تحقيقات وتقارير

المونديال بعاصمة دولة جنوب السودان .. موسم الترفيه والأمن

الخمول الطاغي على جوبا عاصمة دولة جنوب السودان، قشعه الحماس المتفجّر لمتابعة مباريات كأس العالم لكرة القدم في روسيا.

فبعد أن كان سكان المدينة يهجعون إلى مخادعهم للنوم في ساعات مبكرة من المساء، جراء انقطاع الكهرباء وغياب وسائل الترفيه، باتت أمسياتهم رائقة على وقع مباريات المونديال التي يتابعونها في أندية عامة تنتشر في مختلف أحياء المدينة، وتبث مقابلات المنافسة الكروية العالمية.

ومع بداية مباريات المونديال من كل يوم، تتدفّق الحشود متجهة نحو تلك الأندية التي مثّلت ملاذا لعشاق كرة القدم، تكفل لهم متعة متابعة المونديال، من جهة، وكسر هاجس غياب الأمن وانتشار المجرمين المسلحين ليلا، من جهة أخرى.

وفي العاصمة جوبا لوحدها، ينتشر أكثر من 700 نادي للمشاهدة الجماعية لمباريات المونديال، تضمّ شاشات عملاقة للعرض، وتستخدم فيها مكبّرات الصوت التي تمكن المشاهدين من المتابعة. أما معضلة انقطاع الكهرباء، فيحلّها أصحاب تلك النوادي عبر اللجوء المولدات الكهربائية.

جيمس بيتر مكير، صاحب نادي “يونايتد” لمشاهدة مباريات كرة القدم، في شارع “طمبرة” بإحدى أكثر المناطق حيوية بالعاصمة: “هذا النادي يتسع لنحو 500 مشاهد من الجنسين”.

وأضاف للأناضول، أن “كأس العالم جعل المدينة تبدو أكثر حيوية، فالناس باتوا يتنقلون، دون خوف، حتى في ساعات متأخرة من الليل، ما ساهم في تقليص عدد الجرائم الليلية”.

وأمام تلك الأندية، ازدهرت تجارة بيع الوجبات الخفيفة والعصائر والشاي لجمهور المشاهدين، ما أنعش حركة التجارة البسيطة لسكان العديد من الأحياء والمناطق المجاورة للأندية بالمدينة.

من جانبه، يرى لاسو ماندي، وهو أحد مرتادي نادي “في. آي .بي” بحي “مونيكي” غرب العاصمة جوبا، أن المشاهدة الجماعية لمباريات المونديال هي ما شجّعه على الخروج وارتياد النادي المجاور.

ولفت، في حديث للأناضول، إلى أن “حركة الناس في الطرقات كسرت لديّ حاجز الخوف”.

وتابع: “في السابق، لم أكن أستطيع البقاء في النادي حتى منتصف الليل، لكن مع بداية مباريات كأس العالم، تشجعت كثيرا وأنا أرى هذا الكم الهائل من الشباب يخرجون لمشاهدة المباريات في الأندية المنتشرة بالحي”.

وأردف: “لقد هدأت الأوضاع، وانخفضت الاعتداءات الليلية التي كان يقوم بها المجرمون في السابق”.

مع حلول الساعة (21.00) من مساء كل يوم بالتوقيت المحلي لدولة جنوب السودان/ (الساعة 18.00 تغ)، وهو موعد انطلاق عدد من المونديال، تتعالى صيحات المشاهدين منبعثة من جميع الأرجاء الني تضم نادي مشاهدة جماعية.

ضوضاء ترتفع وتيرتها مع تسجيل هدف جديد من هذا الجانب أو ذاك، تتخللها تعليقات غاضبة مع ضياع فرصة تسجيل هدف أو ارتكاب مخالفة.

أجواء مميزة لا تفارق المشاهدين حتى عقب خروجهم من النوادي، لتتعالى هتافات المترجلين منهم تمدح هذا الفريق أو تنتقد أداء آخر، فيما يعبر أصحاب السيارات عن تفاعلهم عبر ضبط أبواق سياراتهم على إيقاع منتظم.
وفي منطقة “قوري” أقصى غربي جوبا، والتي تضم أكثر من 3 أندية لمشاهدة مباريات كأس العالم، يقول فاشاي مايكل، أحد رواد المكان: “أوقفنا الدوريات الليلية التي كنا- نحن شباب الحي- نقوم بها للتصدي للجرائم والاعتداءات من قبل المجرمين المسلحين”.

وأضاف للأناضول، أن “الحراك الذي خلقته أجواء المونديال، قلّص من الجرائم، بفضل الحركة المستمرة حتى ساعات متأخرة من الليل”.

وأردف: “تخلينا عن دوريات الحراسة الليلية التي كنا نقيمها لمنع جرائم النهب والاعتداءات التي يقوم بها المجرمون في هذه المنطقة، وذلك لأن كأس العالم خلق حراكا كبيرا”.

وتابع أن “الشباب يجوبون الطرقات، والمحلات تفتح أبوابها حتى في ساعات متأخرة من الليل، فالكل هنا يتابع المونديال: شباب ومسنون وحتى الفتيات”.

وتعقيبا عن الموضوع، قال دانيال جاستين ، المتحدث باسم الشرطة في دولة جنوب السودان، إن “أندية المشاهدة الجماعية المنتشرة في العاصمة جوبا، استطاعت أن تخلق حراكا كبيرا، كما أنها بعثت الطمأنينة بنفوس المواطنين”.

وأضاف جاستين، في تصريح للأناضول، أن “المونديال ساهم في إرساء الهدوء بالمدينة، كما أنه ساعدنا في عملنا، حيث أصبح تركيزنا منصبا على تأمين الأندية فقط، وإقامة حواجز في الشوارع والتقاطعات الرئيسية”.

أما متابعو المونديال في أندية المشاهدة الجماعية بالعاصمة جوبا، فينظرون لهذه المنافسة الكروية الدولية على أنها موسم للترفيه والتخلص من الضغوط اليومية التي يعانونها في مدينة تنعدم فيها وسائل الراحة و الترفيه، وتصعب فيها الحركة في ساعات الليل، بسبب جرائم النهب والسطو المسلح.

وكالة الأناضول