تحقيقات وتقارير

رفع كارت تسلل قانون الانتخابات …صدور مفاجئ وفيتو “شعبي”

بالرغم من أن حزب المؤتمر الشعبي كان جزءاً من خصوم اليوم المؤتمر الوطني ما قبل مفاصلة رمضان 1999 ويعرف كيف يفكرون وكيف يتعاملون مع القضايا السياسية ومتى يفصحون ومتى يكتمون وإلى أي حد يخبئون ما يريدون تغطيته أو ستره في غياهب محصنة. وهو أمر أكده الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني قبل أيام قليلة بشئ من الاعتزاز عندما قال : (نحن أصحاب المخزن القديم وعلى علم بمكامن الفساد). لكن أول أمس فوجيء أصحاب المخزن القديم بصدور مسودة قانون الانتخابات بعد صدورها بحوالي أسبوعين كما لم يتحصلوا على نسخة منها إلا قبل أيام قليلة من مناقشتها بمجلس الوزراء ولم يكن أمام المؤتمر الشعبي إلا أن يرفع أمينه العام ، د. علي الحاج، عالياً كارت تسلل على حزب المؤتمر الوطني محتجاً على محاولة تمريره بعيداً عن أعين الحزب والقوى السياسية الأخرى .

مزايدة سياسية

المؤتمر الوطني اعتبر احتجاج الشعبي نوعاً من المزايدة السياسية ، وقال على لسان رئيس القطاع السياسي للمؤتمر الوطني، د. عبد الرحمن الخضر، الذي أكد للصحيفة (الصيحة) أمس أنهم كونوا عشرين لجنة وتفاكروا مع الأمين السياسي للحزب المؤتمر الشعبي، د. الأمين عبد الرازق، عبر اجتماعات ثنائية، وقال إن المسودة هي تعديل لقانون 2014 وأدخلت عليه بعض التعديلات الإجرائية وأنها جاءت بناءً على رغبة أحزاب الحوار الوطني. وقال إن مائة وستين حزباً شاركوا في ثلاث ورش عمل عقدت بقاعة الشهيد الزبير وأنهم دخلوا في حوارات مباشرة مع الأحزاب ، بيد أن المؤتمر الوطني بذكائه السياسي يبدو إنه استأنس بآراء عدد من الأحزاب ما قبل صدور مسودة القانون من مجلس الوزراء في حين ترى القوى السياسية أنها كان ينبغي لها أن تشارك في وضع المسودة وليس التشاور حول نقاط محددة من الممكن أن تحسم داخل منضدة الحوار في مجلس الوزراء .

انتخاب مباشر

وفي هذا الإطار قال -الأول من أمس – الأمين السياسي للمؤتمر الشعب لـ(الصيحة) إن المؤتمر الوطني أدخل مسودة القانون دون علمنا، وقال إنهم طلبوا تسليمها لهم قبل دخول منضدة مجلس الوزراء لكنهم أرسلوها بعد أن نظر فيها ، وأشار إلى أن المسودة اختلفت مع رؤيتهم السياسية حول بعض القضايا مشيراً إلى انتخاب الولاة الذي جاء في مسودة القانون أن يتم عبر المجلس التشريعي بينما يرون هم أن يكون الانتخاب مباشرة من الشعب. وأشار إلى أنهم سجلوا النقاط الخلافية حول مسودة القانون والتي جاءت مخالفة لرؤية القوى السياسية ، مؤكدأً أنه كان ينبغي أن تعرض المسودة على كل القوى السياسية قبل صياغتها من وزارة العدل .

