الناس من اموالهم فى البنوك وتعطيل عمل الصرافات بغرض تحجيم السيولة التى خلقها، وكأنه لم يكن يدرى أن ضحيتها الأولى سيكون هو الجنيه وليس الدولار، كما اعتقد الأغبياء !!

* صدرت الأوامر بمنع البنوك من تغذية الصرافات، ليعانى الناس أشد المعاناة، ويضطر من يريد الحصول على أقل القليل من المال أن يهاجر المسافات الطويلة مع أزمة البنزين والجاز والمواصلات، ليصل الى البنك بعد مشقة وعنت ووقت طويل ليجد الصفوف الطويلة فى انتظاره، ولم يكن حال الذين إءتمنوا البنوك على اموالهم أفضل، بعد أن خانت البنوك الأمانة وحرمتهم من الحصول على اموالهم، وهى جريمة يعاقب عليها القانون، فازداد الحال سوءا وتعطلت المصالح، وفقد النظام المصرفى ثقة الناس، وأوشك على الانهيار، إن لم يكن قد انهار !!

* وكان أن تفتقت عبقرية النظام عن فكرة تدل على (شغل العصابات) الذى ظل يمارسه طيلة ثلاثين عاما حكم فيها البلاد ودمرها وعاث فيها فسادا، وهى إبتزاز دول التحالف الذى يحارب فى اليمن، فأوعز لباشكتبته بالمطالبة بسحب الجنود السودانيين من اليمن عقابا للسعودية والأمارات على عدم الوقوف مع السودان فى أزمته، فتهافتوا ليملأوا الصحف بالغث والمخجل من الكلام القبيح الذى لا يشبه السودان واهله، وكانت معرة كبرى أن يصل النظام الى هذا المستوى من الفحش والخيبة والعار .. ورغم ذلك لم يقل له أحد (راسك فى كرعيك)، ولم يجنِ الا السخرية والعار، بينما خرج قادته منكسرين منهزمين وهم يصرحون أن الجنود السودانيين باقون فى اليمن!!

* الآن وبعد الدموع التى ذرفها وزير المالية، خرجت علينا العصابة بفكرة تغيير ورقة العملة فئة الخمسين، ولكن بتكتيك جديد وهو حجز الأوراق النقدية القديمة، وفتح حسابات لمورديها فى البنوك إن لم يكن لديهم حسابات، بل وإصدار دفاتر شيكات مجانية لهم، وإعفائهم من كل الرسوم، ليصرفوا ما أودعوه لاحقا عبر اجهزة الصراف الآلى والبنوك، بدلا عن تسليمهم العملة الجديدة عند تسليم القديمة، وهو نفس الإسلوب الإجرامى الذى بدأوا به عهدهم القبيح .. نفس البلطجة ونفس الإجرام وذات الغباء، ويعتقدون أنهم بهذا سيظلوا يحكمون ويعربدون !!
* هب أنكم أرغمتم المواطنين على إيداع كل أوراقهم النقدية فى البنوك، وليس فئة الخمسين فقط، فهل ستحرمونهم من الحصول عليها، وإلى متى، وهل تظنون أن هذه الجريمة الجديدة ستمنع اقتصادكم من الموت، ونظامكم المجرم من السقوط ؟!

مناظير – زهير السراج
صحيفة الجريدة