قانون الصحافة والمطبوعات المعدل ..نظرة عن قرب

أثار قانون الصحافة والمطبوعات كثيرا من الجدل داخل الوسط الصحفي عقب انعقاد لجنة تعديلات قانون الصحافة والمطبوعات التي كشفت عن حذف عدد من المواد المقترحة بالقانون، ومن بينها منح المجلس القومي للصحافة صلاحية تعليق صدور الصحيفة إلى فترة بجانب إيقاف الصحفي عن الكتابة للمدة التي يراها مناسبة وعدد من العقوبات، مما خلق إحباطاً وسط الصحفيين واعتبروه منعا للحرية والتعبير لتقف «الإنتباهة» على القانون المعدل وتطرق كافة الجهات ذات الصلة ليعترض بعضهم ويقبل به الآخرون بينما نجد ان جهات تتدخل لإعادة تعديل البنود التي اثير حولها الجدل .
تفادي الأخطاء :
وقفت “الإنتباهة” لجمع آراء والتحقق حول ما أثاره قانون الصحافة والمطبوعات المعدل لتبدأ بمجلس الصحافة باعتباره الجهة التي وكل له الرقابة وفرض العقوبات على المؤسسات الصحفية والصحافيين ويقول الخبير الإعلامي وعضو بمجلس الصحافة والمطبوعات د.عادل محجوب يقول لـ”الإنتباهة” ان المشكلة ليست في تشديد العقوبات وانما في عدم إلمام الصحفي بالثقافة القانونية التي توجب عليه الانضباط في كتاباته لتفادي الوقوع في الأخطاء والتسبب في ضرر الآخرين، واضاف ان في كثير من الأحيان يتعدى الصحفي على خصوصية الأفراد مما يستدعي ضرورة فرض قوانين مشددة، ولفت الى ان الأسباب الأساسية التي تقود الحكومات لوضع قوانين هو المحافظة على السلامة العامة والامن القومي، ولا يتم ذلك إلا بالتزام الصحفي للمبادئ العامة ولا يقع في المواد التي تضره وتوقفه عن الكتابة .
ترسيخ المنهج :
وبما ان الاساتذة بالجامعات والكليات الإعلامية على وجه الخصوص يقدمون للطالب مقرراً عليما خاصة بفنون الكتابة الصحفية والعمل الصحفي، مما يؤهلهم للخروج الى بيئة العمل ، نجد ان استاذ الإعلام بجامعة السودان للعلوم والتكنلوجيا كلية علوم الاتصال د. ياسر بابكر يقول لـ”الإنتباهة” إن الدراسة والمناهج التعليمية يجب أن ترسخ للأمثل وهي الحريات لتطور الصحافة والإبداع فيه و لابد من الحرية في التعبير وهي حق طبيعي و ما دونه يكون استثناء، وبالتالي فلا أرى أن الدراسة تتعارض مع الواقع خاصة أن مادة الأخلاقيات والتشريعات الإعلامية تواكب آخر تطورات القانون لتضع الطلاب في واقع ممارساتنا، كما ان المناهج تتطور . وهناك دوما تطوير مناهج خاصة أن الإعلام متطور ومتجدد بسرعة كبيرة ونلاحظ تأخر المواد المتعلقة بالصحافة الإلكترونية مقارنة بانتشارها منذ فترة في السودان، حيث أننا ندرس الطلاب الإعلام الجديد وتطوراته وصحافة المواطن، بينما لم يتضمن في القانون الصحافة الإلكترونية إلا مؤخرا .
إعادة نظر :
و يؤكد مدير تحرير صحيفة الوفاق احمد حسين موافقتهم بإجازة قانون الصحافة وقال لكن قبل ذلك يجب الالتفات الى ملاحظات أصحاب المهنة ” الصحافيين” الذين أبدوا آراءهم في عدد من المواد خاصة المتعلقة بسحب الرخصة ورفع سن رئيس التحرير والذي يشير ضمناً الى تفويت الفرصة على الشباب، وبما أن المهنة تحتاج للشباب فلابد من إعادة النظر في هذا المحور، اضافة الى ضرورة مراجعة بعض البنود لأنه لم يطرح لأهل الاختصاص، وإن تم ذلك كان يمكن أن يخرج بشكل أفضل، وأضاف ان الذين يرفضون المحاسبة الواردة في القانون ليسوا على حق، وإن أية مهنة لابد لها من تنظيم ولا تكون نهباً للكل ، واكد على ضرورة إعادة النظر في بعض مواده ومن ثم عرضه للإجازة النهائية حتى يكون مرضياً لكافة الأطراف .
سلب حقوق :
لتبدي الإعلامية بقناة الشروق رشا ابراهيم اعتراضها على القانون الذي اتهمته بسلب حرية الصحفي, وقالت عند صدور تعديلات على اي قانون مثل قانون الصحافة كان يتوقع منه مزيدا من الحريات و الضمانات لممارسة المهنة ،بجانب الوضوح في كافة مواده لكن ما حدث عكساً لما جاءت به التعديلات وما تحمله من تقييد لحريات ممارسة العمل الصحفي, فى وقت يتوجه كل العالم الى منح الإعلاميين والصحفيين حريتهم في التعبير والممارسة المهنية . وقالت ان التعديل الجديد اهمل تماما الصحافة الالكترونية التي أصبحت تسير بالتوازي مع الصحافة الورقية وذلك كفيل بإبعاد الصحافة السودانية عن العالمية ، وأشارت الى اهمية ضمانات العمل والممارسة للصحفي وتعد من أهم البنود التي تحتاج للمزيد من الحرص والوضوح في التعامل معها وكذلك بنود ايقاف ومعاقبة الصحف جاءت اكثر اجحافا في حق الصحف. ولفتت الى ان العالم يتوجه نحو منح المزيد من الحريات ، وجعل الصحافة سلطة ثانية قبل ان تكون رابعة ، ولكن يبدو ان علينا ألا نتفاءل اكثر مما يجب.