تصريحات ساخنة

إذا كان الأمين السياسي لحزب المؤتمر الوطني ،د. الأمين عبد الرازق، انصب حديثه في توضيح ملابسات تغيبهم عن مسودة القانون قبل إجازتها من مجلس الوزراء فإن د. على الحاج ،الأمين العام للحزب، انتقد بشدة موقف الوطني وقال إنه قام بصياغة المسودة بعيداً عن أعين القوى السياسية مما يعد تجاوزاً لنهج التوافق الذي انبنى عليه الوفاق الوطني. وأعلن عن عزم الحزب على توزيع مسودة القانون على نطاق واسع للجماهير للوقوف عليها مشيراً إلى إنهم سيقومون بعملية اصطفاف للقوى السياسية ضدها ومناقشة نهج المؤتمر الوطني الذي يعتمد على سياسة السرية مع شركائه وأن تناقش مقترحات القانون وما حوته من عيوب على الهواء الطلق. وهدد الحاج إنهم سيتخلون عن سياسة الصمت وقال إنهم سيتحدثون عبر الإعلام وفي كل مكان لتحديد أوجه القصور وكشفها وستكون البداية حول التعديلات الخاصة بقانون الانتخابات .

مستقبل الشراكة

ولعل الخلاف حول قانون الإنتخابات يفرز تساؤلًا ملحًا حول إمكانية تراجع المؤتمر الشعبي عن دخول السباق الانتخابي في العام 2020 وفضه للشراكة مع (الوطني) في حالة إصرار المؤتمر الوطني على تجاهل آراء حزب المؤتمر الشعبي حول مسودة القانون ، وهو أمر وارد باعتبار أن الوطني يبدو متحمساً جدًا لإجراء الانتخابات واكتساب شرعية جديدة لخمس سنوات قادمة بصرف النظر عن اتفاق القوى السياسية حول مدى مصداقية هذه الشرعية والتئامها مع اشتراطات وأسس الانتخابات الشفافة ، لكن ربما نظراً للظروف الاقتصادية الحرجة التي تعايشها البلاد وتئن من وقعها الجماهير فربما انحنى المؤتمر الوطني لعاصفة الغضب من شريكه السابق الشعبي والموافقة على إجراء تعديلات محدودة تحافظ على ماء وجه معارضيه ، كما تؤكد في ذات الوقت إن الوطني حريص على الوفاق الوطني و ليس خائفاً من معتركات النزال الانتخابي .

مواقف المعارضة

هناك أحزاب أكدت موقفها الواضح إزاء عدم المشاركة في الانتخابات كالحزب الشيوعي الذي يرى أن المشاركة في الانتخابات تعطي الحكومة شرعية لا تستحقها وأنهم يرون أن إسقاط النظام عن طريق الانتفاضة الشعبية هو خيارهم الذي لايمكن أن يساوموا عليه أو يتحاوروا حوله .أما حزب الأمة فهو لا يعترض على المشاركة في الانتخابات من حيث المبدأ لكنه يرى أن اشتراطات مشاركته فيها لا تتوفر حالياً من أهمها إلغاء التهم التي وجهتها الحكومة ضد زعيمه الصادق المهدي بالإضافة إلى إشاعة الحريات والاتفاق على حكومة انتقالية تقوم بعملية الانتخابات ، بينما يرفض المؤتمر الوطني فكرة الحكومة الانتقالية بشدة لكنه من الممكن أن يناقش أو يناور حول النقاط الأخرى. فالوطني يرى أن مفوضية الإنتخابات ستكون مستقلة وقادرة على تنظيم انتخابات حرة ونزيهة ، في حين ترى كل القوى السياسية إن الحكومة هي التي تعين أعضاء المفوضية وتقوم بتخصيص مخصصاتهم ، كما أن وجود الحكومة نفسها على سدة الحكم من شأنه أن يؤثر على إخراج انتخابات خالية من الدخل.

إشارة لطيفة

ومن الطرائف إنه نقل أن كمال عمر القيادي بالشعبي قال ( ناس الوطني ممكن يخلوا حتى ناس بيتكم يصوتوا ضدك). وهي إشارة لطيفة حول قدرة الوطني وبرجماتيته في تسيير الشأن السياسي والأمني وقدرته الفائقة على الاستقطاب ، وهو تعبير لم يكن بعيدًا تماماً عن واقع الانتخابات السابقة سيما انتخابات 2010 حيث فشل مرشحون في الحصول على أصوات أسرهم بل حتى أسماءهم لم يجدوها في حاصلة التصويت .

صحيفة الصيحة.