تحقيقات وتقارير

العنصرية ضد السودانيين .. (حادثة الحضانة اللبنانية) .. الردود الهادئة من الدبلوماسية وحتى (تويتر)

يحكي أن طباخاً انتهز فرصة حضور الرئيس الراحل الفريق إبراهيم عبود لأحد سرادق العزاء، ليشكو له ما يجده من سوء معاملة من قبل سفير دولة عربية وصلت حد الطرد والتلفظ بألفاظ نابيات، فما كان من الرئيس إلا أن وعد بمعالجة الأمر .في صبيحة اليوم التالي أقدم عبود على استدعاء السفير المعني، مع جلل الفعلة في العرف الدبلوماسي، ومن ثم وبخه قائلاً بما نما اليهم مما جرى لأحد (أولادنا) معتبراً ما تم أساءة شخصية له، تؤخذ على محمل الجد وتحسم بصورة فورية.

نذكر هذه القصة في سياق ما جرى لطفل سوداني في قضاء كسروان بلبنان، حيث تم منعه من الالتحاق بمرحلة الحضانة لأسباب عنصرية بحتة تتعلق برفض ذوي الأطفال اختلاطه بأبنائهم ذوي البشرة البيضاء، في حادثة تنطوي على انتهاك فظيع لحقوق الإنسان.

وأدانت الخرطوم الفعل العنصري، كما وجرت إدانته من قبيل تيارات ومؤسسات وشخصيات لبنانية مرموقة، ما قلل من حجم الصدمة.

حوادث صادمة

ولم تكن الحادثة الأولى التي يتعرض فيها سودانيون للإهانة والانتقاص فقد وقعت من قبل حوادث مماثلة منها ما جرى من وقائع اعتقال لـ (طفل الساعة) أحمد محمد بعد أن اشتبهت أستاذة أمريكية في تصنيعه قنبلة، فتم اقتياده إلى مقفر الشرطة بطريقة مهينة، ليتأكد لاحقاً إنه ما اخترع سوى ساعة بوسائل بسيطة. ولكن الطفل حظي لاحقاً باعتذار من الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما الذي دعاه وأسرته لتناول مأدبة في البيت الأبيض.

كذلك انتفضت الخرطوم خلال الأشهر القليلة الماضية بعد عرض مجموعة من الليبين مقاطع فيديو يظهر فيها سودانيون وهم تحت وطأة التعذيب والإهانة والانتقاص وسط أنباء عن فتح تحقيق بشأنها من قبل الاتحاد الإفريقي، وقتها أكدت مفوضة الشؤون الاجتماعية بالاتحاد الأفريقي، أميرة الفاضل، أن “مقاطع الفيديو المتداولة لسودانيين يتم تعذيبهم في ليبيا حديثة، وأنه تم فتح تحقيق بشأنها”.

بالمقابل كان تفاعل السودانيين بالداخل والخارج مع المواطن موسى البشير الذي تعرض هو الآخر لتعذيب وإهانة من قبل بعض المليشيات العراقية إبان الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية داعش عقب عرض مقطع فيديو بمواقع التواصل الاجتماعي لشخص ملتحٍ يبلغ من العمر حوالي “50” عامًا يتعرض للتعذيب إثر الاشتباه في اتنمائه للتنظيم، لتصدر بعدها مطالبات من مرتادي مواقع التواصل بالإسراع في اتخاذ الخطوات اللازمة لحماية السودانيين في كافة دول العالم .يذكر أن مسؤولًا رفيعًا في الداخلية العراقية زار موسى وتقدم له باعتذار رسمي وقدم له الجنسية العراقية.

كافة الإجراءات

سارعت وزارة الخارجية السودانية ممثلة في سفارة السودان بـ(بيروت) بالرد على خطوة منع الطفل السوداني من الالتحاق بإحدى الحضانات واعتبار ماحدث ينافي جميع الأعراف والقوانين والمواثيق الدولية التي تكفل احترام وتقدير الأمم والشعوب وعلاقات الدول فيما بينها. ويشير السفير الأسبق بوزارة الخارجية الرشيد أبو شامة في حديثه مع (الصيحة) إلى وجود عديد من الوسائل والأدوات التي بمقدور السودان اتخاذها للحفاظ على كرامة وإنسانية رعاياه في الخارج، وفي أقلها درجة استدعاء سفير الدولة المعنية وإبلاغه رفض الدولة لسلوك المنتهك وقد يصل الأمر في حال تكراره لسحب السفير أو قطع العلاقات إذ ما تطورت الأمور. مضيفاً بأن هناك أمورًا تستدعي توخي الحذر وذلك عبر دراسة نفسية وحالة الأمم والشعوب التي يبتعث إليها السفراء السودانيين، حيث أن مستوى ودور الدبلوماسية الشعبية والتداخل بين تلك المجتمعات بدوره يكسر حاجز التعامل وقطع أن هذا الأمر لا يعني التهاون او التقصير أمام الحفاظ على وحماية حقوق مواطني الدولة أينما وجدوا.

أسبقية

اثبتت وسائل التواصل الاجتماعي في البلاد، قدرة كبيرة في التصدي لكثير من من الأوضاع والتصريحات الخاطئة ذات الحمولات المنطوية على روح استعلاء وعنصرية أو تهدف إلى تكريس صورة ذهنية سالبة عن السوداني.

وبات موقع التدوينات القصيرة (تويتر) منصة لإجبار المتعدين لحدودهم على الاعتذار، ومن ثم لتكوين رأي مناصر حتى في الدولة التي صدر عن بعض رعايها السلوك المنافي للإنسانية.وخلال رمضان الفائت أعلن كوميدي كويتي اعتزاله التقليد بعد أن شن ضده السودانيون حملة عنيفة بسبب مقطع كوميدي عنصري، بينما في حادثة الحضانة كتب كثير من المثقفين والتيارات اللبنانية كتيار المستقبل تدوينات منددة بما جرى ومطالبات بإجراء تحقيق فوري. وعلى أهمية الدبلوماسية فقد أثبت رواد المنصات الاجتماعية في السودان أسبقيتهم وقدرتهم الكبيرة في التأثير والتغيير على حدٍ سواء، بل وانتزاع قصص ملهمة عن سودانيين في الغربة بحسب ما تراه العين العربية.

صحيفة الصيحة.