تحت المراجعة :
ليوضح رئيس الاتحاد العام للصحافيين السودانيين الصادق الرزيقي ، أن الاجتماع ناقش مجمل التعديلات، مشيراً للتوافق حول القضايا المطروحة، وكشف الرزيقي عن حذف بعض المواد التي وصفها بأنها كانت تشتط في العقوبات من بينها مدة إيقاف الصحيفة وإيقاف الصحفيين عن الكتابة وغيرها من المواد التي كانت تحمل تعسفاً واضحاً، وذكر الرزيقي أنه برزت مقترحات بناءة بما يرضي الوسط الصحفي ويرشد العمل الصحفي ، وقال الرزيقي لـ”الإنتباهة” ان القانون وردت به أخطاء وهو امام مجلس الوزراء وتم الاعتراض عليه منذ مرحلة إعداد القانون الامر الذي جعله يخضع الى المراجعة في الوقت الحالي الى حين إيداعه البرلمان. وأشار الى ان المجتمع الصحفى يناهض اي تعديلات بها مساس لحرية الصحفي وحقه في الحصول على المعلومات وحريته الكاملة في العمل دون الدخول في منازعات والمخالفات المتعلقة بجرائم النشر التي تؤدي الى القضاء ، وقال الرزيقي لا مجال لمعاقبة الصحفي من خلال الرغبات الاجارية لمجلس الصحافة وباعتبار أن صلاحيته فقط تتمثل في الصحفي العام للمؤسسة الصحفية ويوقع جزاءاته عليها عبر التأنيب المنشور او الإنذار بالإيقاف لمدة ثلاثة أيام بموجب قانون 2009م, ولفت الى ان اي عقوبات اضافية غير التي وردت في التعديل الجديد تتعارض كليا لما ورد في القانون خاصة المادة التي تتعلق بالمبادئ العامة لحرية الصحافة والصحافيين . وأضاف الرزيقي ان القانون سيخضع الى نقاش طويل داخل البرلمان بالاشتراك مع الكتل السياسية عبر تنظيم جلسات وورش عمل حول القانون, مطمئنا ان النقاش سيتيح فرصا اكبر للصحافيين لإبداء آرائهم حول ما يتضمنه القانون المعدل .
محاولات التعديل :
وباعتبار ان لاتحاد الصحافيين رأياً في بعض النقاط بالقانون المعدل, سرد نقيب الصحفيين الصادق الرزيقي، الخطوات الاولى التي جرت في التعديل . وقال لـ”الإنتباهة” بدأت مرحلة التعديل للقانون منذ عام 2012م ليصل اكثر من مرة الى مجلس الوزراء ويتم إرجاعه حتى تم تكوين لجنة في عام 2016م برئاسة رئيس مجلس الصحافة والمطبوعات فضل الله محمد ووزير العدل السابق عوض الحسن واتحاد الصحافيين اضافة للسلطة القضائية وعدد كبير من خبراء الإعلام والقانون, وتم ذلك بغرض التعديل لحوالي “12” مادة بينها “6 ” مواد أثارت خلافا حاداً عندما قدم القانون لمجلس الوزراء ليعطي مهلة شهر للمراجعة مرة اخرى والالتفاف حول نقاط الخلاف. وأشار الرزيقي الى ان الاتحاد بدوره قدم ورقه تحوي رؤيته الكاملة للتعديلات ودفع بها الى مجلس الصحافة والمطبوعات لتتكون لجنة مصغرة من وزارة الإعلام والاتحاد ومجلس الصحافة ولجنه قانونية لإعداد الصياغة النهائية لمسودة التعديلات التي أجيزت مؤخرا بمجلس الوزراء. وقال ليس من بين هذه التعديلات المسودة المعنية التي تثير الآن الجدل حول ما يتضمنه القانون من عقوبات .
البرلمان يترقب :
يترقب البرلمان وصول قانون الصحافة والمطبوعات المعدل خلال الايام القادمة وبكل تأكيد له الرأي الفاصل والحاسم في إيجازته بشكله الحالي او إحداث التغييرات التي تصب في مصلحة الصحافيين. وصلت “الإنتباهة” الى نائب رئيس لجنة الإعلام بالمجلس الوطني الطاهر عبود الذي قال ان البرلمان سيعقد جلسة سماع فور وصول القانون اليه, ولفت الى ان الجلسة ستضم عددا كبيرا من الإعلاميين والمؤسسات ذات شأن بالموضوع, وقال لدينا أمل كبير في ان يخرج القانون بتوحيد الرؤى بين الإعلاميين والاستفادة من الحرية التي تتاح اليهم في تحسين الوضع الاجتماعي بالبلاد لحاجتها الماسة في خدمة الإعلاميين بالتوجيه والتثقيف لكثير من النواحي الاجتماعية. وقال عبود ان القانون دولة يأتي لحماية الناس وليس لظلمهم ,فكل مجال يحتاج الى تنظيم قانوني حتى يسير الى الأفضل. وأضاف كلنا نأمل بأن الصحفي يتحول بدلا من ناقد إلى منادٍ للارتقاء بالمجتمع والمشاركة في زيادة الإنتاج والانتاجية وتحسين الوضع بالبلاد بشكل أكثر فعالية.
تحقيق : نجلاء عباس
صحيفة الإنتباهة